أحدث الأخبارشؤون آسيوية

تركيا: إردوغان رئيساً… إلا إذا

محمد نور الدين*

العصر-تفوّقت الحملة الانتخابية لإردوغان، والتي سوّقته بوصفه «الرجل القوي» الذي يقود «تركيا القوية» (أ ف ب)

تنعقد، غداً الأحد، الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية من أجل حسم السباق بين كلّ من رجب طيب إردوغان وكمال كيليتشدار أوغلو، وسط توقّعات بارتفاع نسبة المشاركة. وبينما استطاع إردوغان، في الفترة الفاصلة بين الجولتَين، مراكمة نقاط قوّة تضاف إلى الميزات التي خرج بها أصلاً من الدورة الأولى، لم يفقد كيليتشدار أوغلو، على رغم خيبة الرابع عشر من أيار، الأمل تماماً، بل سعى بجهده لتعزيز أوراقه، وإنْ من خلال إعادة تبنّي الخطاب القومي المتشدّد، الذي نأى بنفسه عنه في الجولة السابقة. وإذ يبدو بحسب المنطق والمعطيات، أن إردوغان سيُتوَّج بعد ساعات رئيساً لتركيا بحوالى 52% من الأصوات، فإن ذلك لا يغلق الباب على إمكانية حصول معجزة يتحقّق من خلالها حلم كيليتشدار أوغلو، ومِن خلفه أطياف المعارضة



للمرّة الثانية على التوالي، يتوجّه، غداً، 65 مليون ناخب تركي، بينهم 47 ألف ناخب جديد، لاختيار رئيس للجمهورية، بعدما فشل كِلا المرشّحَين، رجب طيب إردوغان وكمال كيليتشدار أوغلو، في تجاوز عتبة الخمسين في المئة في دورة الاقتراع الأولى التي جرت في 14 أيار الفائت. وستكون الأنظار مركّزةً، هذه المرّة، على نسبة الاقتراع، وما إذا كانت ستزيد عن سابقتها أم ستتراجع أم ستبقى عند حدود الـ87 في المئة، علماً أن نسبة التصويت لدى أتراك الخارج، والتي لم تعلَن رسمياً بعد، عرفت ارتفاعاً كبيراً عن الدورة الأولى، في ما قد يكون مؤشّراً إلى ارتفاع نسبة التصويت العامّة أيضاً.

أمّا في ما يتّصل بالمتنافسَين، فإن إردوغان يخوض السباق بميزتَين اثنتَين مقارنةً بكيليتشدار أوغلو، وهما: الأولى، أنه تَقدّم في الجولة السابقة على منافسه بخمس نقاط كاملة (49.52 مقابل 44.88 في المئة)؛ والثانية سيطرة «تحالف الجمهور» الذي يؤيّد زعيم «العدالة والتنمية» على البرلمان في انتخابات 14 أيار، بـ322 مقعداً مقابل 278 مقعداً للمعارضة. أيضاً، يتمتّع إردوغان، راهناً، بمعنويات عالية تحدوها بعض المؤشّرات، وأبرزها أنه على الرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومن الخسائر البشرية والمادّية الهائلة التي أحدثها زلزال السادس من شباط، إلّا أن الرئيس المنتهية ولايته نال في المناطق المتضرّرة حوالى 60 في المئة من الأصوات، مقابل ما متوسّطه ثلاثون في المئة فقط لغريمه. ولربّما أمكن تفسير ذلك بعامل الانتماء المحافظ والقومي المتشدّد لغالبية الأتراك، ورفضهم العودة إلى نظام حكم يسيطر عليه العلمانيون، خصوصاً في ظلّ ما يحمله الإسلاميون من ذكريات سيّئة عن الأنظمة العلمانية وإجراءاتها القاسية بحقّهم. ومع أن كيليتشدار أوغلو يعكس صورة علمانية متسامحة ومنفتحة، إلّا أنها على ما يبدو لم تكن كافية لتمحو في سنوات عقوداً من القمع على أساس أيديولوجي.



كذلك، فإن الوعود الكثيرة التي أغدقها إردوغان بإعادة إعمار مناطق الزلزال، والحملة التي رافقتها للترويج لكون زعيم «العدالة والتنمية» وحده القادر على إنفاذ تلك الوعود، فضلاً عن التعويضات التي صُرفت للمتضرّرين، مثّلت عاملاً أساسياً في تفوّق مرشّح «تحالف الجمهور». يُضاف إلى ما تَقدّم، أسبقية الحملة الانتخابية لإردوغان، والتي سوّقته بوصفه «الرجل القوي» الذي يقود «تركيا القوية»، إضافة إلى انتزاعه ما لا يقلّ عن 90% من الحضور في الإعلام الموالي، وهو ما لعب حتماً لمصلحته.

أمّا الآن، فقد نجح إردوغان في مراكمة عوامل نجاح إضافية، أوّلها التأييد النظري له من قِبَل المرشّح سنان أوغان، على الرغم من أن الأخير لا «يمون» سوى على جزء من الأصوات التي حصدها في الدورة الأولى ومقدارها خمسة في المئة تقريباً؛ وثانيها مناخ الإحباط الذي أحاط بحملة كيليتشدار أوغلو بعد ظهور نتائج الدورة الأولى. وعلى رغم هذه الميزات التفاضلية، لم يجد إردوغان بدّاً من تكرار تحذيراته من «التراخي» في الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وأن تُغري نشوة النصر المحتمَل الناخبين بالتقاعس عن الإدلاء بأصواتهم.
أمّا بالنسبة إلى مرشّح المعارضة، فلا شكّ في أن نتائج الجولة السابقة، سواءً الرئاسية أو النيابية، أصابته بخيبة أمل كبرى، لكن ذلك لا يمنع الرجل من المراهنة على بعض العوامل، ومنها:
أوّلاً: ارتفاع نسبة التصويت العامّة، والذي قد يعني ازدياد نسبة التصويت الخاصة له.

ثانياً: إعلان زعيم «حزب النصر القومي»، أوميت أوزداغ، وقوفه إلى جانب كيليتشدار أوغلو، علماً أن الأوّل نال 2.25 في المئة من الأصوات في الانتخابات النيابية، وكذلك إعلان رئيس «حزب العدالة»، وجدت أوز، الذي حصد 0.22 في المئة في البرلمانيات، تأييده لمرشّح تحالف «الأمة». وإذ يشكّل الرجلان معاً تحالف «آتا» (الأجداد)، الذي كان مرشّحه للرئاسيات سنان أوغان، فإنه في حال التزمت قواعدهما بالتصويت لكيليتشدار أوغلو، فسترتفع حصّة الأخير بمقدار 2.50 في المئة على الأقلّ، لتبلغ 47.5 في المئة، هذا إن بقيت نسبة التصويت لصالحه على حالها، ولم تكن أكبر في الدورة الثانية. وكان كيلتشدار أوغلو وأوزداغ أعلنا، الأربعاء الماضي، اتّفاقاً من سبع نقاط يثبّت الطابع القومي التركي للدولة، ويشدّد على محاربة «حزب العمال الكردستاني»، واستمرار سياسة اعتقال رؤساء البلدية (الأكراد) «المتعاونين مع الإرهاب»، وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال سنة واحدة. وبينما يبدو واضحاً أن مرشّح المعارضة أظهر، من خلال الاتفاق المُشار إليه، تشدّداً مستجدّاً ضدّ الأكراد من أجل كسب بعض الأصوات من التيّار القومي، فهو استجلب بالتالي انزعاجاً كردياً ولا سيما ربطاً بمسألة الاعتقالات، وغامر بخسارة جزء من الأصوات الكردية التي نالها.



نجح إردوغان في مراكمة عوامل نجاح إضافية، أوّلها التأييد النظري له من قِبَل المرشّح سنان أوغان

وعلى رغم ما تَقدّم، إلّا أن حزبَي «الشعوب الديموقراطي» و«اليسار الخضر» الكرديَين أعلنا، كما كان متوقّعاً، في بيان…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى