أحدث الأخبارفلسطين

في ذكرى النكبة 75… برنامج عمل لإنهاء النكبة

اعداد: عماد توفيق عفانة
مدير مركز دراسات اللاجئين

العصر-تفترض ورقة عمل تحمل عنوان (نداء لأجل العودة نحو برنامج عمل لإنهاء النكبة) أن انتزاع حقوق الفلسطينيين من مخالب مشروع الاحتلال الاستعماري الاستيطاني لن يحدث في ساعة صفر زمنية، وأن سعي الفلسطينيين للعودة ليس مهمة مؤجلة، بل فعل اشتباك يومي مع الاحتلال يمارسه جل المجموع الفلسطيني بدرجات متفاوتة.

وتقدم الورقة نماذج ممكنة للعودة مع ما تستدعيه من مهمات يجب أن ينهض بها الفاعلون لأجل إنفاذ حق العودة.

*نماذج ممكنة*
تتعلق المواجهة مع منظومة الاستعمار والاحتلال في جزء مهم منها بالقدرة على ابتداع أنماط وأدوات للمواجهة، وامتلاك الإرادة على الاستمرار في المواجهة.
وبينما يثبت الشعب الفلسطيني بالممارسة استعداده للتضحية عبر ما يفرزه من ممارسات نضالية عالية الكلفة في مواجهة الاحتلال، فإن الحاجة في سياق النضال الجماهيري والفعل الشعبي تكون لتلك النماذج الأقل كلفة، والأبسط، التي تعزز انخراط شرائح أخرى في النضال، دون مساس بحق الفلسطيني في تصعيد حدة كفاحه، ولكن باتجاه توسيع حيز الممارسات النضالية، في سياق تصبح فيه هذه العمليات النضالية على اختلافها أداة لاستعادة الفلسطيني لأرضه.
فكل نقطة مواجهة يبادر فيها الفلسطيني لتحدي المحتل هي أرض محررة آنيا، وكل خطوة باتجاه عودة فلسطيني لأرضه هي انتزاع لنقاط جديدة باتجاه تحقيق عودة جميع اللاجئين.



1- *سفن العودة:*
حشد 100 سفينة وقارب ينظم رحلة للعودة تجاه فلسطين، تضم فلسطينيين بالأساس ومتضامنين معهم بصفة ثانوية، ورغم إمكانية اعتراض المحتلين لكل سفينة عائدة، فإن قيمة الفعل لا تقتصر على رمزيته بل فيما سيحققه من توسيع لقاعدة المنخرطين ن حشد للطاقات الفلسطينية وصولا لرفع هذه في الاشتباك، والإعداد، ناهيك عن إيضاح حقيقة الصراع) لاجئون يريدون العودة لبيوتهم ومنظومة الاحتفال تسعى لمنعهم عبر القتل والجرائم وتواصل تهجيرهم بالقوة المسلحة).

2- *مطار العودة:*
أوجد التهجير المستمر والمتكرر للاجئين الفلسطينيين كتلة كبيرة نسبيا من الفلسطينيين الذين يحوزون على جوازات سفر وجنسيات لدول ذات علاقة بالاحتلال، وإذ يعتبر الحنين الفردي للوطن عاملا يرسل آلافاً من هؤلاء سنويا لزيارة البلاد وفقا لشروط الاحتلال، فإن إحالة الفعل الفردي إلى نشاط نضالي جماعي يعني كسر لشروط الاحتلال.
والفكرة هنا أن ينظم آلاف من الفلسطينيين رحلة عودتهم الى فلسطين في توقيت “شبه محدد” من كل عام، لينزل في مطارات الاحتلال 5 آلاف فلسطيني قادمين على رحالات مختلفة، وفي مواجهة ذلك فإن محاولات الاحتلال منعهم أو اعتقالهم أو إلغاء حجوزاتهم وكل فعل تعسفي يصدر عنه هو مادة للاشتباك الفلسطيني مع الاحتلال نضاليا كما قضائيا، وكذلك مع شركات الطيران المتعاونة معه والحكومات الداعمة لجرائمه.



-3 *مسارات آمنة لأجل العودة:*
إن الدور الذي تمارسه دول الطوق العربي في حماية حدود المحتل ومنع الفلسطينيين من سبل عودتهم لأرضهم، عدوان سافر ومستمر على حق الفلسطينيين في العودة، إلى جانب كونه حصاراً على الفلسطينيين وحرية سفرهم، وهو ما يستدعي أوسع تحرك جماهيري وحقوقي ونضالي عربي وفلسطيني لإجبار هذه الدول على فتح مسارات آمنة ومحددة تجاه فلسطين، يمكن للفلسطينيين أن يسلكوها دون الخضوع لشروط الاحتلال وهو نضال إن تعذر في بعض بلدان القمع العربي، فإنه من الممكن أن يمتد بمسارات قضائية ضد حكومات هذه الدول، إلى جانب قدرته على فضح دورها في الحصار ومنع العودة وانتهاك واستلاب حقوق الفلسطينيين.

-4 *مسيرات العودة:*
شكل نموذج مسيرات العودة الشكل الأبرز والأشجع في سعي الفلسطينيين للعودة إلى ديارهم، وخصوصا تلك المسيرات التي نظمت عام2011، وحققت عودة آنية لمن اجتازوا الحدود، وكذلك مسيرات العودة التي استمرت لعدة سنوات انطلاقا من قطاع غزة.
ورغم أن وحشية المحتلين قد كبدت الفلسطينيين آلاف الشهداء والمصابين، فإن جديراً بنا أن نتذكر أن هذه الجريمة ترتبط بطبيعة الاحتلال ووحشيته، لا بسعي الفلسطينيين نحو عودتهم، فالشهداء والضحايا يسقطون يوميا بفعل التهجير، ومع ذلك فإن المقترح فيما يتعلق بنظم مسيرات عودة يسعى لحشد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين والمناصرين لعودتهم عند حدود فلسطين في موعد محدد من كل عام مع اتخاذ كل تدبير ممكن للحفاظ على الأرواح
من وحشية الاحتلال التي تستهدف العائدين.

5-*نقطة نضال وعودة:*
أن تحدد شبكات الفاعلين النشطة لأجل العودة إحدى القرى المهجرة في الداخل المحتل كهدف لأجل عودة اللاجئين لأرضهم، وخصوصا اللاجئين في الداخل المحتل عام 1948، وأن ينصب النشاط والتركيز على دعم هذا المسعى، وحشد الطاقات والتغطية والإسناد له، بما يعنيه ذلك من تعزيز الفرص لتحقيق إنجازات ملهمة بهذا الاتجاه، وهذا ما يحصل في مسيرات العودة إلى القرى المهجرة ويجب أن يستمر وتتم فعليا المراكمة عليه وأن يحظى بتغطية إعلامية أوسع.

6-*الممارسة الاحتجاجية:*
تحديد يو م من كل عام يقاطع فيه الفلسطينيون الخدمات المقدمة لهم من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وسائر أنشطتها، معلنين فيه أن شعارهم ومسعاهم ومطلبهم هو عودتهم لديارهم وإنهاء تهجيرهم، مؤكدين رفضهم الابتزاز المستمر للحصول على حقوقهم المعيشية.



7-*التصعيد لأجل العودة:*
إن التزام أطر متعددة بأدوات نضالية محددة على غرار المقاطعة، لا يمنع إمكانية لجوئها لإجراءات تصعيدية آنية أو دائمة، دعما لمساعي الفلسطينيين في العودة لديارهم، فاذا كانت حركات المقاطعة تلتزم بدرجة ما من مقاطعة الاحتلال، فإن هناك إمكانية لتشديد معايير المقاطعة فيما يتعلق بمنطقة تجري فيها مواجهة لمنع التهجير في النقب أو الشيخ جراح مثلاً أو تشهد قمعا احتلالياً لتجارب العودة كما في ( العراقيب، اقرث -كفر برعم) كذلك فان إسناد هذا النضال بالتصعيد من قبل مجموعات التضامن هو ضرورة على هذه المجموعات تحمل المسؤولية فيها.

8-*عودة إنسانية ضد إبادة استعمارية:*
إن تكريس النخبة السياسية الرسمية الفلسطينية لشعار “الدولة” كعنوان مهيمن على قضية الفلسطينيين ونشاطهم لا يجب أن يلغي الصورة الشاملة لهذا الصراع، واتصالها بنضال ملايين من أبناء الشعوب الأصلية الذي أبادتهم وهجرتهم منظومات الاستعمار ومحت هوياتهم.
هذه الأرضية المشتركة للنضال يجب أن تتطور اتجاه النضال المشترك، ولنتخيل أن ألفا من شعب المايا يعودون لقرية فلسطينية، فيما يعود ألف لاجئ فلسطيني لإحدى قرى شعوب هاييتي.

9- *شبكة العائدين:*
تنظيم العودة المادية والرمزية لمجموعة من القرى الفلسطينية في الداخل المحتل، بحيث يتم تركيز أنشطة محددة في مجموعة من 10-20 قرية سنويا، بمراسم محددة تعلن عن إطلاق مشروع العودة لكل قرية، تشمل إعلان تشكيل مجلس بلدي شعبي فلسطيني للقرية، وحشد الدعم والإسناد لهذا السعي، ودعمه بعشرات الفعاليات المرتبطة داخل وخارج الأرض المحتلة.

11- *مجالس العائدين:*
ارتباطا بالنقطة السابقة، يمكن تشكيل مجلس شعبي لكل بلدة مهجرة، يختص بتنظيم أنشطة العودة، ووضع التصورات والخطط المستقبلية لتنمية البلدة ضمن مسار العودة إليها، وصندوق مالي للبلدة، ولجان مرتبطة تشمل كل ما يتعلق بفرصة تنمية مجتمع العائدين الحر، ويتم حشد الاعتراف به من عشرات البلديات والهيئات حول العالم، وتشكيل مجلس إقليمي أو وطني مكون من مجالس العودة، مع إمكانية أن تشمل هذه المجالس تلك المناطق التي يستطيع سكانها الوصول لبيوتهم في القرى المهجرة أي الفلسطينيين المهجرين في الداخل المحتل عام1948 وأيضا مخيمات اللاجئين، وتجمعات الفلسطينيين في الشتات.

*خاتمة*
إن مجموع الأنشطة والتصورات المقترحة، ما هي إلا مادة الاستثارة تفكير ونقاش وعمل نضالي جمعي ملتزم بالمضي في مسار العودة، وبالتأكيد فإن إخضاع هذه المساحة للنقاش سينتج آلاف من الأنماط النضالية التي سيجترحها المناضل الفلسطيني لأجل العودة.
كما أن ما سبق ليس ابتداعا لمسار نضالي لم يطرق الفلسطينيون بابه، بل محاولة لربط بؤر النضال القائمة لأجل العودة، ووضعها ضمن سياقها النضالي الجماعي، وهو أمر لن يتحقق بقرار لحظة، ولكن بالأساس عبر تدرج تنامي البنى النضالية والشبكة التي تربطها وتشكل رافعة لفعلها.
إن إعادة إنتاج علاقة اللاجئين الفلسطينيين بالبنية الهرمية السلطوية الفلسطينية، يأتي عبر تنظيم نضال البنى الشعبية وإدراكها لقوتها وتأثيرها،



وقدرتها على إنتاج البرامج التي تخرج الفلسطينيين من أسر الشروط الاحتلالية والدولية المهيمنة، والتي تعجز المنظومة الرسمية الفلسطينية عن مقاربته فضلاً عن إنتاجها.
إن البديل الممكن أمام الفلسطينيين هو نضال العودة وتقرير المصير، الذي لا يؤجل أياً من الحقوق أو ينتظر إعلان انتصار أو تسوية، بل يناهض سلطة الاحتلال ويزيحها لحساب إرادة الشعب المتحققة بالنضال الجماعي، ويعيد الاعتبار لهوية جماعية نضالية تشكل قاعدة للبرنامج السياسي والنضالي الفلسطيني، هوية شعب معرض لسياسات التهجير والمحو والإبادة ويقاتل ضدها محققا عودته ومنتزعا سلطته على مصيره.

منقول بتصرف عن ورقة عمل بعنوان ” نحو برنامج عمل لإنهاء النكبة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى