فلسطين:أطلقوا طاقات اللاجئين من اصفاد التهميش والإهمال

كتب: عماد توفيق عفانة
مدير مركز دراسات اللاجئين
العصر-يعمل الانشغال او الاشغال لمختلف قوى المشهد السياسي الفلسطيني بتفاصيل داخلية جزئية، تخص ساحة فلسطينية واحدة دون مختلف الساحات الأخرى، كالانشغال بشكل ومستقبل السلطة، او بشخصية القيادة الفلسطينية ما بعد عباس.
يعمل هذا الانشغال او الاشغال على تعطيل أي مبادرات ايجابية ذاتية قد تسهم في ترجمة قدرة ملايين اللاجئين الفلسطينيين على توظيف أوراق قوتهم -وهي كثيرة-لجهة إنتاج فعل عام ذي مغزى سياسي عميق.
فهل ملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين على امتداد خارطة العالم، وبالأخص تلك الملايين المرابطة على حدود العودة في سوريا لبنان والأردن، فضلا عن اللاجئين داخل القدس الضفة وغزة، عاجزين عن انتاج فعل عام يتجاوز كل تفاصيل الانقسام ومراحله الطويلة!
ليس من المعقول الا يستطيع هذا الكم الهائل من اللاجئين تنفيذ فعل سياسي قادر على جمع الكل الفلسطيني، لجهة تجاوز الجمود السياسي عموما في ظل حالة الانقسام المفروضة بإرادة خارجية، ويتخطى حالة العجز التي تسبب فيها اتفاق أوسلو-الخطيئة الفلسطينية الممتدة-.
ما أانطلقت منظمة التحرير الا لخدمة قضية اللاجئين التي تمثل لب وعمق القضية الفلسطينية، وإذا كان أحد قادر على القيام بفعل سياسي عابر للسلطة ومنظمة التحرير المنشغلة في منافسات ومناورات داخلية، فهم اللاجئون أنفسهم الذين يمثلون اغلبية الشعب الفلسطيني، والذين يفتقدون للقيادة التي تستحق تضحياتهم واصرارهم، وتوظف كل ما يتمتعون به من قدرات وإمكانات وقوة ديموغرافية وجيوسياسية.
إذا كان أحد قادر على انقاذ مختلف القوى والفصائل من الغرق في تفاصيل الخلاف والصراع مع السلطة وحولها، فهم اللاجئون الذين يمثلون الضمير الحي للقضية الفلسطينية التي يحاول البعض حشرها في انف غزة والضفة فقط.
اللاجئون قادرون مع الكل الفلسطيني-لو وجدوا قيادة حقيقية توجههم-على فعل سياسي قادر على احداث اختراق كفيل بكسر احتكار فريق من فتح والسلطة الفلسطينية لملف منظمة التحرير التي مضى على انطلاقتها 69 عاما دون تحقيق ما انطلقت لأجله.
لا يجب ان يسمح للوضع القائم إجمالا بالاستمرار في تقليص قدرة عموم الفلسطينيين على النهوض بأعمال سياسية كبرى، سواء على الصعيد الدولي أو في المواجهة المباشرة مع الاحتلال.
كما يجدر بنا توظيف أمثل لكل بادرة إيجابية كالتي ظهرت عام 2021، والعمل على مراكمتها لناحية إحداث خرق كبير ضمن مساعي تغيير هذه البيئة السياسية المحكومة بالضغوط والاشتراطات الخارجية.
كما يقع على عواتق ملايين اللاجئين وممثليهم اعتماد مقاربات سياسية وميدانية كفيلة بوضع حد للسياسات التي تستهدف تهميشهم اقتصاديا والتذرع بالحصار المفروض على قطاع غزة، للتخلي عن أي التزامات اقتصادية ومالية ذات معنى تجاه مجتمعات اللاجئين.
الفقر الذي يعاني منه ملايين اللاجئين ليس قدرا، وغياب الموارد ليس مبررا لسوء الادارة، فمن العار ان يصل الفقر في مخيمات اللاجئين في قطاع غزة والشتات الفلسطيني إلى حد الجوع، فيما صندوق الاستثمار الفلسطيني يحوي أكثر من مليار ونصف المليار دولار، هي ما تبقى من الأموال التي تعرضت للنهب بعد وفاة أبو عمار.
كما ان الصمت على ما تتعرض له مخيمات الضفة من تهميش سياسي واقتصادي، وقمع أمني مستمر واعتقالات وحملات أمنية واقتحامات، لن يجدي مع سلطة اسمها فلسطينية، لكنها تنفذ اجندة واومر خارجية وصهيونية لا تصب في صالح شعبنا ومخيمات اللاجئين بأي حال، ما يجب ان يدفع كافة المخيمات والمدن في الضفة لاعتماد نموذج مخيم جنين، الذي أعاد للمخيمات أجواء الثورة، وأعاد فتح الباب واسعا لتخريج الابطال والفدائيين الذين ينسفون بمقاومتهم كافة اتفاقات التطبيع، ويجرمون عار التنسيق الامني.
ان استمرار امتناع مؤسسات الحكم في السلطة، عن توفير الخدمات للسكان بحجة انهم لاجئين مسجلين لدى وكالة “أونروا”، وان هذه مهمة الاونروا وليست مهمتها، انما يضاعف اثار الحصار المستمر على القطاع وحملات التدمير الممنهج التي تضع على هؤلاء اللاجئين مزيد من الضغوط المعيشية الهائلة، وتكمل حلقات المؤامرة التي تستهدف الحد من قدرة المخيمات وملايين اللاجئين على ممارسة دفاع نشط عن حقوقهم وقضيتهم.
وكأن التدمير الشامل الذي تعتمده السياسة الاحتلالية العدوانية تجاههم لا يكفي، فنقوم نحن بإكمال حلقات ذات المسلسل من حيث ندري او لا ندري، بشكل يحول حتى دون التفكير باعتماد مقاربة خارج الصندوق للعمل السياسي، تعيد لقضية اللاجئين مكانتها المركزية في خارطة العمل الفلسطيني.