صفقات العقود الكبرى في العراق هل للبناء ام لغسيل الاموال
ابراهيم المهاجر
العصر-الحكومات المتعاقبة على ادارة الدولة العراقية منذ عام ٢٠٠٨ ولغاية ولاية السيد محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء وقعت عقود مع التوأمان الامريكي والاوربي عملاقي توليد الطاقة الكهربائية في العالم جنرال الكتريك (GE) الامريكية وسيمنس الالمانية ما مجموعه رقم فلكي يزيد على ١٠٥ مليار دولار امريكي. كانت حصة شركة جنرال الكتريك المعلنة من هذه العقود ٦٠ مليار دولار وسيمنس ٤٥ مليار دولار. ولكن رغم حجم هذه العقود التي ابرمت مع هاتين الشركتين الى جانب شراء الكهرباء من ايران، التي اطفأت تراكم ديونها على العراق والبالغة ١٠ مليار دولار بقرار من المرشد السيد علي الخامنئي، لم ينعم المواطن بزيادة ساعة واحدة في توليد الكهرباء. وليس من النافلة ان نقول؛ ان البنى التحتية للطاقة الكهربائية ما عادت تكفي لسد حاجة ٤٢ مليون نسمة وهي مصممة لسد حاجة ٢٥ مليون نسمة لغاية عام ٢٠١٥ ولكن الغريب مع هذا التلكأ الواضح في انتاج الطاقة الكهربائية يخرج علينا سنة ٢٠١١ نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة بكذبة كبرى ان العراق سوف يبيع الكهرباء الى دول الجوار سنة ٢٠١٣. هذه العقود التي بلغت قيمتها ١٠٥ مليار دولار لو تم صرفها في دولة غير العراق لكان اقل إنتاج للطاقة الكهربائية ما يزيد على ١٥٠ الف ميكاواط على اقل تقدير. لان كلفة بناء انتاج الميكاواط الواحد عالميا من قبل شركة سيمنس الالمانية هي ٦٥٠ الف دولار. الا للعراق فإنها تحسبه بمبلغ ١,٢ مليون دولار اذا بقي السعر ثابتا بعد ازمة الطاقة في اوربا نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية.
بعد هذا البذخ في الصرف الغير المقيد على البنى التحتية للكهرباء منذ مايزيد على ١٦ سنة من خلال عقود داخلية وخارجية فاقت ارقامها وقيمها حدود التصور ولم يأتي منها اي مردود واضح. اما حان الوقت للشارع العراقي ان يسائل الحكومات العراقية التي تعاقبت خلال هذه المدة كيف صرفت تلك الأموال من دون ان تأتي بزيادة ساعة واحدة من تجهيز الكهرباء للمواطن ولو خارج فترة الذروة. كان صراخ البرلمانيين الفاسدين الذي اطرش اسماع الملايين من الشعب العراقي واطرب اسماع الإدارة الامريكية، التي تريد المزيد من الفساد المالي في العراق ليبقى السياسيين رهينة قبضة سيطرتها، مجرد مسرحية مكتوبة السيناريو مسبقا مع إعلاميين بارزين لتسليط الضوء على عقود تافهة يكاد فسادها عشر من معشار الفساد الحقيقي في المنظومة المالية للدولة العراقية. كان جل هدف هذا الصراخ هو صرف الانظار عن عقود فساد كبرى هم شركاء فيها. وما صفقة القرن ببعيدة عنا حين كان احد ابطالها عضو البرلمان الفاسد الدكتور هيثم الجبوري الذي كان يسهب في كشف ملفات فساد تافهة للسياسسن والوزراء على الفضائيات.
الحق لابد ان يقال من أهم الانجازات التي حافظ عليها الاحتلال الامريكي للعراق هو الحفاظ على منظومة الفساد التي فرخت في دوائر القرار، ابتداء من رئاسة الوزراء والوزارات الى أدنى دوائر الخدمة في العراق. منظمومة الفساد هذه تتصف بشهوات منفلتة في سرقة المال العام وقوت الشعب، وكل من يجرأ الوقوف امام هذه الشهوات المنفلتة فإن الجوكرات وعملاء السفارات التي وقفت في تشرين عام ٢٠١٩ ووفرت المال والخمور والنساء بكل سخاء للمحتجين مستعدة ان تقف مرة اخرى مستقبلا في اي شهر لتسقيطه أو يواجه التصفية الجسدية على يد عصابات اغتيال اجرامية تعمل بامرة هذه الجوكرات.
من كان يعيش الى جانب المعارضة في الخارج كان يراها معارضة بائسة. كان يعلم كيف انها كانت مقزمة الوجود الى حد العبودية، بحيث كان كل اطيافها من دون استثناء وضعت بيضها في السلال الامريكية. ويعلم كيف كان يعيش بعض قياداتها على المساعدات التي تجعله دون خط الفقر، في بلدان آوتهم وصنعت مستقبل أولادهم. تصل الامور ببعضهم الى حد الخسة في النصب والاحتيال على قوانين تلك الدول التي آوتهم لتحسين ظروف معيشتهم. وكيف اصبحوا الان أصحاب المليارات من الدولارات في دول الغرب فاذا كانوا قد احتالوا وسرقوا من بلدان اجزلت لهم العطاء – وهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟- فانى لهم المحافظة على اموال وقوت شعب باتت مقدراته بأيديهم. الكلام الأخير يقودنا الى استنتاج ان العقود الكبيرة سواء كانت في مجال الطاقة الكهربائية او البنى التحتية لم تكن سوى عقود غسيل او تهريب اموال من قبل الكتل السياسية لتأخذ اموال هذه العقود مكانها في البنوك الامريكية والاوربية دون عودة الى العراق.
بالنسبة لامريكا فانها وضعت اليد على أسماء الفاسدين الذين هربوا اموالهم خارج العراق من خلال عقود فاسدة، فضلا الى ان البعض منهم أودعها في البنوك اللبنانية لترحل الى سويسرا بأسماء اخرى بعد تجفيف البنوك اللبنانية من ودائعها، فأن اي تحرك من قبل هؤلاء الفاسدين الذين يقودون الدولة العراقية حاليا، عكس ماتريده امريكا، فإن وضع اليد سوف يتجاوز الأسماء ليطيل مصادرة الأموال المودعة في البنوك الامريكية والاوربية على انها اموال مهربة بصورة غير قانونية. وما لجنة تحقيقات ابو رغيف التي شكلها رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي الا لإثبات اختلاس الأموال المودعة في البنوك العالمية كي يتم مصادرتها لصالح الدول المودعة فيها في حالة الاختلاف مع هدف مشروع احتلال العراق او عدم اظهار الطاعة للمحتل.