تـتـوالى الانـتـصارات في شـهـر أيـــار..
مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين
دخلت إنجازات شهر أيار العظيمة في كتب التاريخ من أبوابه الواسعة، حيث أمتاز هذا الشهر بسلسلة من التغييرات الاستراتيجية في كسر موازين قوى الاعداء، ورسم معادلات جديدة في قوة الردع والرعب وقواعد الاشتباك، أفضت الى تحقيق العديد من المفاجآت والانتصارات الاستراتيجية المجيدة.. وتزاحمت المناسبات والاحتفالات والبطولات حيث باتت كل أيام أيار تصدح بأهازيج الفرح والابتهاج وأناشيد الحماس والحرية، وبرفع رايات الوفاء والولاء والسناء والعلو والسنو والوية المجد والنصر والفوز والعزّة والكرامة.. تتجلّى أبهى صورها وأسمى مشاهدها في لوحة “الصمود الاسطوري الكبير” الذي سطرته سواعد المجاهدين في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن وإيران.. على أعتى قوى الاستكبار العالمي الامريكية الصهيونية وعملائهم حكام وانظمة التطبيع الخليجية والعربية.. نذكر اهم المحطات المفصلية في تاريخنا الحديث:
في لبنان.. يُحتفل كل عام في 17 ايار بإسقاط ما يسمى بإتفاق 17 الذي عُرف باتفاق الخيانة والاستسلام والذي تمّ توقيعه بين لبنان والكيان الصهيوني عام 1983 برعاية امريكية، فرضته ظروف الحرب الأهلية اللبنانية والاجتياح الإسرائيلي واحتلال أراضيه وحصار عاصمته بيروت عام 1982. وقد شملت بنود الاتفاق المذلّ إلغاء حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل، وإنشاء منطقة أمنية لبنانية لحماية أمن “إسرائيل”، وتكوين لجنة أمريكية – إسرائيلية – لبنانية ومكاتب إتصال وتفاوض لعقد اتفاقيات تجارية. وقد تمّ إسقاط اتفاق 17 المشؤوم بعد عام من توقيعه أمام انتفاضة المقاومة اللبنانية الباسلة وضغط قادته الوطنيين ومسيرات الرفض الشعبي ودعم النظام السوري، والذي شكّل بداية مرحلة جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني، حيث اصبح لبنان البلد العربي الوحيد الذي أسقط اتفاقية صلح منفرد مع العدو الصهيوني، وكان المدخل لانتصاره في دحر الاحتلال عن عاصمته، ثم عن معظم أراضيه دون اتفاق أو قيد أو شرط. وبدأت فاتحة الانتصارات..
كما يحتفل لبنان كل عام في 25 أيار بعيد الانتصار التاريخي، عيد “المقاومة والتحرير” بعد إسترداد أرضه من نجس احتلال العدو الصهيوني عام 2000، بفضل ضربات ثلة من المقاومين الذين آمنوا بالله وبخيار المقاومة، فكسروا شوكته، وأذلّوا عنفوانه، وحطموا اسطورته: “الجيش الذي لا يقهر”، وأضافوا للامّة عيدا بهيجا يعجّ بمعاني العزّة والكرامة والافتخار والانتصار.. وانتشرت عدوى الانتصار بانهزام العدو الصهيوني في عدوانه الغاشم في تموز 2006، بفضل ترسيخ المعادلة اللبنانية الذهبية: “الشعب والجيش والمقاومة”، التي كرست وعي ومفاهيم جديدة تحت شعار: ”ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات“.
في فلسطين.. حققت المقاومة الفلسطينية انتصارا تاريخيا نوعيا في الحرب العدوانية الصهيونية على غزّة في 21 أيار 2021، تجلى فيه مشهد عظيم وإنجاز وطني كبير بتوحيد الشعب الفلسطيني من مقدسيين ومواطنين في اراضي 48 و67، وفلسطيني الشتاب حول القضية الفلسطينية وتبني خيار المقاومة كطريق وحيد لاستعادة الارض والحقوق، وشهد مسيرات وتظاهرات تضامن ودعم الشعوب العربية الاسلامية والدولية غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم، أدت الى هزيمة الكيان الصهيوني، بفعل صواريخ مجاهدي المقاومة وصمودهم، وتراجع العدو عن اجراءات الفصل العنصري في القدس والمسجد الاقصى، وإنكساره وإنكفائه عن محاولاته لتهويد القدس.. وتجلت مشاهد هذا الانتصار العظيم في لوحة “مقدسية وطنية جامعة” رسمتها أيادي المجاهدين الذين فرضوا واقع جديد غيّرت فيه معادلات القوة وموازين الردع والرعب بفرض إرادتهم وشروطهم دون اكتراث بموقف اميركا العظمى الداعم للعدو الصهيوني.. وقد اعلنوا قادته وفاءً فضل مساندة سوريا ومحور المقاومة، ودعم إيران لهم بالمال والسلاح والخبرات والتقنيات، واعتبروهم شركاء في هذا الانتصار الكبير.. الذي عزز الأمل بان “القدس أقرب” للتحرير.. وبعد تكريس قادة محور المقاومة معادلات جديدة: بأن ”أي انتهاك للقدس والمقدسات يعني حرب أقليمية“، وان زمن الاستفراد بالشعب الفلسطيني قد ولى دون رجعة، وما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة..
في سوريا.. انتصرت قيم الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وثورة الإعمار والتغيير باجراء استحقاق الانتخابات الرئاسية بصورة ناجحة وبمشاركة شعبية واسعة، أجمعت على إعادة انتخاب الرئيس بشار الاسد، رئيسا لسوريا، بنسبة 95,1% في 27 أيار 2021. وقد شكّل هذا الفوز انتصارا لمحور المقاومة والممانعة، وانتصار للإرادة الوطنية للشعب السوري الصامد الذي جدّد الثقة في قيادته الحكيمة، وعبّر من خلال هذا الاستفتاء الشعبي عن رفضه للتدخل الاجنبي في شؤونه الداخلية، ووجّه ضربة قوية للإرهاب والعنف والحرب الكونية والمؤامرات الخارجية، وأثبت من خلال تجربته صوابية تمسّكه بخيار دعم المقاومة ومحور الممانعة كسبيل وحيد في تحرير الاراضي المحتلة في الجولان وكفرشوبا والقدس وفلسطين.. مما يبشر بعهد جديد ومستقبل مشرق.. عهد الفتوحات والاستقرار والتقدم والازدهار..
في اليمن.. تتوالى الانتصارات وأخرها انتكاسة كبرى لجيش العدوان السعودي وحربه على اليمن، في عملية ناحجة للجيش اليمني واللجان الشعبية في محور جيزان في عمق الاراضي السعودية في 29 أيار 2021، تزامن مع تنفيذ سلاح الجو المسير اليمني عمليات هجومية استهدفت قواعده العسكرية، مما ألحقت بهم خسائر بشرية ومادية كبرى، قلبت موازين القوى لصالح اليمن، وغيّرت معادلات الحرب. واعتبرت هذه الإنجازات الميدانية انتصارا لليمن ولجبهة المقاومة وصفعة مدوية للسعودية ومرتزقتها ولمشاريعها الاحتلالية والتطبيعية والتكفيرية.. وهزيمة لدول تحالف العدوان الامريكي الصهيوني.. والآتي أعظم..
وكل أيار وأنتم في انتصار جديد.. واحرار الامّة ومقاوميها في خير ومجتمع رغيد..