حان الوقت للحديث عن الاستحقاق الإنتخابي في أذار المقبل علينا، كجلمود صخر حطه السيل من عل، وأهميته الاستراتيجية الإستثنائية وتعدُّد اللوائح الكثيرة بشكل غير معقول كتنافس ١١ لائحة على ١١ مقعداً وكأنه لم تقع زلازل وكوارث في لبنان منذ ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٩.
هدف هذا المقال الأساسي هو بحث تكالب إتحاد قرطة جحا حنيكر ضد المقاومة، من أبناء نهر الكلب وبقايا جيف ١٤ آذار وفارس سعيد والسنيورة والقوات (غير) اللبنانية وسبع الغاب الجديد ملك الساحة اللبنانية ولبنان الجديد اللي طلع “لحن بعجيم” المغوار فؤاد مخزومي المتخصص بالطعن بالظهر وتلميذ وليد جنبلاط في هذا الشأن، إضافة لحزب الصيفي والنادووور وحتى الوطنجيين السابقين كأسامة سعد ولا ننسى كلاب السفارات وأضحوكة هيئات “المجتمع المدني” الذين يتناتشون اليوم على عظام إنتخابية وهم ليسوا أفضل من منظومة المافيا والفساد التي يدَّعون محاربتها إذا أنه حتى الثورة في مسخ الوطن تُولَد مشوَّهة، ومجارير أبواق الفتنة والإعلام الأصفر التلفزيوني والورقي ورأس حربته جريدة “النهار أحرونوت”. هذه الأعاجيب البشرية والحزبية أطلقت، كجحا، كذبة “الإحتلال الإيراني” وصدَّقَتْها لدرجة نصب لوحة جلاء إيراني وبرنامجها الوحيد لا حل مشاكل الناس والوضع المنهار بل نزع سلاح المقاومة وهذه هي الأجندة الإسرائيلية الأميركية لذا يتم دفع المال السخي وبذل الدعايات وتسخير الإعلام المعادي بموازنته الضخمة لأجل هذه الغاية.
ومن الآخر، قرأت لأعداء المقاومة، ومحبيها، ما كتبوا عن حملة حزب المقاومة وسعيه الدؤوب للفوز بمقاعد بعد أن كاد يكون الوحيد الذي طرح برنامج عمل وأبدى منجزاته التي قام بها ضمن إمكاناته كحزب مقاوم لا يحل مكان دولة طويلة عريضة وهذا ما لم يفعله حزب آخر.
ولفتني قول بعض المرشحين أن الثنائي الشيعي لم يقم دولة أو لا يهتم بالإقتصاد وهذه إهانة للعقيدة الشيعية المقاومة عبر التاريخ وحزبها الطليعي وإذا كان القائل يريد كسب الأصوات وله حق وظلامة عند فلقة الثنائي الآخر فلا يجب أن يعمم الخاص، وقد رأينا مرجلة البدلاء ونوعية برامجهم الصفرية والحق أن الحزب لم يقم دولة لأن ذلك ليس من اختصاصه في بلد عصي على الإصلاح والمطلوب نفض هذا النظام الطائفي العنصري الحجري من أساسه من خلال مؤتمر تأسيسي جديد.
وسمعت الكثير من الانتقادات، وأنا من بين هؤلاء المنتقدين، عن إعادة تدوير نفس الوجوه النيابية للحزب التي لم تحقق ما كان يصبو اليه الجمهور لكن بالنهاية توصَّلتُ إلى قناعة أن ما حققه حزب هذه الوجوه من إعجاز مقاوم لأشرس عدو خبيث عرفه التاريخ، لا يمكن أن ننساه بهذه السهولة مهما تشدق البعض عن الجوع والنقص في الثمرات والأنفس. ثم يحق للمقاومة بنظري كما يحق للشاعر. هي أدرى بحالها وتعرف مصلحتها ومصلحة الوطن وأثبتت ذلك بجدارة وهي استحقت هذا الشرف الرفيع بعد إنجاز التحرير والكرامة والنصر الذي منحتنا إياه نحن جيل الهزيمة العربية الذي شاهد القهر والإذلال بعربدة العدو يومياً، وربما لهذا السبب يريد المجرمون المتآمرون من العرب والصهاينة تدفيع شعب المقاومة ثمن هذه الإنتصارات وثمن وفائه وعطائه اللامحدودين. فالمقاومة اكتسبت حق حماية نفسها رغم كيد الحاقدين الموتورين القابضين لعشرة مليارات من الدولارات (مليار واحد ويصل للرقم الذي سرقه السنيورة). ومادام جماعة “جو سوي” بلبنان يعبدون فرنسا فليتذكروا أن المقاومة الديغولية شرشحت الفتيات الفرنسيات وبهدلتهن وحلقت شعر رؤوسهن ودارت بهن في الشوارع فقط لأنهن جلسن مع النازيين يحتسين الجعة كرهاً لا طوعاً أو اقترنت بعضهن بالجنود الألمان بينما عندنا لم تحصل ضربة كف للخونة وتم تسليمهم للدولة بل طوب بعضهم العملاء أبطالاً! ومثل كل دولة في العالم، حكم ديغول فرنسا بسبب مقاومته التي حررت بلده من ألمانيا، حتى الثمانينيات قبل أن يطيح بنظامه وبتراثه فرانسوا ميتران الإشتراكي المتصهين بينما مقاومتنا أهدت النصر للبنانيين جميعاً ويتهمونها بالسيطرة على الدولة وهذا من حقها لو أرادت بينما لا تستطيع منع إطلاق عميل سفَّاح خطير أو التظاهر ضد قاضٍ فاسد منحاز!
