“باب حطة ” الرصاصات في القدس هوية وطن ونداء قضية
مجلة تحليلات العصر الدولية - جبريل عوده
القدس بداية المعركة وميدان الإنتصار, جذر الحكاية وموطن الحقيقة , كل العشوائيات الإستيطانية وإن كانت مصممة على طراز هندسي عصري ستزول , فالقدس ستبقى بوجهها الفلسطيني العريق , الذي تحضر فيه كل أصالة التاريخ وجرأته, وسرديات بطولاته وقسوة معاركه , وسطوع أبطال القدس في صفحات الزمان كشمس للتضحية لا تغيب عنها , رغم إشتداد غيوم الباطل , التي تحاول حجبها بأجواء من صقيع المكر والتطبيع .
يأتي الصبي الغر كوشنر في جولة أخيرة للقدس المحتلة , وعلى أرضها يزرع شجرة بمشاركة نتانياهو فيما يسمى بغابة “الأمم”, كرسالة تأكيد على إستمرار الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني , وذلك قبل أن يطير الغراب كوشنر برفقة وفد صهيوني إلى المغرب , لإتمام صفقة التطبيع مع رئيس لجنة القدس بالوراثة , في مشهد كوميدي سوداوي , فاضح لكل الأكاذيب التي يروجها أدعياء الدفاع عن القضية الفلسطينية , والوقوف إلى جانب شعبنا المظلوم ويتردد سماعنا لهذه الخديعة من أعلام أنظمة التطبيع , لعقود طويلة ولم نرى منهم إلا الخذلان والغدر.
لمسرى النور في القدس عشاق , تزهو أرواحهم نصرا على أعتاب أقصاها , رصاصاتهم ليست ككل الرصاصات , طاهرة لعيون القدس مصنعة , يقتطع الفقراء من قوتهم اليومي لشرائها, وتسري فلذات أكباد الفقراء ذاتهم بهذه الرصاصات , متخطين كل حواجز القتل الصهيونية, ليشهدوا المعراج الحقيقي لأرواحهم العاشقة , فأزيز الرصاص في القدس إنتصار , والثورة في أزقتها خيار حياة , تعاند مزامير التهويد ,وتردع طوابير الرجس من غلاة المستوطنين , الذين يدنسون الطهر في باحات المسرى , ويلوثون هواء الأقصى بأنفاس الحقد التلمودية , فالرصاص في القدس هوية وطن ونداء قضية , لن يستتب الأمر فيها لمحتل طارئ , ولن يهنأ في جوارها مطبع خائن .
وللأقصى جيوش وإن كان تشكيلهم في هذا الزمان فرادا , فأفعالهم أفعال جيوش جرارة, يأتون من قباطية كأقمار عملية باب العامود , يهبطون من أم الفحم كالشهداء المحمديين الثلاثة , وتجود دير أبو مشعل بنماذج فدائية كأبطال “وعد البراق” ,مذهبهم في القتال هو المقاومة بما أمكن , وتراكمية الفعل تُكون كتلته الضاغطة, يحطمون حواجز الوهم من خطوط فض الإشتباك الوهمية وقرارات الأمم المتحدة الظالمة التي مزقت فلسطين جغرافيا , وبقيت الروح الوطنية لا تتكامل الا بنداء فلسطين وحديث البندقية.
تأتي عملية ” باب حطة ” البطولية, التي نفذها الشهيد البطل محمود كميل من بلدة قباطية جنوب مدينة جنين , (الأثنين 21-12-2020) في سياق الرفض الشعبي لمشهد العدوان والمؤامرة التي تتعرض له القضية الفلسطينية , في زمن التطبيع الخياني الذي تتبناه بعض الأنظمة العربية, ونشهد من خلاله تماهي خبيث مع الرواية الصهيونية وتقف من خلاله بعض الكيانات السياسية التطبيعية في الخليج خاصة, كمناصر للإحتلال وكداعم للصهيونية , فليس أمام الشباب الفلسطيني إلا الدفاع عن هوية القدس وعن مسجدها الأقصى المبارك , حيث تقع المدينة وأقصاها في عين العاصفة التهويدية , والتي زادت وتيرتها بعد الهرولة التطبيعية الآثمة , فالثورة قادمة وكل محفزات اندلاعها متوفرة , فالعدوان الصهيوني يستهدف الإنسان والأرض والمقدس في فلسطين , ينهش بالأرض ويزهق الأرواح ويحاول طمس الهوية وتدنيس المقدسات وتهويدها .
لن يعجز شباب الضفة المحتلة ,عن أساليب المقاومة وطرق الوصول إلى القدس الأبية , وسيكون لهم في كل شارع وميدان حكاية بطولة , ولن تقوى كل آلة القمع عن ردع أرواحهم الثائرة فالقدس تتربع في قلوب الأوفياء تطلب منهم الفداء ولن يتأخروا , سيكون هناك آلاف من محمود وأحمد ومحمد وطارق وبراء وأسامة وعادل يتشكلون في كل ساعة بجيش القدس ولكل واحد منهم زمان إنبعاث ليضئ في القدس السراج بدمائه والأشلاء.
وما يُسوق له نتانياهو فرحا بالتطبيع العبثي الذي لا رصيده له في وعي الأمة المتيقظ سيزول وينتهي , ولن يبقى له أثرا إلا الذكر السيء , وينتهي الوهم لتسطع الحقيقة التي تهزم بحجتها الناصعة كل الأباطيل والأراجيف السوداء ,
رحمك الله يا محمود كميل , يا سارجا خيل الفداء من قباطية الصمود لترتقي صاعدا على باب الأقصى الحبيب , رحمك الله وأنت تسجل صفعة قوية لمنظومة الأمن الصهيونية وصفعة لمهازيل التطبيع العربية .