النفط اليمني..ثروة دفينة واقتصاد مغيَّب
مجلة تحليلات العصر - أمين النهمي /مجلة يمن ثبات(العدد الثالث9/2020)
يمتلك «اليمن» ثروة نفطية كبيرة وضخمة جداً، حيث تقدر احتياطات النفط بمئات الآلاف من البراميل، ويعتبر من أهم مصادر الدخل القومي، حيث ينتج اليمن مئات الآلاف من البراميل من البترول ويصدرها يومياً عبر موانئه المختلفة التي تقع على «البحر الأحمر» و «خليج عدن» و «بحر العرب»، كما تمثل مشتقات الهيدروكربونات نسبة كبيرة من الدخل القومي، ويساهم الذهب الأسود بدرجة كبيرة في ميزان المدفوعات، ويؤدي لإنعاش اقتصاد هذا البلد الذي يعاني من الجفاف في العقود الأخيرة.
اليمن يستحوذ على 34% من مخزون النفط العالمي
أكبر منبع للنفط في محافظة الجوف المجاورة للسعودية
خيرات واعدة:
وكان أحد السفراء الأمريكيين السابقين قال ذات مرة: إن اليمن لا زالت بكرًا، بكراً بثرواتها وخيراتها، لا زالت مليئة بهذه الخيرات الواعدة من البترول والنفط والمعادن والغاز وأشياء كثيرة(1).
ووفقاً لتقارير عالمية ومحلية، يمتلك اليمن ثروات هائلة، وأهمها الثروة النفطية، ستجعل من هذا البلد الفقير أحد أهم الدول المنتجة والمصدرة للنفط، الأمر الذي سينعكس مباشرة على الوضع التنموي والمعيشي للمواطنين، وسيرتفع دخل المواطن اليمني إلى مستويات دخل الفرد في الدول المتقدمة، غير أن هذا الأمر -بحسب خبراء اقتصاد – يحتاج إلى أن تتوجه الحكومة بكل ثقلها إلى الاستثمارات النفطية والغازية على وجه التحديد، والعمل على جذب رؤوس أموال في مختلف المجالات.
34% من احتياطي النفط العالمي في اليمن:
تمتلك محافظات «مأرب» و «الجوف» و«شبوة» و «حضرموت» كمّا هائلاً من الثروة النفطية والغازية، حيث قدرت أبحاث علمية وشركات عالمية للتنقيب أنه يفوق النفط الخليجي، وفي العقود الثلاثة الأخيرة كان هناك اتفاق سعودي أمريكي غربي لعرقلة أي استفادة لليمن من المخزون النفطي لأجل تطوير الاقتصاد والمجتمع.
وكشفت تقارير ودراسات جيولوجية حديثة عن اكتشافات نفطية كبيرة بمحافظة «الجوف» شمال البلاد، موضحة أنه -ومن خلال تلك الاكتشافات- قد يصبح «اليمن» أحد أكبر مصدري النفط في المنطقة والعالم.
وبحسب التقارير الاقتصادية، اليمن يمتلك مخزوناً نفطياً كبيراً يؤهله بأن يستحوذ على 34% من مخزون النفط العالمي، وأكبر منبع نفط في العالم يوجد على الحدود السعودية اليمنية، حيث يمتد قسم منه إلى السعودية بجزء بسيط على عمق 1800 متر، إلّا أنها أوضحت بأن المخزون الكبير هو تحت أرض اليمن، ويُعتبر الأول في العالم، من حيث المخزون، وإذا كانت السعودية تمتلك 34% من مخزون النفط العالمي، فإن اكتشاف هذه الآبار من النفط في اليمن يجعل اليمن تمتلك 34% من المخزون العالمي الإضافي.
إمكانات واعدة للأحواض النفطية في اليمن:
أشار تقرير بعنوان «تقييم الإمكانات النفطية من أجل بناء اقتصاد وطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي»(2)، إلى أن اليمن لاتزال واعدة من ناحية استكشاف حقول وأحواض نفطية جديدة، كون أكثر من 80% من الأحواض الرسوبية في اليمن، وهي المناطق المؤهلة لتكوين نظام بترولي، لاتزال غير مكتشفة، ويقدر الاحتياطي العام من النفط في الجمهورية اليمنية بـ9 مليارات برميل. ومن الجدير بالذكر أن المعلومات المتنامية حول الأحواض الرسوبية في اليمن تشير إلى أن هناك مناطق امتياز عديدة واعدة تقع في أحواض رسوبية.
استكشاف وتطوير الأحواض النفطية في اليمن:
بناءً على دراسة شاملة أجرتها «شركة أولتارا الاستشارية ULTARE»، في نهاية عام 2019، كمبادرة تهدف إلى تقييم الإمكانات النفطية للأحواض الترسيبية والنفطية في اليمن، وأهم ما جاء فيها: اليمن في الترتيب 29 في تصنيف احتياطيات النفط.
فيما يخص الأحواض المنتجة: تقدر الاحتياطيات المعروفة والمثبتة بحدود 3 مليارات برميل نفط، في (حوض شبوة ـ مأرب + حوض سيئون ـ المسيلة)، والتي تمثل الأحواض المنتجة في اليمن، وتضع اليمن في الترتيب 29 في تصنيف احتياطيات النفط، كما تبلغ احتياطيات الغاز 16 تريليون قدم مكعبة، وتضع اليمن بالترتيب 32 بين دول العالم التي تمتلك احتياطيات غازية (تقديرات عام 2017). الجدير ذكره أن إجمالي ما تم إنتاجه من الاحتياطيات المعروفة يصل إلى 65% ولم يعد متبقياً في الحقول النفطية قابلاً للإنتاج إلا ما يقارب 35% أي ما يقارب مليار برميل نفط.
9 مليارات برميل نفط… احتياطي:
من جانب آخر، وبناء على دراسات فنية قامت بها هيئات دولية متخصصة وشركات نفطية، توقعت استكشافات جديدة في حوضي «السبعتين» و «المسيلة»، يصل حجم الاحتياطيات المحتملة فيها إلى 9 مليارات برميل نفط. يدعم ذلك العديد من الشواهد النفطية ونتائج الآبار الواعدة في قطاعات مأرب شبوة المتعددة. كما أشارت الدراسة إلى تأكيد وجود احتياطيات كبيرة من النفط غير التقليدي لم تستكشف بعد (موارد نفطية لم تكتشف بعد YTF) وتم التأكيد عليها بناء على دراسة نوعية صخور المصدر وامتداداته ونسبة المادة العضوية وقابليته لتوليد النفط، سواء في «حوض السبعتين» أو في «حوض المسيلة» من قبل أكاديميين يمنيين (د. محمد الحكيمي، د. نبيل العريق، د. عادل المطري، د. عبد الوهاب العوج، وآخرين).
فرص كبيرة لاستكشافات جديدة:
وفيما يخص الأحواض غير المستكشفة: أثبتت نتائج عمليات الاستكشاف والآبار المحفورة في القطاعات الاستكشافية والأحواض غير المستكشفة، وجود نظام بترولي يستوجب استمرار عملية الاستكشاف والتقييم، مع أن أغلبها لم تخترق التتابع الطبقي للحوض وصولاً إلى صخور الأساس، كما تفتقر اليمن بشكل عام إلى دراسات متكاملة عن النظام البترولي للأحواض الترسيبية. ولهذا هنالك فرص كبيرة لاستكشافات جديدة في هذه الأحواض، مما يوجب أخذها بعين الاعتبار في صياغة استراتيجية مستقبلية لتطوير قطاع النفط واستكشاف الأحواض على اليابسة وفي المناطق المغمورة.
