لندن- عربي21- بلال ياسين# الأحد، 16 أغسطس 2020
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا للصحافي نيري زلبر، مؤلف كتاب “دولة بلا جيش، جيش بلا دولة” 2018، ترجمته “عربي21″، تناول فيه الاتفاق الأخير للتطبيع بين إسرائيل والإمارات بوساطة أمريكية.
وهذه هي ثالث اتفاقية بين إسرائيل ودولة عربية إقليمية والأولى من دولة في الخليج. ومقابل ذلك وافقت إسرائيل على “تعليق” الخطط لضم مستوطنات الضفة الغربية والذي كان مقررا أن يتم هذا الصيف – مع أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال إنه لا يزال ملتزما بالضم في المستقبل.
وأعلنت الاتفاقية المفاجئة أولا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي بمكالمة ثلاثية بينه وبين نتنياهو وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات.
وسوف تجتمع فرق التفاوض الإسرائيلية والإماراتية للتفاوض حول التفاصيل بما في ذلك الأمن والاستثمار الاقتصادي وتبادل السفراء ورحلات الطيران المباشرة بين أبوظبي وتل أبيب والعمل معا للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا. وقال الإعلام الإسرائيلي إنه يتوقع أن تقام احتفالية للتوقيع في واشنطن قبل الانتخابات العامة في تشرين ثاني/ نوفمبر.
وعقد نتنياهو مؤتمرا صحفيا في وقت الذروة وقال إنه “مساء تاريخي.. فتح عهدا جديدا في العلاقات الإسرائيلية مع العالم العربي” وقارن الإمارات بإسرائيل ووصف كلتا الدولتين بأنهما قوتان عالميتان متناميتان “حولتا الصحراء إلى أراض خصبة”.
وفي تحول للنموذج القديم القائم على صيغة “أرض مقابل السلام” التي حكمت عقودا من جهود السلام في الشرق الأوسط، وصف نتنياهو الصفقة الجديدة بأنها “سلام مقابل سلام”.
ومن جهته اختار محمد بن زايد أن يبرز الثمن الذي دفعته إسرائيل فغرد: “تم التوصل إلى اتفاق لوقف المزيد من ضم الأراضي الفلسطينية، واتفقت الإمارات مع إسرائيل على التعاون ووضع خارطة طريق لأجل إقامة علاقات ثنائية”.
ولكن حقيقة أن الاتفاقية لم تطلب شيئا من إسرائيل من ناحية الفلسطينيين يؤكد تحولا على الأقل في بعض أجزاء العالم العربي.
وعبر المسؤولون الإماراتيون عن قلقهم بشأن التداعيات من عملية الضم ووصفها وزير الخارجية الإماراتي بأنها “قنبلة موقوته” قامت الإمارات بنزع فتيلها بنجاح. وكان السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، قام في وقت سابق هذا الصيف بنشر مقال بالعبرية في صحيفة إسرائيلية يومية بارزة ملمحا إلى المقايضة التي أعلن عنها يوم الخميس.
وكتب العتيبة: “قمنا بدبلوماسية صامتة وأرسلنا إشارات عامة للمساعدة في نقل الديناميكيات وتشجيع الممكن”. وأضاف أن الضم “سيؤدي بالتأكيد وبشكل مباشر إلى قلب الطموحات الإسرائيلية لتحسين الأمن والعلاقات الاقتصادية والثقافية مع العالم العربي والإمارات”.
وأكد رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي، حاييم سابان، للقناة 12 أن مقال العتيبة “بدأ كرة الثلج” لتأطير الأجندة الدبلوماسية في “عدم الضم مقابل التطبيع”.
ووجه تراجع نتنياهو عن الضم الذي وعد به مكررا خلال حملات الانتخابات على مدى العام الماضي، برد فعل حاد من المستوطنين اليمينيين. وقال أحد قيادات المستوطنين في مقابلة تلفزيونية: “أنا انتخبت بيبي وليس شمعون بيريز”.
