أحدث الأخبارفلسطين

فلسطين:الأونروا وتمديد الولاية … انجاز أم تمديد للنكبة

كتب: عماد توفيق عفانة
مدير مركز دراسات اللاجئين

العصر-اللاجئون الفلسطينيون ليسوا مجرد قضية على موائد الدول الكبرى صانعة نكبتهم، بل هي لب والعامود الفقري للنكبة الفلسطينية.

وإذا كانت الأرض والشعب من المكونات الأساسية لأي كيان وأي دولة، فان كيان العدو مسنودا بالقوى الدولية الكبرى الحليفة لكيان الاحتلال، تمكنت قبل أكثر من 74 عاما من الاستيلاء بالقوة الغاشمة على أكثر من نصف أرض فلسطين في عام 1948، وأكملت السيطرة على ما تبقى منها في العام 1967.

هذه القوى الإمبريالية الاستعمارية صانعة نكبات دول وشعوب، ستبقى ترى في الشعب الفلسطيني واكثرهم من اللاجئين، باعتبارهم عقبة كأداء في وجه فرض أي حل مجحف على الفلسطينيين بما يتلاءم ومخططات وأحلام الاحتلال.



هذه النظرة للاجئين وقضيتهم هي بالضبط الأساس الذي تبني عليه هذه الدول الكبرى سياساتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين بكل ما يعنيه ذلك من انتهاك لحقوقهم، وحرمان، وحصار مالي، سواء عبر التقليص المستمر للالتزامات المالية المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من هذه الدول وحلفائها العرب.

أو عبر الأطواق المختلفة المضروبة على مجتمعات اللاجئين في بلدان اللجوء لحرمانهم من كل مقومات الصمود والبقاء، فضلا عن أدني مقومات النهوض والتقدم.
وقد تعمق التهميش السياسي بل والإنساني لقضية اللاجئين الفلسطينيين في الأجندة الدولية، بفعل عدة عوامل، منها:

– فترة حكم الرئيس الأمريكي ترامب، صاحب الاجندة الأكثر صهيونيةً وجنوناً وانحيازاً.

– الانشغال أو الاشغال الدولي المتزايد بقضايا وأزمات دولية أخرى، كأزمة وباء كورونا، ثم أزمة حرب أوكرانيا.

الأمر الذي أتاح الفرصة كاملة للخطة الصهيوأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، وانطلاق قطار التطبيع العربي مع الاحتلال دون الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، ودون ضمان حقوق اللاجئين بالعودة الى بيوتهم وديارهم التي هجروا منها.

هذا الواقع نتج عنه تداعيات خطيرة لجهة مزيد من الهبوط في السقف السياسي لمقاربة هذه القضية، وصنعت بيئة وأجواء دولية واقليمية مواتية لتجاوز حقوق اللاجئين على طريق تصفيتها نهائيا، ومن المؤشرات القوية هذا التوجه الدولي والتواطؤ العربي:
– التجاهل المتعمد للملف الفلسطيني ومعاناة اللاجئين في المحافل الدولية.



– تعمد إبقاء رأس “أونروا” ومعها اللاجئين فوق الماء فقط، مع اغراقهم في بحر من الازمات المالية، دون الوصول لحد الانهيار الكامل، ليبقى التغلب على آثار الحصار والفقر والعوز همهم الأكبر، وضمان عدم حتى مجرد التفكير في زيادة وزنهم النسبي على خارطة التأثير في مسار القضية الفلسطينية.

وفي هذا السياق يبرز تفخيم وتعظيم الحدث الذي يتكرر كل ثلاث سنوات، والمتمثل في تجديد تفويض وكالة “أونروا” من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات جديدة.

وفي الوقت الذي كان ينبغي فيه اعتبار هذا التجديد تمديداً لعمر النكبة الممتد على مدار الـ 74 الماضية، اذ لا يمكن أن يلعب هذا التمديد دوراً ذي بال في وقف التدهور الذي تشهده أوضاع أكثر من ستة ملايين لاجئ مسجلين في سجلاتها.

بتنا نشهد ابتهاجا فلسطينيا، وتوجيه الشكر للمجتمع الدولي على هذا التمديد للنكبة، سواء من الرسمية الفلسطينية، او من الفصائل ولجانها الشعبية.

جدير بالذكر ان ملايين اللاجئين حول العالم لم تشملهم سجلات الأونروا:
– إما لزهد اللاجئين في تسجيل أنفسهم في سجلات الأونروا، وهو متاح عبر روابط موجودة على مواقع وروابط الأونروا الالكترونية، وهو ما يفرض على اللجان الشعبية للاجئين حول العالم تنظيم حملات توعية في صفوف اللاجئين لتسجيل أسماءهم في سجلات أونروا، على طريق زيادة وزنهم النسبي وتأثيرهم، وأخذ هذا الوزن النسبي في الاعتبار عند اتخاذ أي قرار دولي بحقهم.

– وإما لأسباب بيروقراطية وخلل متعمد في إجراءات الأونروا لتسجيل العدد الحقيقي للاجئين، ربما مراعاة لمشاعر الاحتلال، إذ يسجل اللاجئون انتصارا على الاحتلال في معركة التزايد الطبيعي والتأثير الديموغرافي.

من هنا فان من واجب القائمين على قضية اللاجئين الفلسطينيين رسميا وشعبيا:
– الكف عن السير في الطريق الذي شقه لنا العدو والقوى والدولية، لجهة الغرق في هم تفاصيل الإعانات والعمل والخدمات للاجئين على اختلافها.



– تركيز الجهد عوضا عن ذلك على دفع الأونروا للعب دور إضافي في حماية اللاجئين، والدفاع عن حقوقهم، والعمل على تغيير بيئة التعامل معهم سياسيا وانسانيا، سواء في النطاق الدولي أو في الحيز المحلي ضمن الدول المضيفة.

– ضمان تمويل كافي ومستدام لموازاة الزيادة الطبيعية في اعداد اللاجئين وفي احتياجاتهم، كيلا يصبح هذا التجديد مجرد تمديد في عمر الأونروا دون الالتفات الى أوضاع اللاجئين هل ماتوا جوعا ً أو قتلاً أو يأسا.

– تنظيم حملات توعية شاملة لجهة تعبئة وتحشيد ملايين اللاجئين باتجاه تفعيل ميكانيزمات القوة الساكنة، للدفاع عن حيواتهم وحقوقهم التي كفلتها القرارات الأممية، والتي ستظل بلا وزن أو قيمة، ما لم يعمل ملايين اللاجئين على ترجمتها بقوة وجودهم وحضورهم وتأثيرهم في مختلف الساحات التي يتواجدون فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى