دويلة الكويت تغص بدولة العراق
قاسم الغراوي
كاتب وصحفي
العصر- أن عملية رسم الحدود بدات في الـ10 من تشرين الثاني عام 1994، حيث عقد اجتماعان لمؤسسات نظام صدام آنذاك، الأول هو اجتماع المجلس الوطني السابق يوم 10 تشرين الثاني سنة 1994 وأصدر قرارا بالامتثال لقرار الأمم المتحدة رقم 833 لسنة 1993 واعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت للاسف .
هناك 4 فقرات في قرار مجلس قيادة الثورة رقم 200 الصادر في 10 تشرين الثاني 1994 الفقرات التالية:
1- تعترف جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي.
2- امتثالا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 833 لسنة 1993، تعترف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت، كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة( ؟) لترسيم الحدود بين العراق ودولة الكويت المشكلة بموجب الفقرة 3 من القرار 687 لسنة 1991 وتحترم حرمة الحدود المذكورة.
3- تتولى الوزارات والجهات المختصة ذات العلاقة تنفيذ هذا القرار.
4- ينفذ هذا القرار في 10 من شهر تشرين الثاني 1994 وينشر في الجريدة الرسمية والقرار خاص بترسيم الحدود البرية فقط وليس لترسيم الحدود البحرية.
رغم تحسن العلاقات بين العراق والكويت بعد عام 2003 وتم فتح السفارات وبدأت العلاقات تمضي بصورة طبيعية الا ان الكويت حكومة وشعبا لم ينسى أو يتجاوز محنة الحرب المفروضة من قبل نظام صدام ودفع ثمنها الشعب العراقي وبقى لايتعامل بأريحية ويتعاون بل بدأ يصر ويلح على الديون لحد اخر دينار وأصر على ترسيم الحدود والعراق يمر بظروف صعبة وتحديات أمنية .
وبشأن الحدود البحرية، مازالت غير مرسمة لغاية الآن لكن الجانب الكويتي يحاول أن يخنق ميناء أم قصر بشتى الوسائل منها بناء ميناء مبارك ومحاولة ضم مساحات من المياه الإقليمية لجانبه وإيجاد حدود بحرية تصب في صالحة .
عندما بدأ العراق يطالب الأمم المتحدة بإخراجه من البند السابع بعد خروج القوات الامريكية عام2011 كونه مرتبطا بدخول العراق للكويت اشترطت أن يتوافق الطرفان العراقي والكويتي وحل جميع المشاكل بينهما لكي تصدر الأمم المتحدة قرارها بخروج العراق من البند السابع، كانت هناك بعض المتعلقات من ديون ولم يحصل الاتفاق عليها وبالتالي تم استيفاء جميع الديون من العراق.
المشكلة الحقيقية التي أثارت ردود الافعال الغاضبة هو مدينة على الحدود العراقية الكويتية مؤلفة مايقارب من 200 منزل كانت تسمى قاعدة القوة البحرية أو الحي السكني للقوة البحرية أصبحت هذه المنازل أو الحي السكني ضمن نطاق محرمات الدعامات الحدودية ويمر عليها ترسيمها وهي( دليل صارخ لادانة الكويت وتامر مجلس الأمن الدولي) في التجاوز على اراضينا وان كانت خالية من السكان الا انها (عراقية ) .
عندما وافق العراق على ترسيم الحدود طالبت الكويت بإزالة هذه المنازل والعراق أبلغ الجانب الكويتي بصعوبة الإزالة لذا فان الكويت قدمت مقترحا يتضمن قيامها ببناء مدينة سكنية بديلة متكاملة باتجاه مدينة أم قصر بعيدة عن محرمات الدعامات الحدود البرية بين العراق والكويت، حيث وافق الجانب العراقي على المقترح الكويتي، وأحيلت أرض من محافظة البصرة بعد عام ٢٠١١ إلى الكويت بمتابعة وإشراف الحكومة العراقية ومحافظة البصرة وبدأت الكويت ببناء مدينة سكنية بديلة جديدة وأنجزتها عام ٢٠٢٠ والمدينة مكونة من 228 منزلا مع كامل خدماتها اللوجستية وهي مركز شرطة ومدارس ومستوصف صحي ومسجد إضافة إلى شوارع متكاملة.
الناطق باسم حكومة السيد السوداني يعلق : ” هذه المدينة تفتقد لطريق يمتد إلى قضاء أم قصر، و مفترض أن تقوم محافظة البصرة بإيصال الماء والكهرباء وكذلك النت والخدمات الأخرى، حيث إن العراق تسلم المدينة إلا أنه لم يوزعها لحد الان كون لم يصلها الماء والكهرباء والإنترنت”.
وموقف الحكومة حاليا : ” ما تطلبه الكويت من العراق هو إزالة المنازل في المنطقة باعتبارها ضمن محرمات الدعامات البرية الحدودية ولأنها التزمت بتوفير البدائل”. يعني موافقة.
منذ عام 1994 وبعد تنفيذ قرار الأمم المتحدة بالترسيم فيها اجحاف كبير اذا لايمكن القبول بها كما لايسمح للسياسيين في العراق كوزير خارجية أو وزير أو رئيس حكومة أن يسير باتجاه تسليم المزيد من الأراضي للكويت .
هناك معايير تتحكم في هذه الأمور
منها السياسي والفني والقانوني وعل العراق الرجوع للخرائط القديمة عام 1958
ليجد الفرق واضح في المياه الإقليمية والأراضي .
الكويت لديها مشاكل مع جيرانها فيما يخص الحدود الا انها لم تتجرأ أن تفاوض عليها ، لكنها قادرة باتجاه العراق لوجود منفذ مائي تتحكم فيه ولتشتت القرار الوطني وغياب الرؤية ومفترض الاعتراض على جميع الخرائط الحديثة التي رسمت بغياب الوفد العراقي بعد حرب الخليج وان تتحرك الحكومة قانونيا وسياسيا وفنيا والعودة من نقطة الصفر فلايمكن أن تقضم دويلة الكويت ذرة من تراب العراق لأنها حتما ستغص بها
فقدان البوصلة في اجواء ضبابية
قاسم الغراوي
كاتب /محلل سياسي
تواجه العملية السياسية تحديات كبيرة وتتعرض ادواتها واسسها وقيمها الى عواصف من الاعتراضات وازدياد فقدان الامل والثقة بايجاد الحلول الانية والمستقبلية لمسارها واهدافها ، ويتحمل من في المركب المسؤولية وهم في لج البحر الهائج مع ضياع بوصلة الاتجاه للوصول الى بر الامان.
نحن الان في المنطقة الضبابية التي تحولت الى عمياء بفعل فقدان الرؤية السليمة تجاه العملية السياسية من قبل المنظومة المشاركة في ادارة الدولة وتثبيت البوصلة نحو الشروع بالبناء والاصلاح المنشود الذي طال امده ويتحمل المسؤوليه فيه جميع من في السلطة دون استثناء والمعترضين على مسيرتها ممن كان لهم موطيء قدم فيها طيلة عقدين .
فشلت حتى نظرية ليبنهارت في ادارة الدولة بالتوافق والشراكة والتوازن ولم تنتج لنا جيل قادر ان يتحكم بالازمات وينجح في ادارة الدولة التي اشترطت بناء المؤسسات وتقوية سلطة الدولة والقانون واحترام هيبتها .
التظاهرات والاعتصامات نتيجة طبيعية وانعكاس واضح لاخفاق المنظومة السياسية بكل مسمياتها ومكوناتها للنهوض بالواقع العراقي نحو بر الامان.
السيناريوهات المتوقعة حكومة انتقالية يتفق عليها الجميع وشخصية جديدة بعيدة عن حكومة تصريف الاعمال للسيد الكاظمي وكذلك بعيدة عن السيد السوداني و( ربما ) سيتم ايجاد صيغة مناسبة
لنواب الكتلة الصدرية للمشاركة في الحوارات لايجاد نهايات مفتوحة لهذه الازمة الخانقة .
الدعوة لانتخابات مبكرة المطلب الحقيقي الذي يريده التيار الصدري وبعض الكتل السياسية ، لانه يريد ان يكون في قلب المنظومة السياسية باقرب وقت ممكن بعد ان استقال منها ولايمكن ان يكون خارجها ليضغط فقط ، بعد انه خسر تواجده في العملية السياسية القريبة من صنع القرار ، لكنه لازال فاعلا في تحريك الشارع والتاثير فيه باتجاه فرض الشروط.
لقد فقدت جميع الاحزاب الحاكمة للسلطات شرعية قبولها في ادارة الدولة بلحاظ نتائج الانتخابات ونسبة المشاركة فيها ومارافقها من اعتراضات ولغط
وانشطار الكتل السياسية المكوناتية وعدم انسجامها وتوافقها في ادارة الدولة .
من المؤسف جداً بعد عشرين عاما لم يصل العراق الى نهايات يطمح لها الشعب العراقي بعد ان عانى الكثير وقدم الكثير ولا زال ينتظر الكثير .