شجرة الميلاد تظهر لأول مرة في السعودية.. انفتاح أم دجل سياسيّ؟
مجلة تحليلات العصر الدولية / الوقت
لأول مرة في تاريخ مملكة آل سعود، ظهرت أشجار عيد الميلاد الذي يُعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحيّة على الإطلاق بعد عيد القيامة، إضافة إلى أدوات الزينة الخاصة باحتفالات رأس السنة الميلاديّة، في حالة شكلت صدمة كبيرة للسعوديين الذين مُنعوا منذ عقود من إدخالها إلى البلاد واقتنائها، في مجتمع منغلق بشدة بسبب التضييق الحكوميّ الممنهج بالتعاون مع السلطة الدينيّة الوهابيّة في البلاد.
لم يكن التحول الذي تعيشه المملكة اليوم تحولاً تدريجيّاً، فمنذ تولي الانقلابيّ محمد بن سلمان ولاية العهد، سعى إلى تغيير هذا البلد المنغلق بشكل سريع نحو الانفتاح الكامل، وهذا لا يمكن بأيّ شكل أن يتم بهذه السهولة في بلد محافظ جداً دون دفع أثمان في عدة جوانب أهمها الاجتماعيّة والدينيّة، حيث يعتبر جزء لا بأس به من السعوديين الذين تشربوا أفكار شيوخهم أنّ تلك التغييرات تتنافى مع القيم التي نشؤوا عليها والتي تحاول السلطة نفسها أن تغيرها بعد عقود من حقن الأفكار الوهابيّة، في الوقت الذي يشكل فيه الانفتاح الكبير خطورة لا تقل عن “الانغلاق التام” بعد الكبت الخانق الذي كان يعيشه المجتمع السعوديّ.
وبالعودة إلى موضوع عيد الميلاد في السعودية، كان من المستحيل بيع البضائع الخاصة بهذا العيد بشكل علنيّ في البلاد سابقاً، ولكن بعد أن شهدت المملكة مؤخراً تقليص دور ما تسمى “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التي كانت بمنزلة شرطة دينيّة في البلاد، أصبح من السهل الحصول على أدوات الزينة الخاصة بتلك الاحتفالات، ما شكل ذهولاً لدى الناس الذين كانوا يشترون تلك الأدوات من لبنان أو سوريا ويدخلونها بشكل سريّ للمملكة، وكانوا يحتفلون بعيد الميلاد خلف الأبواب المغلقة، أو في المناطق التي يقيم بها الأجانب.
وحول هذا الموضوع، كان شراء أدوات زينة عيد الميلاد وتزيين الشجرة حلماً بعيد المنال لدى الأجانب في السعودية نتيجة التضييق الكبير من قبل الحكومة، واليوم يدعي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجاريّة والصناعيّة بالرياض عجلان العجلان، أنّ 15 مليون أجنبيّ يعيشون في السعودية بكل حرية و أريحية ويمارسون عاداتهم وأعيادهم وطقوسهم على كل المستويات وفي كل المناسبات.
يشار إلى أنّ “هيئة الترفيه السعودية” التي وُضعت في الواجهة بديلاً عن “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، تعد مسؤولة عن الاحتفالات والتغييرات التي بدلت الشكل المحافظ للمملكة إلى انفتاح رافقه انتقادات داخليّة كثيرة، في الوقت الذي تشهد فيه السعودية تحولات اجتماعية غير مسبوقة منذ تأسيس هيئة الترفيه عام 2016، والتي نزعت الرداء الدينيّ السعوديّ بحسب منتقدين، لمحاولة تحسين صورة ولي العهد محمد بن سلمان لدى الدول الغربيّة.
وكما هو معتاد على مواقع التواصل الاجتماعيّ، انقسم السعوديون بين مؤيد ومعارض لتلك القضيّة، فيما تم تداول صور أشجار أعياد الميلاد في متاجر المملكة على نحو واسع، بعد أن شهدت المواقع حالة من الشد والجذب والرفض والقبول في تعليقات المغردين حول وجود زينة الكريسماس بأسواق المملكة، أو الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلاديّة، حيث تفاجأ السعوديون بهذا الحدث داخل المملكة التي كانت تفرض رقابة متشددة عن طريق “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، ومن ضمنها منع المتاجر من بيع أيّ شيء متعلق بزينة الميلاد.
في الختام، لا يمكن وصف ما تقوم به السلطات السعوديّة بأنّه انفتاح أو علمانيّة، لكن وبكل بساطة حق يراد به باطل، حيث إنّ الرياض تمارس الدجل السياسيّ أمام العالم، للتغطية على سلسلة الأعمال الإجراميّة المتواصلة التي يرتكبها حكام آل سعود وطفل السياسة “محمد بن سلمان”، بعد أن أَخرجت عائلة آل سعود بلاد الحرمين الشرفين، من دائرة الدور الذي يفترض أن يكون ريادياً على المستوى الدينيّ و السياسيّ العربي، لتودي به إلى الدرك الأسفل كما يقول العرب، نتيجة الانبطاح السعوديّ والخيانة الواضحة، وإزهاق دماء العرب، تحقيقاً لمصالح أمريكا وطفلها المدلل، الكيان الصهيوني الغاصب، من بوابة المال والتطبيع والانفتاح الكاذب.