تركيا:سوبر ماركت الأوهام .. من يشتري الوهم الا الواهمون؟ قلب الذئب في أنيابه !!

نارام سرجون
العصر-هل تصدقون ان أكثر بضاعة بيعت في التاريخ وتبادلها البشر كانت الوهم .. وان اهم تجارة راجت بين البشر على الارض كانت تجارة الوهم .. والاوهام تباع في الأسواق كما تباع في الاديان وفي السياسة .. فالتجار يبيعونك الشيء وانت تظن انك أخذت منهم كنزا وضحكت على لحاهم .. وتجار الاديان يبيعون الايمان والحلال والحرام ووهم الجنة والنار .. ويبيعون التكفير او الغفران .. واليهود يبيعون وهم الارض الموعودة التي باعها اليهود للبشر عبر رواية وهمية عن وعد الرب لمنح الارض من الفرات الى النيل لليهود .. وفي السياسة يبيعك الساسة الحرب ثم يبيعونك السلام تحت نفس الوهم بأنك حاربت من اجل قضية وسالمت من اجل نفس القضية .. والاميريكون يبيعون وهم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وهم اكثر من فتك بالبشر وسحق حقوق البشر .. ولكن الاميريكيين هم اكثر تجار الوهم في التاريخ .. وقد وسعوا تجارة الوهم وافتتحوا سوبرماركت الأوهام في كل بلد عبر توظيف مثقفين مرتزقة وكتاب واعلاميين .. يبيعونك الوهم كما يبيعونك ترياقا مضادا للوهم .. وأنت تشتري البضاعتين راضيا مرضيا ..
الساذج هو من يشتري .. والذكي هو من يضع يده في جيبه ويمضي دون ان ينفق وقته وماله في شراء الوهم من اي من دكاكين الوهم .. او من فروع سوبر ماركت الاوهام .. وخاصة فروعه العربية والعثمانية والامريكية ..
تركيا منذ عشرين عاما افتتح فيها الاميريكون سوبرماكت الوهم الاسلامي لصاحبته السي أي اي التي باعت بضاعتها في أفغانستان وجنت ارباحا طائلة ودون خسائر… وسوبرماركت تركيا للوهم عرض فيه (الحل الاسلامي) .. و (الخلافة الاسلامية) .. وتدافع الزبائن العرب والمسلمون لشراء الوهم من السوبرماركت الذي كان يديره موظف اسمه رجب طيب اردوغان .. تم توظيفه عام 2002 لمهارته في التسويق والضحك على اللحى .. وصارت تركيا في عهده من أكبر تجار الوهم ومراكز توزيعه ووكالته .. فهناك من اشترى منها بضاعتها العثمانية والوهم العثماني والخلافة والحل هو الاسلام .. وهناك من اشترى بضاعتها الاسلامية والوهم الاسلامي .. وهناك من اشترى قصة غضبة اردوغان في ديفوس ووهم مرمرة وكانت كل البضائع التركية وهما على وهم .. ومن هناك تم بيع وهم جديد اسمه (الربيع العربي) الذي كان يظن من اشتراه انه سيورق ربيعا ونعيما على العرب .. وتدافع الليبيون واشتروا مذبحة منه سموها ثورة ليبية .. وتسابق سوريون لشراء وهم الثورة السورية وهي من أكبر المذابح .. فيما تركيا اوهمت من ينتظرها في عواصم العرب انها ستأتي لانقاذهم بغتة ولن توقفها قوة في الارض .. ولن تتوقف الا للصلاة في الجامع الاموي .. وانتظر الواهمون البضاعة التركية والجيوش فلم يصل شيء .. وقتل من قتل وسحق من سحق والوهم ظل يباع الى يومنا هذا عبر وكلاء موظفين عند مدير سوبر ماركت الوهم في استانبول .. فهناك من لايزال يظن ان تركيا تحفر الانفاق تحت سورية لتفتح الانفاق في وسط الجامع الاموي وتخرج تركيا منها وتنقذ حلم الاخوان المسلمين .. وهناك من يشتري وهما يقنعه ان تركيا انحازت الى روسيا .. وهناك من يظن ان تركيا تناصب اميريكا العداء وان الخلافات بينهما حقيقية .. ومن يسمع باعة الوهم يظن ان تركيا ستفعل في جيوش اميريكا مافعلته اليابان في بيرل هاربر .. وهناك من يظن ان تركيا سالمت مصر وانها تخلت عن الاخوان المسلمين .. وهناك وهناك .. وهناك .. وهناك .. المهم ان تركيا هي سوبر ماركت لكل وهم تريده .. اطلب اي وهم وسيتم تأمينه لك .. فهي بلاد الاوهام .. والواهمين ..
sadawilaya.com
أخر اصدارات الاوهام التي تنتجها تركيا هي انها ترغب في المصالحة مع الدولة السورية .. وتبيع فوق هذا الوهم وهما آخر يقول انها مستعدة للانسحاب من الاراضي المحتلة في ادلب وشمال غرب حلب .. وطبعا قامت شركات الاعلانات والترويج بالترويج للبضاعة الجديدة وحجتها في الترويج ان تركيا صالحت مصر وأعطتها ماتريد .. وان اروغان مستعد لدفع ثمن الانتخابات التركية عبر صفقة مع سورية ..
ولكن الغريب انه رغم كثرة المنادين على البسطات وفي كل المحلات والبقاليات السياسية لايريد اي زبون سوري ان يشتري .. والغريب ان هناك اجماعها في الشارع السوري ان تركيا كذابة بنت كذاب وان اردوغان كذاب ابن كذاب .. وهو لايعني اي وعد ولايوثق بأي وعد يقطعه .. وان كل مايقوم به هو مناورات ومقايضات .. وان الرجل لم ينسحب من متر واحد من سورية بالمفاوضات .. بل كل ماتخلى عنه كان بالقوة والاكراه وبحد السيف وبتدفيعه الدم ثمنا .. وانه أطلق وعودا منذ اتفاق استانة أكثر مما أطلقته اميريكا للهنود الحمر في 200 سنة من انها تعترف بحقوقهم .. والرجل باختصار شديد لايجد ان التخلي عن هذا الجزء المحتل يستحق اي ثمن .. فالحصول على هذه القطعة من سورية كان بشق النفس ولايمكن ان يتركها تحت اي ظرف .. وكل الحكاية هو انه يساوم الامريكان والاسرائيليين .. أي عينه على اسرائيل واميريكا وهو يفاوض على الانسحاب من سورية .. لأن أسرائيل تريده ان يبقى في الشمال كي تبقى سورية منشغله عنها شمالا وكي يبقى الخزان الارهابي ملآن لحين الحاجة اليه ..
هناك محاولة اردوغانية لتقريب موعد الانتخابات التركية لتكون في نيسان بدل توقيتها في صيف 2023 .. وهذا يفهم منه ان اردوغان يريد ان يبيع الوهم للشعب التركي بسرعة لأنه سيكثر من الحديث عن المصالحة مع الدولة السورية خلال الأشهر الثلاثة القادمة وان كل مشاكل اللاجئين والاقتصاد ستشهد انفراجات قريبة .. مما يعيد الزبائن لشراء الوهم العثماني والرهان على المنتج الجديد .. ولكن هذه وعود ضخمة جدا وتنفيذ برنامجها يحتاج وقتا وعملا مكثفا جدا لحل مئات المشاكل القانونية والمالية والجداول الزمنية مستحيلة التطبيق .. فلايوجد وقت كاف لحل كل هذه المشاكل للاجئين السوريين في تركيا وعشرات آلاف المقاتلين المسلحين في ادلب .. رغم ان أهم مشكلة هي ادلب وليس اللاجئين .. فاردوغان بامكانه افراغ ادلب من المسلحين…