فلسطين: الهجوم الشامل للمستوطنين في الضفة الغربية ليس حدثا طارئا
كتب/ ذكريا محمد
العصر-الحقيقة التي يجب ان تقال علنا،
هي أن الهجوم الشامل للمستوطنين في الضفة الغربية ليس حدثا طارئا، بل هو النتيجة المنطقية لما جرى خلال العقدين الماضيين، أو بشكل أدق النتيجة المنطقية لعهد أبو مازن. فعهده شهد انتصار المشروع الاستيطاني في الضفة. فقد منحهم الرجل ما يقرب من عقدين من الهدوء الشامل تقريبا، وهو ما أعطاهم فرصة السيطرة على الضفة الغربية. فلدينا الآن مليون مستوطن يسيطرون على التلال وعلى الطرق الرئيسية. وفوق هذا فقد فرضوا وجودهم داخل الحكومة الإسرائيلية، بل سيطروا عليها. لقد تحولوا إلى دولة حقيقية في الضفة الغربية، وسيطروا على الدولة في مناطق عام 48. وكل هذا جرى في عهد أبو مازن وبتشجيع من سياسته. أيام عرفات كان الوجود الاستيطاني مهتزا بعد، وكان الفلسطينيون هم من يملكون المبادرة في الهجوم عليه. انتهى هذا. يستطيع المستوطنون الآن منع الفلسطينيين من الحركة وإغلاق الطرق في جميع أنحاء الضفة الغربية خلال نصف ساعة.
وإذا كان على المستوطنين أن يشكروا أحدا على انتصارهم، فيجب توجيه شكرهم لأبو مازن. بل عليهم أن ينصبوا له تماثيل على أبواب مستوطناتهم. فقد منحهم ما يقرب من عشرين عاما من الهدوء استغلوهما لتحقيق هيمنتهم وانتصارهم.
سياسة الهروب من مواجهة الاستيطان، والاستعاضة عنها بمواجهة كل من يواجه الاستيطان والاحتلال أوصلتنا إلى هنا. عليه، فالهجوم الاستيطاني ليس مرحلة عابرة، بل هو الحقيقية التي ستواجهنا يوميا منذ الآن.
وما لم يجر إبعاد النخبة الفلسطينية التي قادت الضفة الغربية، ودمرت بنيتها التنظيمية عبر القمع وأجهزة الأمن وعبر التلاعب بالمال، فسوف تكون الهزيمة الكاملة هي ما ينتظرنا. لم يعد لدينا وقت. علينا أن نعيد تجميع شتاتنا. علينا ان نعيد الاستقلال لحركتنا السياسية، ولمنظماتنا الشعبية التي حولوها إلى فروع تابعة للأجهزة الأمنية. علينا أن نعيد بناء هيكلنا القيادي كله، على أسس جديدة، وأن نستعد لخوض معركة طويلة ومريرة.
نعم، إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية على أسس جديدة هي المهمة المطروحة الآن. فبالأشلاء الممزقة الحالية التي تبقت من فتح ومنظمة التحرير ليس لنا أي أمل. سننتهي. سيكون أقصى أمانينا أن يوقف نتنياهو نقاش تأسيس مستوطنات جديدة لمدة ثلاثة أشهر. لقد وصلنا إلى الحضيض، وصارت الهزيمة التامة هي الاحتمال الأكبر إن لم نعد حسابنا، وإن لم نعد بناء قوتنا الذاتية. والمستوطنون يدركون ذلك. يدركون أنها ساعة الحسم. لذا يصعدون هجومهم. أما نحن فيقودنا الأموات، أموات (قمة العقبة)، وقمم الخراب والجنون التي ستليها.
Zakaria Mohammed