ترامب يضع الخليج بين أيادٍ إسرائيليّة عسكريّة «أمنيّة» ضد العرب؟
مجلة تحليلات العصر الدولية - د. وفيق إبراهيم / مرصد طه الإخباري
▪️دخلت دول الخليج الفارسي مرحلة ما بعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على متن حلف عسكريّ يجمع بين القيادة الوسطى للجيوش الأميركية في العالم والقوات الاسرائيلية وقوات الخليج.
بذلك تصبح المنطقة الممتدة من حدود السعودية مع العراق الى حدودها مع اليمن الشمالي ميلاً نحو الأردن وفلسطين المحتلة الى الجولان السوريّ المحتل ميداناً واحداً تلعب فيه وتصول دول هذا الحلف بعد تنسيق عسكري بين قواتها.
يتضح هنا أن الأميركيين عبر قواتهم الوسطى هم أصحاب هذا الميدان، لكن الملاحظة التي لا يجب التغافل عنها تؤكد أنهم يمسكون بهذا الميدان قبل الاعلان الحلف الحالي فلماذا أعلنوه اذاً؟
هناك نقطتان مترابطتان تكشفان أسباب إنشاء هذا الحلف على قاعدة أن الاميركيين هم الوحيدون الذين كان باستطاعتهم نشر قواتهم ضمن هذا المدى الكبير بموافقات مسبقة من الخليج و»إسرائيل» المحتلة.
فمَن هو المستفيد اذاً من هذا الحلف؟
إن كل القوى الموقعة على الحلف مسموح لها الانتشار على اراضي دوله ضمن تنسيقات تكتيكية واتفاقات استراتيجية مسبقة.
بذلك يتضح ان «اسرائيل» المحتلة بما تمتلكه من قوات تكنولوجية وجويّة وجيوش متخصصة بحروب الانتشار والتموضع قادرة بدورها على إنشاء قواعد وازنة في الإمارات والسعودية والبحرين وقطر وعُمان.
قد لا تكون متساوية مع القدرات الأميركية لكنها تستطيع تشكيل جبهات قوية في شبه جزيرة العرب.
ما هي نتيجة هذه القراءات؟ ليس لديها الا قراءة واحدة وهي أن إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب أرادت قبل أيام عدة من رحيلها عن رئاسة البيت الأبيض توطيد الأبعاد السياسية للتفاهمات التطبيقيّة بإجراءات عسكرية.
يتضح اذاً أن هذه المعاهدة انما ابرمت لمنح «اسرائيل» حق الحركة والتموضع في شبه الجزيرة العربية بما يضعها في مواجهة اليمن والعراق. وينكشف أيضاً أن دول الخليج العاجزة اصلاً عن تأمين حدودها تريد نشر قواعد إسرائيلية على أراضيها لحماية ممالكها وإماراتها، مقابل تأمين مواقع لـ»اسرائيل» على أراضيها.
تكفي الإشارة الى ان السعودية تستأجر قوات سودانية وباكستانية وتتحالف مع الإمارات وبريطانيا وقوات من الاتحاد الاوروبي في حربها في اليمن. وهي تعمل في كل الاوقات على منع إعادة تشكيل وحدة وطنية في العراق لأنها تعتبر أن الخطر على خليجها كما تراه هو عراقيّ يمنيّ.
«إسرائيل» اذاً هي العنصر الذي تريده السعودية حليفاً لها لمجابهات مقبلة لها مع العراق واليمن. أما توقيت إعلان الحلف قبل أيام قليلة من نهاية عهد ترامب فسببه خوف أطرافه من التطور الاقتصادي الصيني الطامح الى احتلال موقع متفوق على الاقتصاد الأميركي في مدى الخمس سنوات المقبلة وربما أقل من ذلك.
هذا ما يفرض على الصينيين تطبيق سياسة مرنة مع أي هجمات سياسية أميركية، ولا تتحرك إلا عندما تصل التهديدات الأميركية الى محيط الجغرافيا الصينية في بحر الصين وتابيه وتايوان وهونغ كونغ وكوريا الشمالية.
هذا هو الفارق الصيني مع روسيا التي تعتبر نفسها معنية أكثر من غيرها بالحركة الأميركية في الشرق الاوسط.
واذا كانت الحركة الأميركية الإسرائيلية الخليجية تستهدف إيران، فإنها توجه ضربات عسكرية الى سورية. وهذا ما يعتبره الروس استهدافاً لهم بشكل مباشر في هذه المرحلة الانتقالية.
لأن التطبيع العسكري على الطريقة العربية هو تطبيع عام في السياسة والاقتصاد والثقافة والسياحة… وكل شيء.
هناك نقطة إضافية وهي أن بايدن نفسه لا يستطيع تجاوز هذه الاتفاقات او التحايل عليها، لما لهذه المواضيع من تداعيات على موازنات الداخل الأميركي نفسه، لا سيما ان الحزب الديموقراطي الموالي لبايدن يحوز على معدل مقبول من أصوات اليهود الأميركيين بما يعني احتمال خسارته لعدد كبير منهم في حال أقدم بايدن على إلغاء حلف القاعدة الوسطى أو استيعابه، بما يضمن التخفيف من انفلاشاته العربية.
بذلك يتضح أن «إسرائيل» هي الرابحة من هذا الاتفاق وليس العرب، لأن الكيان المحتل يعتبر أنه انتهى من الخطر العربي.
فسورية جريحة الى أمد غير معروف والعراق مترنّح لا يعثر على ارض السواد التاريخية، ومصر أصبحت حليفة مع الأردن والسلطة الفلسطينية.
هذا ما يسمح للكيان الغاصب أن يركز على مهاجمة النقطة الأقوى التي ترفضه وهي إيران.
هذا الحلف الأميركي – الإسرائيلي العربي معادٍ إذاً لإيران بذريعة انها تهدد الكيانات الخليجية، علماً ان ايران لم تعتدِ على اي من هذه البلدان منذ تأسيسها، كما أنها لم تهاجم بلداً عربياً منذ الفتوحات الإسلامية.
فإيران موجودة قبل تأسيس الدول في الخليج بآلاف السنين، ولم تتعارك معها ولو لمرة واحدة منذ تأسيسها.
وعلى الرغم من أن العراق هاجمها في الثمانينيات في مرحلة صدام حسين فإنها اكتفت بإعادة الجيش العراقي إلى أراضيه ورفضت ان تدخل الى أراضي العراق.
بذلك تنكشف الأضاليل الخليجية والاميركية حول المخاطر الدينية على الخليج ويتبين أنها أسانيد كاذبة لإعطاء موضوعية لحلف عدواني لا يفيد حالياً وبشكل مباشر إلا «اسرائيل» واستراتيجياً الاميركيين.
اما الخليج فهو مستفيد وهمي من خطر مفبرك يجري استعماله لتمويل حرب اميركية اسرائيلية على إيران او لتأمين توتير دائم عربي، ايراني وذلك لإزالة كل ما تتعرض له «اسرائيل» من أخطار.
بالمقابل، فإن الحلف الإيراني السوري العراقي بدعم من روسيا والصين يعمل على التشكل ليؤمن الاتحاد القادر على منع العبث الأميركي الخليجي الإسرائيلي من الهيمنة على المنطقة العربية.
🔸وهذا مشروع ممكن بعد محاولات ترامب لتدمير العالم بما يفتح الطريق إلى الانكشاف الحالي لمشاريع ترامب المهزومة ويفتح الطريق إلى مفاوضات لبناء موازنات عالمية جديدة تتمحور حول الشرق الاوسط ولا بد أنها تنطلق منه لبناء القطبية العالمية المنتظرة.