الهدف الحقيقي للعدوان:
تظل أطماع العرب والغرب في اليمن وعلى حد سواء تهدف منذ عقود للسيطرة على ثروات اليمن النفطية، وكذا موانئه وممراته المائية؛ لما لها من أهمية عالمية من حيث الموقع الاستراتيجي، وهو ما كشفته الكثير من التقارير العربية والغربية.
حيث أكدت تقارير حديثة أن الأمر أضحى الآن جلياً من خلال الخطوات التي تنفذها كل من الإمارات والسعودية في المحافظات الجنوبية، وبالتنسيق مع «أمريكا» و «بريطانيا» اللتين تطمحان أيضاً للسيطرة على الممرات المائية الهامة لليمن وثرواته النفطية.
الأمر الذي أشار إليه قائد الثورة «السيد عبد الملك الحوثي»، بالقول: «لدينا كميات هائلة من النفط، بعضها أخرجوه، وكان ينهب الكثير منه، وعائداته كانت تضيع، وبعضها لم يستخرج استرضاء لدول معينة أرادت الانتظار حتى يتهيأ لها فرصة السيطرة المباشرة لتسرقه، أمثال النظام السعودي برعاية شركات أمريكية وغربية، والنظام الإماراتي كذلك»(3).
208 آلاف برميل يتم نهبها ..لــ70 عاماً:
في الوقت الذي تعاني البلاد تردياً اقتصادياً خلّفه العدوان الإجرامي على اليمن منذ عام 2015 وحتى اليوم، وما صاحب هذا العدوان من نهب لثروات البلاد ومقدراتها، وسياسة التجويع المتعمدة تجاه أبنائها، تتكشف أطماع السعودية في ثروات اليمن، كما تتوالى خطوات تنفيذ مخططاتها الرامية إلى تفتيت البلاد وتجزئتها، بما يضمن هيمنة الرياض على الأرض واستفرادها بالثروات.
استراتيجية جديدة اتّبعتها السعودية في سبيل نهب نفط اليمن، لكنها اليوم تحاول السيطرة الكاملة على ما بعد الحدود، من خلال إبرام الاتفاقات؛ لتحصل على امتياز يخولها نهب هذه الثروة لـ 7 عقود مقبلة.
نهب سعودي إماراتي لثروات اليمن:
كشف وزير النفط والمعادن اليمني «أحمد دارس»، خلال الأيام الماضية لـ «قناة المسيرة الفضائية» عن حجم الكميات النفطية المنهوبة من قبل قوى العدوان والمرتزقة، والتي بلغت خلال عام 2018م 18 مليون برميل، وخلال 2019 بلغت 29 مليوناً و500 ألف برميل، لافتًا إلى أن قوى العدوان تنهب النفط اليمني وتذهب عائداته إلى البنوك السعودية، بينما شعبنا يعاني من نفاد هذه المشتقات، مبيناً أن كلفة المشتقات النفطية المنهوبة من قوى العدوان خلال العام 2018 فقط بلغت ملياراً و250 مليون دولار.
من جانبه، قال مدير إيرادات النفط بوزارة المالية «سليم الجعدبي»: إنه تم نهب أكثر من 120 مليون برميل نفط منذ بداية العدوان، بقيمة إجمالية تصل إلى 12 ترليون ريال، وهذا المبلغ يمكن أن يغطي مرتبات الموظفين في الجمهورية لما يصل إلى 12 عاماً.
الضغط على النظام السابق لإيقاف التنقيب:
وعلى مدى عقود ظلت السعودية تعرقل التنقيب عن النفط في محافظة الجوف اليمنية، والذي قد يحول اليمن في حالة استخراجه إلى أكبر منتج للنفط في المنطقة.
هذه الثروات النفطية الهائلة دفعت بالسعودية إلى محاولة الاستيلاء على هذه الثروة الهائلة وإيقاف اليمن من استغلال هذه الثروة، فعقب الاتفاق بين «الجمهورية اليمنية» و«شركة هنت» للتنقيب عن حقول النفط في محافظة الجوف عام 1984 سارعت السعودية إلى الضغط على النظام السابق لإيقاف التنقيب، وهو ما تم بالفعل، حيث تم تجميد التنقيب عن النفط في المحافظة، ولأسباب غير معروفة، وتفيد المعلومات أن هذا الإيقاف تم بقرار سياسي تقف وراءه السعودية.
السعودية تسرق خمسة ملايين برميل يومياً من حقل الجوف:
حيث كشفت وسائل إعلامية، نقلاً عن خبراء في مجال النفط: أن السعودية استغلت الاتفاقية الموقعة عام 2000 بين «اليمن» و«السعودية» بمدينة «جدة» لسرقة النفط من «محافظة الجوف»، حيث يتم إنتاج خمسة ملايين برميل يومياً من حقل الجوف، ويتم سحبه بطريقة أفقية إلى الأراضي السعودية واستخراجه عبر الحقول النفطية الممتدة على الجهة الأخرى في الحدود السعودية.
أطماع سعودية للسيطرة على حضرموت:
خلال العدوان على اليمن تؤكد التقارير أن الأطماع السعودية تتجه نحو السيطرة على «محافظة حضرموت» والاستمرار في تغذية الصراعات القبلية في «مأرب» و»الجوف» منذ عقود، وهي المحافظات التي تمثل واحداً من أضخم الاحتياطيات النفطية في العالم. وقدّرت أبحاث علمية وشركات عالمية للتنقيب: أنه يفوق نفط الخليج بأكمله، وهذا ما يفسر الجهد المتواصل من السعودية -ومنذ ثلاثة عقود على الأقل- لعرقلة أي استفادة لليمن من المخزون النفطي لأجل تطوير الاقتصاد والمجتمع.
أطماع الغرب في اليمن:
منذ ثمانينيات القرن الماضي -وكما تفيد التقارير- برزت أطماع «أمريكا» في «اليمن» من خلال قرارها التنقيب عن النفط في اليمن؛ ومنعاً لإثارة حساسية الرياض، أوكلت مهمة التنقيب إلى شركات صغيرة، أبرزها «شركة هنت» الأميركية.
وما يعزز حقيقة أطماع الغرب في الثروة النفطية لليمن: ما نشرته قناة «سكاي نيوز» الأميركية بتاريخ 8/1/2013، إذ بثت تقريراً تضمن القول بأن اليمن يستحوذ على 34% من مخزون النفط العالمي، وأن أكبر منبع للنفط في «محافظة الجوف» المجاورة للسعودية.
إلى ذلك قال تقرير فرنسي تحت عنوان: (حقائق وأسباب الحرب وأطماع الغرب والسعودية بثروات اليمن) نشر في موقع «أجورا فوكس» الفرنسي: إن الحروب والأزمات التي تشهدها اليمن منذ عقود طويلة تكمن في محاولة السعودية الاحتكار للموارد النفطية التابعة لليمن وتحت ذرائع وهمية، لكن الهدف الحقيقي منها، هو التسبب في انخفاض الموارد النفطية لليمن، حيث إن العدوان الأخير الذي شنته السعودية بدعم أمريكي ضد اليمنيين يندرج تحت هذا المغزى، علاوة على ذلك، تؤكد الشواهد أن هدف أمريكا وإسرائيل، وبريطانيا، والسعودية والإمارات، من العدوان الحالي على اليمن يكمن في الاستيلاء على منابع النفط والغاز والممرات المائية ونهب ثروات اليمن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1 – خطاب قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي بمناسبة جمعة رجب 1438هــ.
2 – دراسة تقييمية تكشف عن إمكانات نفطية هائلة، نشرها الجيولوجيان عبدالغني جغمان وأحمد محمد العدني، في مجلة (نرتقي لنكتفي)، العدد (11) يونيو 2020م، (بتصرف).
3 – خطاب قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي بمناسبة مرور 1000يوم من العدوان على اليمن.