بقلم: د. محمد العبادي
تداعت الامم على فلسطين فجمعوا ذلك الشتات اليهودي وارسلوه إلى تلك الأرض المقدسة.
لقد عملوا على تشتيت الشعب الفلسطيني وفرقوه بين البلدان ، ثم أعلنوا تأسيس تلك الدولة اللقيطة في ايار من سنة ١٩٤٨م .
وارتكبت عصابات الكيان الصهيوني أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم .
كل ذلك جرى أمام أعين الأمة الممزقة والمنهكة والتي كانت أكثر بلدانها ترزح تحت نير الاستعمار وأساليبه التخديرية .
ان المسلمين يمثلون حاليا نسبة كبيرة تقدر بمليار وثلاثمائة مليون مسلم وهي نسبة كبيرة جدا اذا ما قيست نسبتهم بعدد الصهاينة الذين تم جلبهم إلى فلسطين والذين لا يتجاوز عددهم في احسن التقديرات عن خمسة ملايين صهيوني !
وهذا الفارق والتفوق الكبير لا يقتصر على عدد النفوس فقط ، بل أيضا في الإمكانيات الأخرى، وعلى حد تعبير الإمام الخميني (ره): لو قام كل واحد من المليار مسلم بافراغ سطل من الماء على اسرائيل لاغرقوها ؛ فكيف بهم وهم يملكون كل هذه الثروات والامكانيات ؟!
ان تلك الأمة المتهالكة قد بعثت من جديد بعد انتصار الثورة في ايران وتعلقت بها الآمال، فكانت نعم الظهير والنصير لفلسطين؛ ففي يوم ١٣ رمضان من عام ١٣٩٩ق ، الموافق ٧ من شهر آب سنة ١٩٧٩م وبعد أشهر قليلة من انتصار الثورة أعلن الإمام الخميني ان آخر جمعة من شهر رمضان هي ( يوم القدس العالمي ) ودعا المسلمين والأحرار في العالم إلى نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.
الإمام الخميني كان يسمي الكيان الصهيوني ب(الغدة السرطانية ) وقد طالب باستئصال شأفتها من الجسد الإسلامي، ولذا فقد ابتكر بعقله الإستراتيجي( يوم القدس العالمي ) ، لأنه كان قد أدرك بأفقه الفكري ان تحرير القدس يحتاج الى تعبئة الجهود وتحشيد الطاقات والامكانيات وعليه فقد وضع يوم القدس كخطوة عملية اولى للسير في طريق الألف ميل لتحرير القدس .
في كل سنة نشاهد تجليات الوحدة الإسلامية في يوم القدس ، وفي كل سنة نشاهد تلك الحشود في شهر الله تتجمهر لإنقاذ عباد الله ولم تأبه تلك الجموع الغفيرة خلال ذلك بقيظ أو قر ( كأنهم بنيان مرصوص ).
أنهم يرسمون صورة للإستعداد والوثبة في وجه الظلم والصلف الإسرائيلي.
نعم تتجلى في تلك المشاهد المليونية وحدة الأمة الإسلامية من خلال وحدة الشعار ووحدة المصير والهدف .
ان تحرير القدس له طريق واحد فقط وهو طريق الاتحاد والتعاون والصمود والمقاومة ، وكل ماعدا ذلك من الخطب والبيانات الاستهلاكية لم تحرر حتى هذه اللحظة ولو شبرا واحدا من الأرض .
لقد بقيت فلسطين (٧٢) عاما تحت رحمة الاحتلال الصهيوني وتعاقبت عليها (٣٥ ) حكومة تمارس عمليات القتل والتهجير ومصادرة الأراضي الفلسطينية وصدرت آلاف البيانات والخطب الرنانة، ولم يتغير نهج الصهاينة في القتل والعدوان واحتلال الأراضي ! وعلى حد تعبير المثل العربي : ( اشبعناهم شتما وفازوا بالابل )!
لقد ولى زمن البيانات والاستنكارات والادعاءات ، وجاء زمن التعبئة والتحشيد وتهيئة أسباب القوة لإعادة ما أخذ بالقوة .
في فكر الثورة في ايران ان القدس هي قبلة المسلمين الأولى وإليها كان مسرى النبي الاعظم ويجب إنقاذها وإعادتها إلى أهلها من النهر الى البحر ولامكان للمساومات أو تقطيع أوصال فلسطين بتجزئتها إلى أراضي ما قبل عام ١٩٦٧م او بعد عام ١٩٦٧م ، ولا لتجزئة القدس إلى شرقية وغربية .
لقد وقف الغرب كله مع الصهيونية كلها وانتجوا هذا الكيان المسخ في فلسطين ، واليوم وبعد مرور أكثر من سبعة عقود من الزمن دارت عجلة الايام دورتها وعلى المسلمين ان يقفوا جميعا مع فلسطين من اجل إعادة الجمع الذي فرقوه وطرد الشتات الذي جمعوه على تلك الأراضي المحتلة .