صاروخ ديمونا، استنتاجات وعبر وازمة الكيان
مجلة تحليلات العصر الدولية - يونس عودة
بغض النظر اذا كان صاروخ ديمونا “طائشا” مثلما تردد في احد بيانات جيش الاحتلال الصهيوني ، ام انه كان “رزينا” وله هدف محدد ، فان الاهم في خلاصة الامر ، ان عبرا مهمة استقيت ونتجت من انفجار الصاروخ، ولعل ابرز النتائج تبيان هشاشة الكيان بمكوناته السياسية، والامنية – العسكرية، وايضا المجتعية والنفسية.
في الخلاصات المباشرة ، على مستوى الامن ومفاعيله ، فان البيانات الرسمية الصادرة عن جيش الاحتلال، كانت متناقضة ما عكس الارباك في المؤسسة العسكرية والامنية على حد سواء، وبحسب البيان الأول، فإن صاروخا مضادا للصواريخ أطلقه الجيش الإسرائيلي فشل في اعتراض صاروخ اطلق من سوريا. وقال البيان الثاني للجيش الإسرائيلي إن تحقيقا أوليا أظهر أنه لم يتم اعتراض الصاروخ السوري عمليا. وقال وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، إنه “سنجري تحقيقا في الاعتراض الذي لم ينجح”. وقال بيان اخر للجيش الاسرائيلي انه “في أعقاب الحادث الأمني المتمثل بسقوط صاروخ سوري أرض – جو طائش داخل السيادة الاسرائيلية كثرت الأقاويل والتعقيبات غير الدقيقة”. وتابع: “لذا يهمنا توضيح تسلسل الأحداث على الشكل التالي: أولا – ليل أمس قام الجيش السوري بتفعيل مضاداته الأرضية مطلقا صواريخ من نوع ” SA 5″. ثانيا – أحد هذه الصواريخ تجاوز هدفه وانزلق في منطقة النقب، ولم يكن موجها أو مستهدفا أي مكان معين، ولم تأت البيانات على ذكر ديمونا حيث المفاعل النووي الاسرائيلي.
ان الارباك اظهر في ظل الازمة السياسية الاسرائيلية التي دونها صعوبة تشكيل حكومة رغم الانتخابات المبكرة تكرارا، ان في الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية ، عدم احترافية في هذين الركنين في الكيان ، اذا استثنينا ارتكاب المجازر وعمليات القتل الممنهج وهو ما ينفذ بحرفية فائقة.
اظهرت عملية الصاروخ ان منظومات الدفاع المضادة للصورايخ سواء القبة الحديدية، او الباتريوت ، او حيتس وهذه الاخيرة فاخر جيش الاحتلال مؤخرا بتطويرها ، غير فعالة الى حد الوهن، فهي لم تكتشف الصاروخ ، ولم تتفعل. واذا صدق احد بيانات الجيش بانه تم اكتشاف الصاروخ ، لكن لم يجر التعامل معه بالصواريخ المؤهلة لاسقاط مثل هذا النوع ، فان الامر يزيد في طين الجيش الاسرائيلي بلة. ولعل ما انزلق به أفيغدور ليبرمان وزير الحرب الإسرائيلي السابق، ” تعليقا على سقوط صاروخ سوري قرب ديمونا من أنه كان “من الممكن أن ينتهي سقوط صاروخ برأس حربي يزن 200 كلغ على إسرائيل بشكل مختلف” وأن “إسرائيل تشهد شللا حكوميا وتآكلا لقوة الردع”، يعكس واقعا لم يعد بامكان الاحتلال اخفاؤه في الازمة الوجودية التي هي الاقسى منذ انشاء الكيان على ارض فلسطين .
لقد قطع الصاروخ مسافة 150 كلم ، دون ان يتم اعتراضه ، وفقا ايضا لبيان رسمي اخر ، ما يعني ان الصاروخ مجهز بنظام تشويش خدع المنظومات الاسرائيلية واكمل طريقه البعيدة من مكان اطلاقه.
لم تنفع كل محاولات الهروب من معاني اطلاق الصاروخ ، في تطمين المستوطنين – اي الجبهة الداخلية – الى المستقبل بحيث ان التفكك الطبيعي بات كابوسا مخيما ليس على المستوطنين فحسب بل على قيادات واركان الكيان ، اما في المدى المنظور فان الصاروخ اليتيم يمكن ان يرسي قواعد اشتباك جديدة ، وقد فهم قادة الاحتلال تماما الرسالة المطلوبة من الصاروخ كما اراد الذي اتخذ القرار تماما مثلما حصل في شباط 2018 عندما اسقطت الدفاعات السورية طائرة “اف16” اسرائيلية ما ابعد الطائرات الاسرائيلية عن الاجواء السورية ، لتقوم بتنفيذ الاعتداءات اما من الاجواء اللبنانية او من الاجواء الفلسطينية والجولان ، وإما من فوق المياه الاقليمية في المتوسط .
كان واضحا تعليق قائد الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، على الصاروخ الذي سقط قرب مفاعل “ديمونا” : “لن نعلن شيئا عن منفذ الأحداث الأخيرة ضد إسرائيل ولا نعلم من هو، لكن جبهة المقاومة سترد بحزم على الأعمال الإسرائيلية”. وان”العمليات التي جرت ضد إسرائيل مؤخرا والإجراءات المستقبلية التي ستهدد مصالحها، ستعيد الإسرائيليين إلى رشدهم”.