أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

ثورة القدس .. الدواعي والنتائج

مجلة تحليلات العصر الدولية - هاشم الهاشمي

(اسرائيل) لن تلفظ انفاسها كما يتوقع الكاتب الصهيوني اري شبيت، واليهود لن يتركوا فلسطين المحتلة كما تزعم بعض الفضائيات الثورية .. لن يحصل تغيير ديمغرافي لصالح الفلسطينيين في ارضهم المغتصبة منذ ثمانين عاما بسبب ثورة القدس وانتفاضة الصواريخ التي نعيش صحوتها هذه الايام، فموازين القوى تخالف كل تلك التوقعات وتنبيء بما يصعب توقعه في المستقبل المنظور.
من ناحية أخرى فان هذه الثورة لن تكون حدثا عابرا كما يمكن ان يتبادر للذهن في ضوء المعطيات المذكورة، بل هي تأسيس لعهد جديد من عهود المواجهة المستمرة مع الكيان الغاصب الذي توهم مليا انه قد نجح في ادارة بوصلة العداء الاستراتيجي بعيدا عنه حين شجعت دول المحور الداعم للصهيونية، الطفيليين من حكام المنطقة الذين يعتاشون على فتات موائد هذا المحور بالترويج للتطبيع وتوجيه انظار الشعوب العربية -المرهقة باعباء ربيعها الذي اطاح بدكتاتوريات الانظمة لصالح دكتاتوريات الاحزاب الشعبوية والطائفية- نحو ايران باعتبارها العدو البديل والهدف الجديد،  هذا الوهم القسري الذي تم فرضه على شعوب المنطقة كانت له العديد من الاثار الخطيرة والتي نجمل بعضها بالاتي:
١. فسح المجال للكيان الصهيوني لانجاز مخططاته التوسعية المعادية للدول العربية والاسلامية والتي لم يتنازل عن اي منها مقابل التنازلات الكبيرة والمؤلمة التي قدمها المتمرغون على اعتابه.
٢. الحرية المطلقة التي استشعرها الكيان الصهيوني لتنفيذ عمليات التصفية الجسدية والعسكرية بحق الاشخاص والمشاريع التي يحتمل انها ستكون ذات خطر على كيانه متجاوزا الجغرافيا والقانون الدولي وسائر المحددات الاخرى.
٣. التنصل عن جميع الالتزامات التي اقترحتها مشاريع التسويات الاممية منذ الاستيطان الصهيوني في فلسطين ولغاية وقتنا الحاضر ووضع الدول العربية والاسلامية امام خيار واحد هو (التطبيع بدون مقابل).
٤. التعسف في استخدام جميع اساليب القمع والارهاب وفرض سياسة التهويد لقضم ما تبقى من اراض للفلسطينيين وخرق الاعراف والقوانين دون خشية من محاسبة او عتب من المجتمع الدولي.
٥. خفوت الاصوات الخجولة التي كانت تنطلق من بعض الشخصيات السياسية المعتدلة في دول الغرب والتي كانت تدعو لانصاف الشعب الفلسطيني.
لقد انقدحت شرارة الثورة من بين تلك الحصيات التي ظن الكيان الصهيوني ان شررها لن ينال من جبروته ولن يوقف طغيانه، وكان من اهم نتائج تلك الانتفاضة الباسلة -رغم فداحة الثمن الذي يمكن توقعه- هو:
١. اعادة بوصلة الصراع الى وضعها الطبيعي لتؤشر على العدو الحقيقي والاساسي والستراتيجي، وان شعوب المنطقة المنشغلة بازماتها المفتعلة لن تبقى مستكينة للواقع المفروض وان فطرتهم ستدفعهم لنصرة اخوانهم في فلسطين وكل المظلومين في العالم.
٢. افهام العدو بأن هناك ثمنا فادحا يجب ان يدفعه ازاء كل مغامرة يقوم بها خارج او داخل فلسطين المحتلة.
٣. اصبح راسخا في ذهن النخبة السياسية الاسرائيلية ان قضم حقوق الشعب الفلسطيني بالقوة الغاشمة قد يكون ممكنا ولكنها ستكون لقيمات مليئة بالاشواك ولن يسهل ابتلاعها.
٤. لقد وضعت هذه الانتفاضة جوقة المطبعين في الموقف الذي يستحقونه لاسيما اولئك الذين ضحوا بشرفهم وسمعتهم اكراما للمعزول ترامب وبدون مقابل.
اخيرا نقول، قد تنتهي هذه الجولة من جولات الصراع بتسوية دولية، وقد تطول فترة التعافي من اثارها امدا ليس باليسير، ولكنها ستبقى -بلا ادنى شك- جرعة مستحقة لهذه الامة المبتلاة بالنكبات وبالحكام الفاسدين، وستعطي المناعة المطلوبة للاجيال اللاحقة والتي سيتم على ايديها العودة الاكيدة والحتمية لفلسطين الى اهلها … وما ذلك على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى