رؤية (إسرائيل) لتواصل الفلسطينيين معها، وتجاوزهم للسلطة
مجلة تحليلات العصر الدولية

الكاتب: د. عدنان أبو عامر
جرت العادة منذ إنشاء السلطة الفلسطينية أن تكون الجهة الوسيطة بين الفلسطينيين الراغبين بالحصول على تصاريح لدخول إسرائيل، سواء للعمل أو العلاج أو الزيارات العائلية، وبين السلطات الإسرائيلية، من خلال وزارة الشئون المدنية.
لكن منذ إعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني أواخر مايو 2020، توقفت عن القيام بهذا الدور، وأصبح الفلسطينيون يتواصلون مباشرة مع الإسرائيليين، بعلم السلطة الفلسطينية، ولكن دون تدخلها.
يشكل هذا المشهد، من وجهة النظر الإسرائيلية، مصدر قلق طويل الأمد وعميقا للسلطة الفلسطينية تجاه المحاولات الإسرائيلية لإضعافها بإقامة علاقات مدنية عامة وحوار مباشر مع الجمهور الفلسطيني، مما سيؤدي تدريجياً لانهيارها.
هذا الخوف عبرت عنه السلطة بالإعلان مرارا وتكرارا في الآونة الأخيرة بأنها لن توافق أن تصبح مجلساً محليا أو مؤسسة خيرية، لاسيما على لسان حسين الشيخ المسئول الفلسطيني عن التواصل مع اسرائيل.
ومنذ أن توقف التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن النشاط المدني المستمر المرتبط بإسرائيل أصبح تحت “يد مختفية”، وبهذه الطريقة، يستمر عشرات الآلاف من العمال والتجار والمرضى بدخول إسرائيل كل يوم، دون تنسيق رسمي مع السلطة الفلسطينية، ويبدو أنها تستطيع إذا أرادت منعهم من ذلك، لكنها تدرك أن نتيجة هذه الخطوة ستكون احتكاكاً مع الجمهور الفلسطيني، وغضبه منها.
المقصود أن السلطة الفلسطينية، وهي ترى تواصل مواطنيها مع السلطات الإسرائيلية من خلال القفز عنها، وعدم التنسيق معها، تستطيع منعهم، كي لا تتحول إلى عديمة الجدوى، وفاقدة لسيادتها عليهم، لكنها تخشى في المقابل من نتيجة هذه الخطوة المتمثلة في غضب الفلسطينيين منها، لأنها من خلال منعها لهم تتسبب في تعطيل مصالحهم، وتوقف مسار حياتهم في المجالات الاقتصادية والمعيشية، ولذلك فهي تغض الطرف عنهم، ولا تحاول منعهم من إجراء اتصالاتهم مع الإسرائيليين، دون المرور بها.
في الوقت الحالي، تفضل السلطة السماح للوضع الحالي بالوجود من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، الذي تعرض لضربة شديدة خلال أزمة كورونا، وهكذا فإن تشديد التواصل بين الجمهور الفلسطيني وإسرائيل ليس فقط كابوسا وجوديا للسلطة، بل يجب اعتباره أيضًا مشكلة أساسية لإسرائيل، لأن تكريس جزء كبير من الفلسطينيين لعلاقة مدنية مباشرة معها، وتطلعهم لتحسين نوعية حياتهم، وجودة الخدمات التي يتلقونها، يعني استمرار انخفاض قيمة ومكانة السلطة الفلسطينية.
هذا الواقع الجديد سيزيد من الدعوات الإسرائيلية للبدء بإجراءات تدريجية لتفكيك السلطة، وفي الوقت ذاته يرفع من وتيرة تجاوز الفلسطينيين لها لإنجاز معاملاتهم اليومية، ذات الطابع المعيشي والاقتصادي، من خلال التواصل المباشر مع الجهات الإسرائيلية، وهو ما يفرض تحدياً خطيرا، ذا طابع وجودي على السلطة برمتها!
عن الكاتب
الميلاد 1974
بلدة عاقر قضاء الرملة ، فلسطين المحتلة، غزة
حصل على عدة الشهادات:
شهادة الدكتوراة في التاريخ السياسي من جامعة دمشق.
شهادة الماجستير في التاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة.
شهادة البكالوريوس في التاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة.
الخبرة الأكاديمية
عمل محاضراً لمساق "دراسات في القضية الفلسطينية " في الجامعات الفلسطينية: الجامعة الإسلامية - جامعة فلسطين - جامعة الأمة - الأكاديمية الأمنية .
عميد كلية الآداب، ورئيس قسم الصحافة والإعلام في جامعة الأمة للتعليم المفتوح .
الإشراف ومناقشة عدد من رسائل الماجستير في عدد من الجامعات الفلسطينية.
الخبرة البحثية
تحرير الشئون الإسرائيلية في عدد من الصحف والمجلات الدورية.
الكتابة الدورية في بعض المواقع الإخبارية: الجزيرة.نت ، إسلام أون لاين ، صحيفة الرسالة ، صحيفة فلسطين .
البحث والترجمة لدى عدد من مراكز الأبحاث الفلسطينية والعربية، وإعداد الدراسات والأبحاث وترجمتها، من اللغة العبرية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي، بصورة غير متفرغة.
المؤلفات التاريخية والسياسية
نشر عدد من الكتب حول قضايا ذات صلة بالتاريخ المعاصر للقضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي :
الحركة الإسلامية في قطاع غزة 1967-1987 - مركز الإعلام العربي –القاهرة
الجذور التاريخية للصراع على المياه في فلسطين - مركز باحث للدراسات - بيروت
الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في قطاع غزة - المركز العربي للبحوث - غزة
دحر المقاومة للاحتلال الإسرائيلي عن قطاع غزة - مركز باحث للدراسات - بيروت
السياسة الإسرائيلية في مدينة القدس - المركز العربي للدراسات الإنسانية - القاهرة
قراءات في فوز حماس في الانتخابات التشريعية - مركز اليمان للإعلام - غزة
الموقف الإسرائيلي من قضية اللاجئين - تجمع العودة - بيروت
ثغرات في جدار الجيش الإسرائيلي - مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات - بيروت
حدث في مثل هذا اليوم في التاريخ الفلسطيني - مؤسسة العودة - دمشق
الإعلام الإسرائيلي .. السلاح الأمضى في المعركة - المركز العربي للدراسات الإنسانية - القاهرة
الترجمة من اللغة العبرية
ترجم العديد من المنشورات من اللغة العبرية إلى العربية وهي :
المطلوب إحداث ثورة في الجيش الصهيوني، مركز باحث-بيروت
موسوعة ألف يهودي في التاريخ الحديث- مؤسسة فلسطين للثقافة-دمشق
دروس مستخلصة من الحرب الإسرائيلية على لبنان- مركز الزيتونة للدراسات-بيروت
المخابرات الإسرائيلية...إلى أين؟ مركز باحث للدراسات- بيروت
رؤى إسرائيلية للحرب على غزة- مركز دراسات الشرق الأوسط- عمان.
قراءات إستراتيجية إسرائيلية- مركز الزيتونة للدراسات- بيروت.
الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في مواجهة حروب العصابات- مركز باحث-بيروت