ولتطمين هذه المخاوف، قال نتنياهو في مؤتمره الصحفي إنه ليس هناك تغير في خططه ولكن ترامب طلب “تعليقا مؤقتا” للضم.
وأضاف نتنياهو أنه لا يزال ملتزما بالمضي قدما في الضم ولكن يجب فعل ذلك “بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية”. ودعا البيان الرسمي الصادر عن الثلاثة أطراف إسرائيل إلى “تعليق” الضم، ما يثير احتمال صدام عندما يجلس المتفاوضون الإسرائيليون والإماراتيون على الطاولة.
ولكن احتمال أن يمضي نتنياهو قدما في عملية الضم تضاءلت كثيرا في الأسابيع الأخيرة، وبنسبة مطردة مع تزايد حالات كوفيد-19 وأعداد العاطلين عن العمل خلال الموجة الثانية. وأظهر استطلاع جديد أن 4% فقط من الشعب الإسرائيلي يعتبر ضم مستوطنات الضفة الغربية أولوية مقارنة مع 69% قالوا إن الاقتصاد هو الأهم.
وحيث يتزايد احتمال إجراء انتخابات إسرائيلية جديدة وتراجع شعبية نتنياهو، فإن اتفاقية سلام مع دولة عربية هي إنجاز مهم بالنسبة لنتنياهو الذي قضى وقتا طويلا في هذا المنصب.
وينظر المسؤولون الفلسطينيون للضم على أنه تهديد وجودي، ولكن لم يكن هناك أي فرحة في الضفة الغربية. ولأن رئيس السلطة، محمود عباس، فوجئ بالإعلان فقد دعا إلى اجتماع طارئ للقيادة لصياغة رد رسمي.
ووصف بيان صادر عن القيادة الفلسطينية الاتفاق بأنه “خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية” وانتقد “القرار المخزي للإمارات.. والذي قايض تعليق الضم غير الشرعي مقابل التطبيع الإماراتي واستخدام القضية الفلسطينية كغطاء لهذا الهدف”.
وقالت إن الاتفاقية الإماراتية الإسرائيلية انتهكت المبادرة العربية للسلام لعام 2002 والتي تقوم على أساس أنه لا يمكن التطبيع مع إسرائيل قبل الانسحاب الكامل من الضفة الغربية وقيام دولة فلسطينية.
وغردت حنان عشراوي على تويتر: “الإمارات خرجت في العلن بخصوص تعاملاتها السرية وتطبيعها مع إسرائيل. نرجوكم ألا تقدموا لنا معروفا، نحن لسنا ورقة أحد”.
وكانت الإمارات وغيرها من دول الخليج تقوي علاقاتها بإسرائيل لمدة سنوات – جزئيا بناء على التهديد المشترك من إيران ووكلائها الإقليميين والجهاديين السنة. وأصبح التعاون في مجالي الأمن والمخابرات عاديا، وباعت الشركات الإسرائيلية أسلحة سبرانية متقدمة لدول الخليج، وبدأ السياسيون والرياضيون الإسرائيليون بتبادل الزيارات.
وقال دور غولد، رئيس مركز القدس للشؤون العامة والدبلوماسي الإسرائيلي السابق لفورين بوليسي: “كنا نسير ببطء نحو علاقات أفضل مع الخليج، ويجب أن يحسب أيضا لإدارة ترامب لتطوير علاقات حميمة مع معظم دول الخليج أيضا”.
وكان غولد قد فتح مكتب تمثيل إسرائيلي في 2015 في أبوظبي بالإضافة لمؤسسة طاقة متجددة دولية، كما أن هناك مكتبين تجاريين في قطر وعمان.
وقال غولد: “لن تستطيع أن تجد شخصا يقف على منصة ويقول إن القضية الفلسطينية غير مهمة.. ولكن أهميتها تراجعت على مدى العشر سنوات الأخيرة”.
وكانت مصر هي أول بلد عربي قام بتوقيع اتفاقية مع إسرائيل عام 1979 مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من شبه جزيرة سيناء، تبعتها الأردن بعد 15 عاما ولكن بعد أن توصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى اتفاق مؤقت بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة.