أحدث الأخبارشؤون امريكية

سقوط الحضارة الأمريكية انتحاراً

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

قرأتُ منذ فترة كتاباً جميلاً عن “أصول الحضارة”، والذي لفت نظري حينها أن الكاتب المحترم حينما كان يستعرض عوامل السقوط الحضاري، أن هناك “السقوط انتحاراً” فاستغربتُ حينها وقلتُ في نفسي: هل يمكن أن تنتحر الحضارة؟
يقول الكاتب: “لا تسقط الأمم إلا بأيدي أبنائها ورجالها، وإن كان للعوامل الخارجية تأثير في هذا السقوط إلا أن التأثير الأكبر هو للعوامل الداخلية، فتصرفات أبنائها هو ما يؤدي إلى سقوطها، ولذلك يمكن القول: إن الحضارات تسقط وتنتهي انتحاراً، ولا تموت بشكل طبيعي”.
ولكن كيف تنتحر الحضارة؟
يُجيب: “إن انتحار الأمم هو في الأغلب تدريجي وبطيء، ويأتي نتيجة التخلي عن القيم الإنسانية والمثل العليا، ومن ثم السقوط في وادي الاستبداد والظلم والفساد”، وهو ما يؤكده سماحة السيد علي الخامنئي بقوله: “الحضارة الغربية آيلة للسقوط”، وذلك بسبب “الانحرافات الفكرية والعملية والأخلاقية المختلفة، وانهيار بناء الأسرة، والعنف المتزايد، والفساد الأخلاقي وعمليات الانتحار التي يُعاني منها العالم الغربي وخصوصاً أمريكا جميعها أمور ناجمة عن هذا الأمر، حتى أن بعض المفكرين والعلماء الأمريكيين قد اعترفوا بشكل صريح بهذه الأمراض والمشاكل والافتقار إلى الأخلاق”.
وهذا بالضبط الذي نراه اليوم بأم العين في إمبراطورية الشر الأقوى في العالم، حيث غلَّبوا منطق القوة على قوة المنطق، فساقوا العالم إلى الأمركة بعصا القوة وبالحديد والنار محاولين طمس المعالم الحضارية والهوية للشعوب والأمم، وتلاعبوا بالأديان والقيم، ليمسخوا كل أصيل ويضعوا بضاعتهم الفاسدة في كل بقاع الأرض، ومَنْ يقف بوجههم صار في محور الشر ويجب إبادته.
ولكن العدل الرَّباني في هذه الحياة، والسُّنن الإلهية فيها، هي التي ساقت إلى كرسي الزعامة العالمية شخص معتوه ومتهور مثل دونالد ترامب، ليدفع بالحضارة الأمريكية إلى الانتحار بيده لأنه طاغية وسفاح مجرم، وجاهز ليُدمِّر العالم ليبقى في الحكم، ولكن لا علم له في السياسة فهو رجل مال وعصابات ومافيات ولا عهد له بالدبلماسية، والنفاق الذي كان يعتمده الرؤساء الأمريكان من قبله.
ولكن دور هذا الرئيس لأمريكا سيجعل سقوطها انتحاراً مدوِّياً يوقظ العالم من غفوته، ويجعله يصحو من سكرته التي أدخله فيها الأمريكان بالكذب والدَّجل الإعلامي على الطريقة الهوليودية الداعرة، فدور الرجل أساسي في السقوط كما كان دوره السياسي في الخراب والفساد الحضاري العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى