اليمن:الصمَّادُ عنوانٌ للصمود والثبات
غازي منير
العصر-ليس هناك مفردات في اللغة العربية يمكن أن تفي في التعبير عن الشهيد الرئيس صالح الصماد سلام الله عليه، تعجز الأقلام عن الكتابة عنه وتتلعثم الألسن عند وصفه وتخفق القلوب محبة واحتراماً له وتنبهر العقول إعجاباً به وتنحني الرؤوس إجلالاً له.
كيف لا وهو من جسد القرآن والإيمان والأخلاق والمبادئ والقيم والحنكة والسياسة والدهاء والذكاء والبلاغة والفصاحة في أبهى وأرقى المعاني.
الشهيد الصماد كان يدرك جيِّدًا معنى المسؤولية ولم يقبل بها إلا بعد إلحاح عليه ليس لخطورة المرحلة وإنما استشعار لما يتوجب عليه فعله وتحملها بقدرة وكفاءة منقطعة النظير وكان نموذجاً راقياً للمسؤول الكفء المتميز وكان له مميزات لم ير الشعب اليمني مثلها في رئيس قبله قط.
تميز الشهيد الصمَّـاد بسعة صدره الكبيرة وتقبله للرأي والرأي الآخر واحتضانه للشعب اليمني بكل أحزابه ومكوناته وطوائفه وتميز بقربه من الناس وملامسته لواقع الناس وحمله لهمومهم ومشاكلهم وتكثيف اللقاءات بالوجاهات الاجتماعية والنشاطات التي تمكّن من توحيد الصف الداخلي لتجعل الشعب لحمة واحدة للاتّجاه نحو أول الاهتمامات والتوجّـه نحو مواجهة العدوان الذي على البلد.
وأيضاً مما تميز به هو نزاهته وبعده كُـلّ البعد عن الفساد المادي لدرجة أنه كان يعتمد في تمويل أموره الشخصية مما لديه هو ومن أملاكه الشخصية هو وأسرته وأصدقائه ولا يقبل أن تمول أموره الشخصية من المال العام وفي السياق نستحضر من سبقه من الرؤساء وما أخذوه لهم من الحق العام للشعب اليمني والذي لا يزال لديهم أرصدة في البنوك الخارجية حتى اللحظة.
وفي السياق أَيْـضاً نستحضر بعضاً من ضعفاء النفوس وقليلي الإيمان والضمير الذين في ما إن وصلوا إلى منصب بسيط فتتغير نفسياتهم وأخلاقهم ويتعاملون مع الناس بتكبر وعجب وغرور ويريدون تحقيق المكاسب الشخصية المادية والمعنوية ولكن الشهيد الصماد كان شريفاً نزيهاً عفيفاً صادقاً لم يسرق على هذا الشعب مثقال ذرة بل إنه وهب روحه لهذا الشعب وقدم نموذجاً راقياً للمدرسة العلوية التي ينتمي إليها وهو كان النموذج الأمثل للرئيس الذي سيحقّق آمال وتطلعات الشعب وسيؤمن ويحقّق حرية وسيادة واستقلال البلد والشعب وحمايتهما والنهوض بالاقتصاد والتعليم.
ولكن الأعداء يغتاظون من هذا ولا يردون هذا لليمن وشعبه بل يريدون رئيساً له خادماً مطيعاً لهم ينفذ أجندتهم ويفعل ما يأمرونه وينتهي عما ينهونه عنه، يريدون رئيساً يتحول إلى مدير قسم شرطة ينفذ لهم ما يريدونه هم أي الأمريكيين ومن سار في فلكهم كآل سعود الذي لديهم وصية من جدهم أن بقاءهم مرهون بتمزيق اليمن وهلاكهم بتوحد اليمن واستقراره، أي هؤلاء وأُولئك يريدون رئيساً لليمن تابعاً لهم وخادماً لهم لا خادماً للشعب فبتوجيه أمريكي وتنفيذ سعوديّ قاموا باغتيال الرئيس الشهيد الصماد ظناً منهم أنهم سيكسرون إرادَة وصمود الشعب اليمني وسيوهنون من عزائمه ولكنهم كانوا واهمين وبعد اغتياله وفي مراسيم تشييعه انذهلوا من الزخم الشعبي المهيب وفي تلك اللحظة أرسلوا طائراتهم للاستعراض فوق سماء ميدان السبعين المكتظ بمحبي الشهيد الصماد وقاموا بشن غارات جوية على النهدين وعلى أماكن قريبة منهم بغية إخافتهم ولكن الحشود بقيت صامدة وشامخة كصمود وشموخ شهيدها الرئيس وكأنهم كلهم صماد.
بل إن استشهاده مثل دافعاً قوياً للحكومة وللشعب وزادت عزائمهم وإرادتهم في حمل الإرث الذي عليهم وبتوحد أكثر وبعزيمة وإصرار وقوة وتحد أكبر توجّـهوا لمواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الغاشم الذي منذ أولى غاراته وإلى اليوم يثبت أكثر وأكثر أنه ذو نزعة شيطانية إجرامية وروح دموية وأنه يمعن ويستلذ في قتل وتعذيب الشعب اليمني بكل من فيه نسائه وأطفاله وشيوخه ورجاله كباراً وصغاراً بجميع مكوناتهم السياسية والمذهبية، قتل الجميع في الأسواق والطرقات والمدارس والمساجد وصالات العزاء والأفراح ودمّـر البنية التحتية وحاصر الجميع أرضاً وإنساناً حصاراً جويًّا وبرياً وبحرياً ولا زال حتى اللحظة.
ولكن لا ننسى أن الشعب اليمني وجيشه ولجانه الشعبية بثقافتهم القرآنية وبتوليهم لله ورسوله وأعلام الهدى -عليهم السلام- وبشجاعته وصموده واستبساله وتضحيته وبحكمة وحنكة قيادته الثورية والسياسية وقف صخرة صماء تحطمت أمامها كُـلّ مؤامرات الأعداء وخابت كُـلّ رهاناتهم وسيستلهم من الشهيد الرئيس صالح الصماد ومن كُـلّ الشهداء حب وتحمل المسؤولية والتضحية والفداء والصمود والمواجهة والعزم والإرادَة حتى تحقيق الهدف المنشود ونيل الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال
وما النصرُ إلا من عند الله، وها هي ملامحُه اليوم تلوحُ في الآفاق وسنحصل عليه لا مَحَالَةَ.