ولا ننسى أن مؤتمراً مشبوهاً عُقد منذ سنوات في دولة الإمارات، قبل التطبيع العلني مع العدو تمحور حول تفكيك شيفرة المقاومة في لبنان. التخطيط إذاً ضد المقاومة وشعبها قائم منذ التحرير وحتى قبل ذلك وبعده وهو مستمر بعد الإنتخابات، لكن إعلام محور الممانعة للأسف ضعيف وكان عليه أن يبين أفضل بأن المقاومة، بعكس دعاية وتشويهات أتباع جحا، لم تكن سبب الحصار والتجويع وانفجار المرفأ ونهب أموال المودعين التي نفذها سفاح المصرف رياض سلامة ومساعده الأيمن يوسف خليل، وهي رغم مسؤولياتها الهائلة بالرصد اليومي لعدو يملك إمكانات مهولة بالتطور والتقنية، عجزت عنه جيوش العرب، إلا أنها قامت بمساعدة خيرة من الجمهورية الإسلامية في إيران بما يتوجب عليها لرفع المعاناة عن شعبنا بالمشتقات النفطية والمارد الغدائية وغيرها ولم تميز بين اللبنانيين. حتى الأديرة المارونية في كسروان نالت حصتها وشكرت الحزب على عطائه، بينما بطرق الحياد النشيط يربخ على مليارات من مال الوقف في بكركي ولا يستخدمه لإعانة الفقراء، لأنه مشغول بالتصويب على السلاح (وقد لفتني تصريح قديم له يُتداول، يقول فيه لولا سلاح الحزب لوصل الدواعش إلى جونية). هذا الحزب الذي دافع عن شرف المسيحيين والراهبات في صيدنايا ومعلولا والكنائس وتماثيل السيدة مريم (ع) التي دنَّسها المجرمون التكفيريون، والذي حرر الأرض في الجنوب التي طوبها حاخامو العدو أرضاً إسرائيلية للأبد، لم يتغير بل الذي تغير هو استشراس الحملة الصهيو-خليجية وأهدافها ضد المقاومة التي تقف بوجه التطبيع المُذِل مع العدو والخيانة التي أصبحت عادية لدى أنظمة الردة ولأنها لا تزال تدعم قضية العرب الأولى، فلسطين.
لذلك بالنسبة لمرشحي المقاومة، من واجبنا جميعاً، وليس بالضرورة واجباً شرعيَّاً إذا كان هذا يزعج بعض الشيعة السياسيين الذين أصبحوا فجأة متبحرين بالعقيدة، ولكن أقله من الباب الأخلاقي ومن باب رد الجميل لمن منحنا العزة والكرامة ونعمة رفع رؤوسنا على الحدود وردع العدو وحرمه من إستعمال ورقة الحرب والسلم متى يشاء، انتخاب لوائح حزب المقاومة “زي ما هي” ومن دون تشطيب في هذه المرحلة الحرجة التي يتأبط فيها الأعداء شراً مستطيراً لأن فوز المقاومة سيؤدي لرفع الحصار بعد ما نراه من نذور المتغيِّرات الدولية وقرب توقيع الإتفاق النووي وإزالة العقوبات عن إيران بعد حرب أوكرانيا (رُبَّ ضارَّةٍ نافعة). لا بل علينا أن نصر على عودة نواب الحزب بسبب هذه الهجمة-الكذبة غير المسبوقة عن الإحتلال الإيراني ومحاولة الطعن بأنبل مقاومة في العالم، حتى يزول كيد الحاقدين الموتورين الذين يعتبرون الشيعة طارئون وجالية إيرانية بينما يتناسون الجالية الإسرائيلية المعششة بينهم.
هذا بالنسبة للائحة شق التوأم عند الثنائي أما التوأم الثاني فهناك حديث آخر قد يطول ولكن باختصار فإن ترشيح المصرفي السارق المودعين في مصرف الموارد، مروان خير الدين كان غير موفق بتاتاً وكذلك آخرون كانوا في موقعهم منذ عشرات السنين ولم نسمع حسهم ولم نرَ حتى شكلهم (علي عسيران نموذجاً) وهذا قد يؤدي إلى التشطيب أو تمنع الناخبين عن التصويت مما قد يؤدي لخطر خرق لائحة الحركة التي تجربتها في السلطة منذ التسعينيات ويحملها الكثيرون فشل تجربتها في الحكم لعدة أسباب لا مجال الآن للخوض فيها وهي على كل حال باتت معروفة.