أحدث الأخبارالعراق

تبرير ارتفاع الدولار وقصة الحارس)

جمعة العطواني

العصر-في تسعينات القرن الماضي، وفي ذروة الحصار الذي فرضته دول العالم على العراق وادى الى تجويع غالبية العراقيين، كثرت السرقات الى درجة كبيرة جدا.
اصحاب المحال عينوا حراسا ليليين على محالهم، وكان لي صديق عنده محل، في كل يوم يجد المصباح الذي يضعه على واجهة المحل مسروقا، تكرر الامر اكثر من مرة .
وقد زرته في محله، واخذ يشكو من هذه القضية، وفي الاثناء جاء الرجل الذي يعمل حارسا ليليا في المحل والمحال المجاورة .
بدا صديقي يعاتبه عن سبب سرقة المصباح بشكل يومي، واتهمه بانه لا يبقى في الحراسة، بل يذهب الى اهله ينام ليلا، لكن الحارس بدا يدافع عن نفسه ويؤكد انه موجود بالحراسة يوميا.



اخذ الحارس يبرر سرقة المصابيح، وحتى يثبت انه حارس امين: يقوله (اني اتابع السراق بشكل دقيق، فهؤلا -لعنة الله عليهم- ياتون ليلا وعددهم اثنان، احدهم يصعد على اكتاف الثاني ليصل الى المصباح ويسرقه بدون الحاجة الى ( درج) يصعدون عليه)، واردف قائلا لصحاب المحل :حتى تعلم باني لم اخن الامانة، ولم اذهب الى بيتي لكي انام).
انا تدخلت -متهكما – وقلت لصاحب المحل ( يا اخي انت ما تخاف الله شوف دقة الحارس الى درجة انه يعلم كيف تحصل السرقة ويتابع بدقة) .
المهم ان الحارس يريد ان يثبت من هو السارق ويبرر السرقة ولا يتحدث عن دوره في منع السراق وكيفية مواجهتهم.
هذه القصة ذكرتني بتبرير الحكومة عن ارتفاع سعر الدولار في العراق بتصاعد غير مسبوق، فالحكومة ومن يدافع عنها لسان حالهم كلسان حال الحارس يقولون( لعنة الله على امريكا، فان اموالنا توضع في حساب خاص في البنك الفيدرالي الامريكي، وان الامريكان يمنعون تسليمنا الاموال المودعة لديهم، وانهم يريدون محاربة الحكومة من اجل ان ترضخ لارداتهم ).
السؤال الذي نوجهه للحكومة العراقية والبنك المركزي العراقي هو نفس السؤال الذي وجهناه في وقتها الى الاخ حارس المحل وهو ( نحن نعلم ان امريكا هي السبب، ونها تعمل بعداء مع الدولة العراقية ، وهذا الامر لا نحتاج الى شرح من القيادات السياسة او الحكومة، ولكن انتم كحكومة وبنك مركزي ودولة ماذا اعددتم لهذا الضغط، فعندما خولناكم بادارة الدولة فان عملكم ليس شرح ما يحصل، بل من اجل ايجاد حلول لهذه المشاكل، والا بامكان اي خبير مالي واقتصادي ان يشرح لنا سبب ارتفاع الدولار . واذا قبلنا تبريركم هذا يجب ان نقبل تبرير اخينا حارس المحال التي تسرق منها المصابيح ).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى