
بقلم: عماد عفانة
أدت نكبة 1948 لتهجير الفلسطينيّين من وطنهم، وتحويلهم إلى فئات متنوّعة من اللاجئين، كأحد تداعيات النكبة الكارثية على مستقبلهم، حيث اتصفت مسارات حياتهم بعدم الاستقرار، والغياب الدائم لكلّ أشكال الحماية، علاوةً على تفتيت هويّتهم الوطنيّة، وفقدانهم أرضهم وممتلكاتهم، إثر إقامة الكيان الصهيوني على ارضهم ومدنهم وقراهم التي هجروا منها بالقوة العسكرية.
كما أدت النكبة إلى تحويل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات لها هوياتٌ مختلفةٌ في المحيط العربي، حيث عمدت كلّ دولة من التي لجأ إليها الفلسطينيّون، إلى وضع معايير محدّدة لكيفية التعاطي مع الفلسطينيّين على أراضيها، فاضطرّ اللاجئون الفلسطينيّون إلى التكيّف مع طبيعة عيشهم وحياتهم في الدول التي لجأوا إليها.
وتمثل هذه المعايير المفروضة على حقوق الإقامة، وحرية الحركة، والتوظيف، والتملك، والانتفاع بالخدمات الحكومية قيوداً توضع، بدرجاتٍ مختلفة، على الفلسطينيين الحاملين وثائق لاجئين في الدول العربية.
ويزيد على ما سبق أن شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، غالباً ما تنظمها الدول عبر مراسيم وزارية، أو قراراتٍ إدارية، والتي يمكن بسهولة الرجوع عنها استجابةً للظروف السياسية المتغيرة.
بيد أن هذا الوضع لم يحْمِهم من تأثيرات الحروب والنزاعات الداخليه في المنطقة العربية، ولاسيّما عندما تتجاوز هذه النزاعات الطابع الوطني، وتتحول إلى حروب لها طابع إقليمي أو دولي.
اللاجئون الفلسطينيون في العراق:
الأمر الذي ينسحب على الفلسطينيين الذين لجأوا إلى العراق، وكانوا، في غالبيتهم، من قضاء حيفا الساحلي، مثل عين غزال وإجزم والطيرة والطنطورة وجبع وأم الزينات وغيرها، حيث قدم أكثرهم مع الجيش العراقي عند انسحابه من فلسطين المحتلة، فيما تولت وزارة الدفاع العراقية الإشراف على شؤونهم، وتوفير مأوى لهم، وتوزيع الطعام عليهم يومياً في أماكن سكنهم، كما كان يوزّع على الجنود.
وقد استمر هذا الوضع حتى عام 1950، حين نُقلت مسؤولية الإشراف على اللاجئين إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي استحدثت قسما لمتابعة أوضاعهم باسم “مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق”.
واللاجئ في تعريف المديرية هو من دخل إلى العراق وأقام فيه قبل 25/9/1948. وبالتالي، لم يدخل اللاجئون الفلسطينيون الذين قدموا إلى العراق، أو لجأوا إليه، بعد هذا التاريخ، في سجلات مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق، كما لم يدخلوا في نطاق رعايتها لهم.
أعداد اللاجئين الفلسطينيين في العراق وتوزعهم الجغرافي:
ويتواجد حاليا في العراق ما يقرب من 3500 لاجئ موزعين على كل من (بغداد – الموصل – كردستان العراق ) حيث يقع العدد الاكبر من اللاجئين الفلسطينيين في العاصمة العراقية بغداد ويقدر عددهم بـ (2500) بينما محافظة نينوى (الموصل ) يوجد فيها ما يقارب ( 800) لاجئ، والمتبقي من اللاجئين يسكنون في اقليم كردستان شمال العراق، وهم في الاصل نازحون من الموصل وبغداد والانبار بعد احداث داعش 2014 .
فصول معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق
وتتعدد فصول معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق، على الصعد القانونية والاقتصادية والامنية .
المعاناة القانونية :
وسبب هذه المعاناة هو الغاء العراق لقرار 202 لعام 2001 والذي ينص على ان يعامل الفلسطيني معاملة العراقي والذي كان ينظم حياة اللاجئين، ولكن بعد صدور قانون 76/ 2017 تغيرت الامور كثيرا في حياة اللاجئين، وابسطها هو حجب البطاقة الغذائية والتي تم اعادتها ولكن بشروط تعجيزيه يصعب على اللاجئين القيام بها لاعادة البطاقة التموينية، حيث تقول الحكومة العراقية امام الاعلام انها اعادتها ولكن على ارض الواقع لم تفعل.
جانب آخر من المعاناة يتمثل بحرمان عائلة الموظف المتقاعد من الاستفادة من راتبه التقاعدي ، حيث لا يحق لعائلته الموظف المتقاعد الاستفادة بعد وفاته من راتبه، الأمر الذي شمل الكثير من العوائل ما تسبب بأوضاع معيشية صعبة لهم.
كما يعاني اللاجئون الفلسطينيون في العراق من تغير البطاقة الرسمية الوحيدة التي كانت تتيح لهم التجول، والتي تعتبر بمثابة هوية الاقامة، والتي كانت تُجدد كل 5 سنوات، أما اليوم فقد تم تحويل صفة اللاجئ في البطاقة من مقيم الى لاجئ، ما يعني أنها كانت في السابق هوية اقامة في البلد، والان اصبحت هوية لجوء، بكل ما ترتب عليها من تعقيدات، من قبيل رفض بعض السفارات العربية والاسلامية منح فيزا للفلسطيني لكونه كان مقيم والان اصبح لاجئ.
إلى ذلك تتردد شائعات في أوساط اللاجئين، تفيد بنية المسولين العراقيين اصدار قرارات ضد الوجود الفلسطيني بشكل خاص والوجود العربي بشكل عام في العراق، والتي تتمثل بإخراج الموظفين الفلسطينيين من وظائفهم – أي حرمان ما تبقى من المتقاعدين من رواتبهم – وعدم السماح للطلبة الفلسطينيين من اكمال دراساتهم العليا، وغيرها من امور.
بالتالي اصبح اللاجئ الفلسطيني في العراق يعيش بدون قانون واضح وصريح، ينظم حياته رغم الوعود التي صرح بها مسؤولين عراقيين وسياسيين، للسفير الفلسطيني في العراق الدكتور احمد عقل .
المعاناة الاقتصادية :
أما بالنسبة للوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يمر فيه اللاجئ الفلسطيني، فانه وضع يوصف بأنه صعب جدا، وذلك بسبب المضايقات التي يتعرض لها اللاجئون، وعلى سبيل المثال بعد دخول داعش للبلد، اصبحت الاجراءات الامنية العراقية مشددة على التنقل ووو الخ ، فاذا ذهب اي لاجئ للعمل في اي مكان وان كان حارساً في مستودع، فعليه ابراز أوراقه الرسمية، فاذا علم صاحب العمل انه فلسطيني، فيقوم بطرده من العمل، ما تسبب بحالة صعبة في توفير فرص العمل لدى الشباب، ما رفع نسبة البطالة في المجتمع الفلسطيني التي تزداد يوماً بعد الاخر، وان وجد الفلسطيني فرصة للعمل، فان مردودها المالي لا يكاد يكفي لشراء وجبتي طعام لعائلة في اليوم ، نظرا لارتفاع الأسعار الجنوني، والأزمة الاقتصادية في البلد، ناهيك عن تكاليف الدراسة الباهظة، والتي تعتبر عبء على رب الاسرة الذي بات يعجز عن تعليم ابنائه، وابقائهم في البيت، او اضطرارهم للعمل لمساعدة اسرهم في سد احتياجاتهم الاساسية، الأمر الذي وقع مع الطالب محمد الذي فقد والده وهو بعمر السنتين بعد اختطافه وقتله، وقد كبر محمد واصبح طالباً في الثانوية، ولكن لا يستطيع اكمال الدراسة ليكون معيل لعائلته المكونة من والدته واخته التي هي ايضا تركت مقاعد الدراسة، وشطب طموحها التي تحلم به بسبب وضعهم الاقتصادي الصعب.
المعاناة الاجتماعية :
حول تردي الاوضاع الاقتصادية والقانونية حياة الاسر الفلسطينية في العراق الى جحيم، الأمر الذي انعكس على الوضع الاجتماعي، حيث ارتفعت نسبة العاجزين عن الزواج، وشهدت حالات الطلاق ارتفاعاً ملحوظاً، ما تسبب في خلق المشاكل في المجتمع، حيث لا يستطيع الشباب الزواج بسبب عدم توفير السكن، حيث تضطر كل عائلتين أو ثلاثة عوائل للسكن في شقة لا تزيد عن 75 متر، ما وضع الشباب بين خيارين، الزواج وبناء عائلة في ظل هذه الأوضاع المعقدة، وبين الهجرة بحثا عن فرصة عمل واستقرار وملاذ آمن أفضل، الأمر الذي دفع الكثير من الشباب إلى مغادرة العراق الى دول عدة منها (تركيا – اندونيسيا – أوروبا) ، ليجد نفسه وسط ظروف اصعب من التي كان يعيشها في العراق، فكثير من العوائل فقدت ابنائها بسبب الهجرة، ومنهم من لا يستطيع رؤية ذويه لسنوات طويلة، ومنهم من انحرف وسقط في ملذات الدول التي ذهب اليها وخسرتهم عوائلهم، ومنهم من خسر ما جمعه طوال سنوات ليسافر وقد عاد للعراق صفر اليدين، هذه الظروف رفعت نسبة زواج العراقيين من الفلسطينيات فبين كل 10 عقود زواج تكون 4 او 5 عقود زواج عراقي من فلسطينية او يكون زواج فلسطيني من عراقية، بحثاً عن جنسية أو تحسين وضعه القانوني والاقتصادي.
كما لوحظ في الآونة الاخيرة ارتفاع نسبة الاناث في المجتمع الفلسطيني في العراق، حيث باتوا يمثلون تقريباً 65% في مقابل 35 % ذكور، وتقسم نسبة الـ 35 % بين كبار السن فوق 45 سنة والاطفال دون 15 سنة ، اما بالنسبة للشباب فأكثرهم غادروا العراق ولم يبقى منهم سوى 1% فقط.
المعاناة التعليمية :
اما عن الوضع التعليمي فقد تراجع عن السنوات السابقة كثيرا، وخاصة في الضروف المعيشية الصعبة للطلاب فالكثير منهم ترك مقاعد الدراسة وتوجه للعمل، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة في العراق، فالطالب يحتاج مصاريف كثيرة خلال السنة من شراء لوازم دراسية، واجور نقل وخلافه ، مع انعدام جهات داعمه لهم، لتقديم المنح المالية، وتقديم المعونات المالية الشهرية للعوائل العاجزة عن تعليم ابنائها، الأمر الذي اضطر الكثير من العوائل لإجبار ابنائها على ترك الدراسة والتوجه للعمل لمساعدتهم في التغلب على احوال المعيشة الصعبة، مما تسبب في التراجع بالمستوى التعليمي لدى الطالب الفلسطيني في العراق، والذي كان يعرف بثقافته العالية ومستوى تعليميه المرتفع، حيث بات الكثيرين من خريجي المرحلة الثانوية عاجزين عن اكمال دراستهم الجامعية بسبب ضروف عوائلهم المادية، واجور التعليم المرتفعة.
معاناة السكن والخدمات :
أما بخصوص أوضاع السكن فهذه قصة معاناة أخرى تضاف الى مسلسل معاناة اللاجئين في العراق، حيث تتركز مناطق سكن اللاجئين في العراق في مناطق ( البلديات – الزعفرانية – حي السلام – وووالخ ) وجميعها تم بنائها منذ ما يقارب اكثر من 30 سنة، وما زالت على نفس الوضعية، ولم يتم ترميمها او اصلاح البنى التحتية لها، والأمر الذي يسبب الكثير من المشاكل للاجئين وخاصة في مجمع البلديات والذي يعد اكبر تجمع فلسطيني في العراق، والذي بات يشكو من انقطاع مستمر في التيار الكهربائي بسبب تردي الاسلاك والمولدات الكهربائية، فيما يتم ابتزاز اللاجئين بين الحين والاخر من قبل الموظفين بالكهرباء بهدف جمع المال منهم مقابل اصلاح الأعطال المستمرة.
أما بالنسبة للصرف الصحي فحدث بلا حرج صيفا أو شتاءً، حيث افاد أحد قاطني المجمع ان الموظف المسؤول عن تشغيل مضخات سحب المياه في المجمع، يتعمد اطفاء المضخات لترتفع المياه داخل المجمع ويصعب على الناس التنقل وخاصة الاطفال الذين يذهبون الى مدارسهم، فيضطر الاهالي لجمع مبلغ من المال ودفعه للعاملين على الموضوع لإعادة عمل المضخات وسحب المياه.
ما جعل الطرق داخل المجمع غير صالحة للمشي والتنقل، حيث يكثر تعثر كبار السن وتعرضهم لحوادث سقوط وكسور في الاطراف.
وهذا الامر ينسحب على اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في مدينة الموصل، مع اختلاف بالمسبب، فبالموصل سوء الاوضاع الاقتصادية للاجئين هي السبب في سوء اوضاع السكن وليس الموظفين.
اضافة الى ان حرب داعش وقصف المنازل وهدمها وتردي الصرف الصحي خلق حالة معيشية صعبة للاجئين، في ظل تخلي المسؤولين عن القيام بترميم او اصلاحات لمساكنهم او البنية التحتية لهم.
معاناة ما بعد الغزو الأمريكي
لم يكن الفلسطيني يوما طرفاَ في الصراع الدائر في العراق، ومنذ اليوم الاول للصراع وقف اللاجئون الفلسطينيون على الحياد، ولم يتدخلوا باي شيء، ولم يدعموا أي حزب على حساب حزب اخر، او طائفة على حساب طائفة اخرى، ذلك لأن اللاجئين الفلسطينيين في العراق يعتبرون انفسهم ضيوف على اهل البلد الى حين عودتهم الى بيوتهم وقراهم في فلسطين المحتلة.
رغم ذلك فانه الفلسطينيون في العراق تعرضوا للاستهداف، والذي مر بعدة مراحل، يبدأ بالتحريض ثم الاعتقال، فعلى سبيل المثال تم اعتقال 4 شبان فلسطينيين، وتم اظهارهم على احدى القنوات الرسمية العراقية، واجبارهم على الاعتراف بقيامهم بعملية تفجير ارهابية اودت بحياة الكثير من اشقائنا العراقيين، ومن ثم اثبتت التحقيقات براءتهم واطلق سراحهم بعد سنة تقريبا، ولكن بقيت الصورة امام الشعب العراقي وخاصة ابناء المنطقة التي حدث فيها التفجير ان الفلسطينيين الاربعة انهم هم من قتل ابنائهم، ومع مسلسل التحريض بدأت قطعان الظلام باستهداف الفلسطينيين من خطف وتعذيب وقتل الفلسطيني والتنكيل بجثمانه، وهذا ما شهده عامين 2006 و 2007 حيث ذهب ضحية هذا الواقع اكثر من 600 شهيد على ايدي المليشيات الاجرامية الطائفية .
هجرة ما بعد الغزو
اضطر اللاجئون الفلسطينيون في العراق وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الى الهجرة، حيث توزعوا على اكثر من 53 دولة، وبدأت رحلة الهجرة بالمخيمات الصحراوية (ارويشد – التنف – الهول – الوليد ) ومن ثم بدأت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سوريا بالعمل على اعادة توطينهم من المخيمات الى (تشيلي – كندا – استراليا – بريطانيا – السويد – النرويج – فلندا – فرنسا – سويسرا – ايطاليا – امريكا الخ ) ولكن العدد الاكبر منهم لجأ الى السويد والنرويج .
أوضاع الفلسطينيون في العراق اليوم
تتفاقم أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق في ضوء انعدام قانون واضح وصريح ينظم حياتهم، فهم يرزحون تحت رحمة الموظف او المدير في المؤسسات الحكومية التي يتعاملون معها، فالموظف ان اراد ساعدهم والا فلا، فيعود اللاجئ الى بيته محبط ومهموم، وهذا حال عوائل المتقاعدين الذين خدموا العراق ما يزيد عن 30 سنة، وعند وفاة المتقاعد تحرم عائلته من الاستفادة من راتبه التقاعدي، ليصبحوا بلا معيل ولا راتب شهري يضمن لهم حياة كريمة ، الأمر الذي يتوقع معه أن يتم ترحيل كل اللاجئين الفلسطينيين في العراق الى دول اوروبية كما يحدث الان، حيث تم اعادة توطين اكثر من 75 عائلة فلسطينية في بريطانيا بمساعدة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
اللاجئون في العراق والوثيقة رقم 76/ 2017
وهذه الوثيقة صدرت عن مكتب الرئيس العراقي، بهدف تنظيم اقامة الاجانب داخل العراق، وليس اللاجئين، فيما تقول الحكومة العراقية ان الفلسطينيين غير مشمولين بهذا القانون، وانهم ما يزالون يعاملون كمعاملة المواطن العراقي ولكن في الحقيقة لا يوجد قانون واضح وصريح بذلك.
اللاجئون وتنصل الأونروا
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا لا تقوم بتقديم اية خدمات للاجئين الفلسطينيين المتواجدين في العراق، وذلك بحجة أن العراق خارج نطاق عمل الوكالة وليسوا في منطقة عملياتها .
فيما تتولى المفوضية للاجئين بالعراق بالتنسيق مع وزارة الهجرة والمهاجرين العراقية بتبادل المعلومات بين كل من اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين ووزارة الهجرة و بكل التفاصيل التي تخص اللاجئين الفلسطينيين في العراق.
وتتحمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عبئ استئجار بيوت لأكثر من 250 عائلة تم طردهم بعد 2003 من بيوتهم كونها تابعه للحكومة العراقية، وفي السنوات الاخيرة اتبعت المفوضية اسلوب تهديد اللاجئين، بأن هذا العام هو الأخير الذي تقوم فيه المفوضية بتوفير بدل الايجار للاجئين وذلك بسبب ضعف ميزانيتها المالية ، في الوقت التي صرفت على الورق ما يقارب مليوني دولار على تأهيل نادي حيفا الرياضي ومؤسساته الوهمية من (مسبح – روضة للأطفال – ونادي رياضي – مجمع الهلال الاحمر الفلسطيني الطبي – ادوية للمرضى) لكن للأسف لم يرى اللاجئ الفلسطيني شيء مما ذكر على أرض الواقع.
فيما لا تلتفت المفوضية لمطالب العوائل الفلسطينية بتوسيع مشروع السكن ليشمل ابنائهم الذين يتزوجون وليس لهم سكن، مما يضطر اكثرهم السكن مع ذويهم في شقة لا تزيد عن 40 متر.
بداعي انها لا تملك الميزانية الكافية لدفع الايجارات للعوائل التي تسكن على حسابها، وانها سوف تقوم باخراج بعض العوائل، ومع كل تجديد للعقد بينها وبين صاحب العقار تبلغه انها اخر مرة تدفع له، مما يدفع صاحب العقار لصب جام غضبه على المستأجر المسكين وهو اللاجئ الفلسطيني ، وبعد عدة مناشدات لوزارة الهجرة لتقديم منح مالية لطلاب الجامعات والمعاهد من الطلبة الفلسطينيين اسوة باخوانهم الطلاب العراقيين حيث تمنحهم الحكومة العراقية رواتب شهرية، تم بحمد الله الموافقة على منحة مالية تبلغ 85$ شهرياً للطالب، بدأ توزيعها منذ شهر كانون الاول عام 2013 من قبل الوزارة، و اعطى الامر بالصرف من قبل المفوضية وذلك لتشمل فقط 195 طالب وطالبة وهو عدد قليل جدا بالنسبة لبقية الطلاب .
كما كانت هناك مطالبات للحصول على منح مالية للعوائل المحتاجة والفقيرة في المجتمع الفلسطينيي في العراق، حيث يعاني الكثير من العوائل من الفقر بسببب عدم توفر فرص العمل لأرباب الاسر وصعوبة المعيشة ، فكان الرد من قبل المفوضية والوزارة بالقبول على منحهم مبالغ مالية تقدر 400$ للعائلة الواحدة، دون معرفة آلية التوزيع أو العدد الحقيقي للعوائل المستفيدة من المشروع.
كما ترفض المفوضية الدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون العراقية، وكثير من عوائل المعتقلين ذهبوا الى اللجنة القانوية والتي لديها عدة محامين، عملهم هو حل المشاكل القانوينة للاجئين، ولكنهم يرفضوا التعامل مع ذوي المعتقلين بحجج واهية، او كونهم تحت قانون “4 ارهاب ” رغم ثقتهم ببراءتهم، بحجة الخوف من مراجعة الاجهزة الامنية.
معاناة اعادة التوطين
هناك اكثر 75 عائلة فلسطينية وصلت الى بريطانيا بعد موافقة الاخيره على اعادة توطينهم، وهذه الخطوة زرعت الفرحة من جديد على وجوه اللاجئين الفلسطينيين في العراق لعودة الامل بالسفر، وهنا جاء دور المفوضية بالتلاعب بأعصاب الناس ونفسياتهم، حيث لا تقوم المفوضية بتوضيح الية عملها بالنسبة للسفر، وكيف يتم اختيار العوائل وما هي المعاير التي يتم الاختيار من خلالها ، فهل الاتصالات التي تجريها المفوضية بالعوائل هو بشكل عشوائي ؟ هل تنظر المفوضية عند اختيار الملفات الى الظروف التي يعيشها اللاجئين (المهددين – الارامل – الحالات الخاصة – لم الشمل مع اهلهم بالخارج ) حتى العوائل التي تجري 3 مقابلات مع الوفد البريطاني وينتهون من اجراء فحوصات طبية وينتظرون لحظة السفر ، هناك من باع اغراض بيته منتظر تذاكر السفر كما حدث مع احد اللاجئين الذي انتظر لمدة سنة على ان يتلقى مكالمة هاتفية صغيره من المفوضية لتخبره بموعد السفر، ولكن جاء ما لا تتوقعه العائلة وهو الرفض، وعند سؤال المفوضية عن السبب ، ولماذا رفضوا ؟ ولماذا بعد كل هذه المدة؟ لا يوجد جواب واضح وصريح ، وهذا يجعل اللاجئ في حيرة وقلق وقهر، وهناك من اصيب بحالة نفسية وانهيارات عصبية لانهم خسروا السفر وخسروا ممتلكات بيتهم التي لا يستطيعون شراءها من جديد.
اللاجئين بلا مؤسسات او جمعيات
لا يوجد في العراق مؤسسات او جمعيات فلسطينية رسمية تعمل لخدمة اللاجئين، وذلك بسبب الاوضاع الامنية وعدم اعطاء العراق الرخص اللازمة لإنشاء جمعيات فلسطينية ، وكانت في الماضي مؤسسة واحدة تقوم بخدمة اللاجئين وهي مؤسسة الاكناف للاغاثة والتنمية والتي كانت تقوم على خدمة اكثر من 10 الف لاجئ منذ 2005 ولغاية نهاية 2010، ولكن بعد تعرض موظفيها للقتل والاعتقال والتهديد اجبر القائمين علىها على اغلاقها ومغادرة البلاد.
وفي الثلاث سنوات الاخيرة قامت رابطة فلسطينيي العراق بتقديم الخدمات للاجئين من مساعدات غذائية في بغداد والموصل واربيل وهم الوحيدون من يزور ويتفقد اللاجئين في الموصل منذ الايام الاولى من تحريرهم من بطش داعش وتقديم المساعدات لهم
دور السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير
تعمل السفارة الفلسطينية على طرح مشاكل اللاجئين على الحكومة العراقية ولقاء المسؤولين والسياسيين العراقيين، وشرح الظروف التي يمر بها اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وتطالبهم بوضع قانون ينظم حياتهم ولكن كانت السفارة تتلقى منهم الوعود فقط لا غير ، كما تقوم السفارة بمتابعة عمل المفوضية والتنسيق معها وقد اصدرت السفارة ما يقارب 350 جواز سفر فلسطيني (جواز السلطة ) مجاناَ للاجئين في الموصل، وتابعت مع اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين لإرسال وفد من اللجنة الى الموصل لتجديد هوياتهم النافذة بدل من القدوم الى بغداد وتحمل تكاليف السفر.
فيما يطالب اللاجئون السفير وكادر السفارة بالمزيد من الواجبات ومطالبة الحكومة العراقية باستمرار لوضع قانون ينظم حياة اللاجئين، واطلاق سراح المعتقلين، ومطالبة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحمل مسؤوليتها اتجاه اللاجئين ، اما بالنسبة لمنظمة التحرير فلا يسمع اللاجئون بها الا في وسائل الاعلام.
فيما تستمر معاناة ذوي الفلسطينيين المعتقلين في السجون العراقية، الذين يبحثون عن ابنائهم في السجون والمعتقلات الحكومية دون جدوى .
مستقبل الوجود الفلسطيني في العراق
يقول الخبراء في شأن اللاجئين الفلسطينيين في العراق أنه لا مستقبل للوجود الفلسطيني في العراق، وأن الأمور تتجه الى اعادة توطينهم في الدول الاوربية، و لكن يحتاج الى مزيد من الوقت، مستدلين بأن جميع المؤشرات والتضييقات التي يتعرض لها اللاجئين الفلسطينيين في العراق تشير الى ذلك .
عن الكاتب
كاتب وصحفي
عمل سابقا مراسلا في صحيفة الوطن الفلسطينية
ومراسلا لصحيفة النهار المقدسية
ومحررا في صحيفة الرسالة الفلسطينية
له الكثير من المقالات المنشورة في العديد من الصحف والموافع الاخبارية العربية والفلسطينية