شاه إيران يزور إسرائيل لمواجهة “نظام آية الله”

محمد حسن زيد
العصر-الشاه بهلوي الذي رفضت أمريكا استقباله بعد نجاح الثورة الإيرانية عليه سنة 1979 نجله رضا بهلوي يعود لواجهة الأحداث السياسية بزيارة رسمية لإسرائيل تقول عنها وزيرة المخابرات الإسرائيلية غيلي غمليئيل: *”يشرفني أن أستضيف ولي العهد الإيراني رضا بهلوي وأقدر قراره الشجاع بزيارة إسرائيل لأول مرة. ولي العهد يرمز إلى قيادة مختلفة عن قيادة نظام آية الله، ويدافع عن قيم السلام والتسامح. على عكس المتطرفين الذين يحكمون إيران”*.
وفي المقابل صرح رضا بهلوي عن هذه الزيارة قائلا: *”إن إيران الديمقراطية ستسعى إلى تجديد علاقتها مع إسرائيل، الشعب الإيراني يتطلع إلى حكومة تحترم تراثها مع الحفاظ على حقوق الإنسان واحترام التنوع الديني والثقافي من خلال إعادة العلاقات السلمية والودية مع إسرائيل”*.
نجل شاه إيران الذي كان يُلقب نفسَه بـ”ملك الملوك” حيث لم يكن أحد من العرب يُعاديه ولا يستشعر أي خطر من جهته – الشيعي الذي لا يُتهم بالمجوسية، والسبب كما يبدو بسيط.. لانه إيراني يُوالي إسرائيل، وشيعي لم يعد الإسلام بالنسبة له سوى اسم ولقب وتراث ثقيل بعد أن تحول عقلُهُ وولاؤه وعبوديته للطاغوت..
إن هذه الزيارة وهذه التصريحات تُبين بوضوح خلفية الصراع المشتعل في المنطقة حاليا باعتباره صراعا مع الصهيونية والذي حاول البعض إظهارَه بمظهر “الحفاظ على العروبة لمواجهة المد الفارسي” وأحيانا بمظهر “الحفاظ على مذهب معين لمواجهة الخطر الشيعي” وأحيانا أخرى بمظهر “الانعتاق من عقليات القرون الوسطى”!
ففي ظل الاستقطاب الحاد وزيرة المخابرات الإسرائيلية ورضا بهلوي يُرددان مقولات نسمعها كثيرا في أوساطنا العربية والإسلامية لكن لا نفهمها، فهل رضا بهلوي هو “الإسلام المعتدل” الذي هو عكس “التطرف”؟ وهل رضا بهلوي يُجسّد “قيم السلام والتسامح”؟ وهل رضا بهلوي قائدٌ لـ”حقوق الإنسان” و”الديمقراطية” و”الاعتناء بالتراث الوطني” و”احترام التنوع الديني والثقافي”؟
أقول لمن يتحمس لمثل هذه المقولات ويرددها هل يعلم ما الذي يُريده بها؟ وهل يعلم ماذا يُراد له من وراء ترديدها؟
فنحن مثلا كمسلمين عندما نردد “الله” و”الإسلام” و”محمد” نرددها صادقين أملا في الفوز بالجنة والنجاة من النار لكننا نسمع ذما ممنهجا لما يُصطلح عليه بـ”الإسلام السياسي”، وفي المقابل يقدم لنا رضا بهلوي نموذجا واضحا لـ”العمالة السياسية” ويجسد “التبعية الثقافية والفكرية للخارج” بطريقة مفضوحة ولا نسمع أحدا يستحي من درجة التشابه بينه وبين بهلوي! أليس النفاق الديمقراطي والحقوقي ممكنا كالنفاق بالإسلام والقرءان؟ وإذا كان من المذموم استخدام شعارات “الإسلام” لخداع الشعوب والركوب عليها نحو السلطة، أليس من المذموم تغطية السوأة بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان لكسب رضا الغرب والركوب فوق دباباتها وطائراتها إلى القصور الجمهورية ونيل المناصب والألقاب؟
وإذا كان البعضُ سيقول: “رضا بهلوي العميل لا يمثل الديمقراطية” كي ينزه الديمقراطية وحقوق الإنسان من عار العمالة، ونحن أيضا يجب أن نُنزه الإسلام من الممارسات الخاطئة لأننا كمسلمين مأمورون بالحكم بما أنزل الله وإلا فنحن ظالمون *”وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”*، ومأمورون من الله بعدم التحايل على الشريعة كما تحايل أصحابُ السبت، ومنهيون من العمالة للغرب أو مجرد الولاء لهم *”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ”*، فهذا هو تكليفنا الذي لا مراء فيه مهما بلغت خصومةُ بعضنا مع “الإسلام السياسي”، فلا يصح أن ننبذ الإسلام والشريعة وراء ظهورنا لمجرد ان هناك من يستغل الإسلام أو لأن هناك تيارا كاريكاتوريا صنعته مخابرات العدو لشيطنة مظاهر الإسلام وشرائعه..
*ما الذي أعاد هذا الكرت المحترق إلى الواجهة السياسية؟*
تريد المخابرات الإسرائيلية بهذه الزيارة الإيحاء بأن المشروع التحرري في إيران قد فشل وان هناك قبولا شعبيا لعودة الشاه.. لكن ما أثبتته هذه الزيارة فعليا هو العكس تماما فلجوء إسرائيل لكرت محترق هو دليل الإفلاس والفشل الطويل، فمنذ 1979 لم يمكن إنجاز خرق سياسي داخل الجسد الإيراني يُناهز وزنَ الشاه أو يكافؤه!
تأتي هذه المحاولة الإسرائيلية عكس التيار لأن نظام آية الله الذي صمد عقودا من الزمن ضد حروب وحصار ومؤامرات هو الآن في ذروة القوة مُذ أصبح له وزن دولي في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب..
لا يمكن بهذه الألاعيب إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية لأنه دولة مؤسسات لا دولة حزب وأشخاص فقد أصر الخميني منذ الوهلة الأولى أن لا يتولى نجلُه أيَّ منصب في الدولة لتبقى دولةً للشعب ولتبقى من بعد وفاته راسخة برسوخ الشعب الذي هو في غالبيته الساحقة متمسك بالإسلام ومناهض للصهيونية..
خواتم مباركة