أحدث الأخباراليمن

اليمن مع السلام .. ولن تقبل بالوصايا السعودية عليها

تقرير خاص#
العصر- تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات دراماتيكية متلاحقة، أولها ان ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان هو الذي استقبل الرئيسين المصري والعراقي في مطار جدة، بينما الرئيس الأمريكي جو بايدن استقبله أمير منطقة مكة خالد الفيصل وسفيرة السعودية في واشنطن، وثانيها أن الإمارات والأردن ومصر أكدت بأنها لن تنخرط في أي حلف معادي لإيران، وهذا يشير الى فشل المفاوضات الأمريكية العربية قبل أن تبدأ ما يجعل مشروع انشاء حلف الناتو الشرق اوسطي في خبر كان. وكل هذه التطورات ما هي إلآ نتاج لانتصار روسيا في الحرب ضد حلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية، مما يشير إلى السقوط الوشيك للقطب الواحد، ونشوء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يضع حداً للهيمنة الامبريالية الاستعمارية والصهيونية على العالم.
في ظل هذه المستجدات الجديدة مع وصول العجوز المتهالك بايدن قادمًا من تل أبيب، إلى جدّة السعودية، في أولِ رحلة مباشرةٍ عليها بصمة التطبيع. تجلى ذلك من خلال إعلان هيئة الطيران المدني السعودي فتح أجواء المملكة أمام جميع الناقلات الجوية التي تستوفي متطلبات العبور، دون أن يستثني القرار الطائرات الإسرائيلية المدنية. وقد رحبَ الرئيس الأمريكي بهذا القرار متفاخرا بكسر مزيد من الحواجز بين تل أبيب والرياض، والأخيرة ُاستبقت الزيارة بخطوة أكثر وقاحة حين أعلنت رسميًّا الموافقة على تحليق طائرات العدو في أجوائها، في خطوة أولى نحو التطبيع كما اعتبرها رئيس حكومة الكيان، وما خفي أعظم.
الزيارةُ تستهدف الطاقة كأولوية قصوى على ما عداها من الملفات.. فالدول الاستعمارية تعيش أزمة خانقة واليوم هم ليس في أحسن أحوالهم، بل في أسوأ ضعفهم.. واليوم تبحث واشنطن عن إخراجها من هذا المأزق الاقتصادي الذي يوشك الاطاحة بها بكوارث كبيرة، فهل ستلقى من حليفتها ما ينقذها من الطوفان الذي سيطرحها وحلفاءها أرضا، هذا ما يبحث عنه بايدن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن وصل التضخم إلى مستويات قياسية مهددا انظمتهم بالانهيار الكلي جراء ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية واضطراب الأوضاع المعيشية، وعدم القدرة على دفع الديون، وكل ذلك تزامن مع سقوط الحكومات وحالة الغليان الذي يضرب الشارع الأوروبي .. جولة بايدن إلى أقطار الخليج وهي الخاصرة الرخوة للأمن القومي العربي تأتي بهدف استنزاف ثرواتهم من النفط والغاز لتغطية السوق الأوروبية في مسلسل حروب الولايات المتحدة ضد روسيا والصين وحلفائهما، وإنشاء تحالفات صغيرة لعسكرة المنطقة، وحماية أمن إسرائيل والمنطقة عموما في مواجهة روسيا والصين وإيران ودول المقاومة.. كل ذلك مقابل صفقة تسوية الخلافات البينية، وصعود ولي العهد للسلطة، وبيع الأسلحة للمالك العربية، وإنشاء منظومات دفاع مشتركة مع الكيان الصهيوني.


وتأتي عقد قمة جدة التي تشارك فيها مصر والأردن والعراق إلى جانب دول الخليج وسط حديث متزايد عن السلام في الشرق الاوسط، وكذلك عن إنهاء الحرب في اليمن، إلا أن السلام لن يكون إلا سلاما مؤقتا وشكلا من أشكال الحرب بطريقة أخرى. وإذا كان السلام ضمن أجندة بايدن فلماذا يتم مناقشة هذه القضية مع أطراف العدوان دون مشاركة الأطراف اليمنية فالسعودية لها مصالحها التي تختلف عن مصالح اليمن.
وهنا يأتي السؤال: لماذا لايستطيع رشاد العليمي اجراء مقابلة مباشرة مع الرئيس الامريكي دون وساطة سعودية.. ربما لم يكن لمثل هؤلاء أي صفة وثقل سياسي، باعتبارهم مجرد أدوات لا يعتد بهم. ولماذا تمارس السعودية على اليمن دور الوصاية؟ اليمن ليست ضيعة، ولا رهينة للسعودية، ولا حديقة خلفية، ولم تعد بالدولة المرتهنة بالتبعية، ذلك الزمن ولى، ولن يعود مطلقا، وقد بلغ اليمنيون الحلم والبصيرة بما يكفي دون وسطاء الشر الذين هاجموا اليمن، واحرقوا أرضها، وسفكوا دماء ابناءها.. فالسعودية والإمارات على رأس رمح العدوان في مهاجمة اليمن والنيل منها ونهب ثرواتها، والاستيلاء على الجزر والموانئ ومضيق باب المندب، ومنابع النفط والغاز وبناء القواعد العسكرية بالاشتراك مع الكيان الصهيوني.
واضح أن السعودية التي تكبدت مرارة الهزائم، تريد لنفسها دور تتقمصه لاخفاء فشلها، وهي اليوم تقوم بهذا الدور كشرطي قضائي على اليمن تصدر مفاهيم خاطئة إلى العالم ” أن اليمن في حالة حرب، وأن المملكة تقوم بدور احلال السلام عليها، كما اعتادت بأساليب الوصاية وكأن أبناء اليمن رعايا لديها، أو قصر لم يبلغوا راشدين للتحكم في مصيرهم.
فأي رئيس دولة هذا الذي يناقش السلام في اليمن عبر وسطاء بعيدا عن حضور اليمنيين أنفسهم .. أليس ذلك من قبيل المكر السياسي لدولة تدعي حقوق الإنسان، بينما هي من تدمر الشعوب عبر تابيعها وحلفائها أمثال هؤلاء الأوغاد الذين يرتكبون جرائم الابادات الجماعية بحق الشعب اليمني ثم ينصبون أنفسهم وسطاء ..

أي فوضى هذه في العدالة تشرعنها إدارة بايدن للقتلة الذين خلفوا الدماء والدمار والكوارث الفضيعة اليوم هي بحاجة إلى إعادة تقييمها وحصرها وتوثيقها من خلال تشكيل لجان تحقيق دولية في جميع الملفات الحقوقية والإنسانية التي دفع ثمنها ومازال يدفع الشعب اليمني حتى اليوم.
السلام يتطلب أرضيته الواضحة للوصول إليه، ولن يتحقق إلا بإنهاء العدوان، ورفع الحصار بشكل كامل، وانهاء تواجد القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية، والالتزام باعمار اليمن، ودفع التعويضات، وتبادل الاسراء وإطلاق رواتب الموظفين، والدخول في عملية سياسية وازنة لتحقيق السلام المنشود.

إن أغلب اليمنيين على يقين تام بأن اليمن لن تستقر مالم تكف السعودية والإمارات عن عدوانها ودعمها للمرتزقة في بلادنا، ومالم تغادر السعودية والإمارات اليمن والكف عن تدخلاتهما في الشأن اليمني لن يتحقق السلام. إذ أن ما ترتكبه السعودية والإمارات في اليمن هو جزء من العبث بإرادة اليمنيين كل ذلك يجعل اليمن ساحة لاستمرار الصراعات لتدمير ما تبقى ونهب ثرواتها، وتحويل اليمن إلى بلد فاشل، ومنطقة خصبة لتنامي الجماعات الإرهابية، وفصل اليمن إلى شطرين، وهذا هو المخطط السعودي الإماراتي الذي تديرة إدارة بايدن خلفا للإدارات السابقة .. فعن أي سلام يتحدث بايدن مع أطراف يجعلون من أنفسهم رسل سلام وهم أطراف ضالعين في العدوان على اليمن يتطلب محاسبتهم؟ هذه الوصايا لا يقبلها الشعب اليمني .. مالم يكن هناك سلام دائم وقابل للتطبيق والاستمرار يستند أولا على انهاء الحرب، ورفع الحصار، واستعادة اليمن لسيادتها وقرارها المستقل، وهذا لا شك سيقلص دور التدخل الإقليمي السلبي في بلادنا.
وتأتي الهدنة في سياق هذه الخطط التي تخدم مشاريع العدوان لتأمين نقل النفط والغاز من مناطق الخليج والسعودية، بينما يكتوي اليمن بالحصار والتجويع، في مزاجية هذه الهدنة الهشة وخروقاتها المستمرة .. التحالف لا يسعى للسلام، مع أن الفرصة متاحة أمام دول العدوان للمضي نحو السلام العادل والمشرف .



وهنا يحضر اليمن في حديث بايدن لمساعي الهدنة التي يعتبرها انجازا كبيرا لتحقيق السلام .. بينما هو يعلم أن الهدنة هي شكلية لاستمرار خداع الشعب اليمني ليس إلا لضمان تدفقِ إمدادات النفط، في ظل أزمة مستعصية جراء سياسة العقوبات ضد روسيا التي عادت بارتداداتها السلبية وبالا على صانعي القرار. اليمن غير معني بتلك الأزمة، ولا بالهواجس الأمريكية، وما يعنيه هو وقفُ العدوان ورفع الحصار، وما عدا ذلك لن يبقى شعبنا اليمني رهين الحصار والتجويع في ظل هذا العدوان الغاشم، وقد دمر البلد وسفك الكثير من الدماء .. السلام لن نستجديه من الأعداء، بل نصنعه بصمود شعبنا وثبات المجاهدين المؤمنين المخلصين في خنادق المجد، وبما نقدمه من تضحيات على طريق النصر الذي تلوح بشائره في الأفق. وما لم تنته الحرب ويرتفع الحصار على شعبنا، فإن القوات المسلحة اليمنية على أتم الجهوزية بالتعامل مع الاعداء، لإنهاء هذا الصلف العدواني برمته.
والعاقبة للمتقين؛^

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى