بقلم: د. السيد محمد الغريفي
بنيت العملية السياسية في العراق بعد ٢٠٠٣ على مجموعة من القواعد والأسس المستحكمة التي لا تتغير ما لم يسقط النظام ويعاد كتابة الدستور على أسس وقواعد جديدة. وأهم هذه القواعد ما يلي:
١- قاعدة الدكتاتورية البرلمانية:
سيطرت الأحزاب الحاكمة منذ ٢٠٠٣ على جميع السلطات الثلاثة (التشريعية، والتنفيذية والقضائية)، فشرعت لنفسها مميزات هائلة وتركت الشعب يعاني الفقر والحرمان لأبسط الضروريات من الماء والكهرباء والتعليم والصحة والخدمات التحتية، وعطلت القضاء وملاحقة المفسدين السياسيين، فلا رقابة تحاسب اختلاساتهم وفشلهم، فأنها صورة جديدة للدكتاتورية، ولكنها جماعية مشكلة من الأحزاب، فكان لدينا صدام واحد واليوم لدينا ألف صدام. وهذه الدكتاتورية لا تهدم الا بتغيير الدستور من برلماني الى رئاسي يفصل بين السلطات الثلاثة ويوجد الرقابة على السلطة التنفيذية.
٢- قاعدة المحاصصة الحزبية:
قسمت السلطة التنفيذية (الوزارات السيادية والخدمية)، على شكل حصص بين الأحزاب الفائزة في السلطة التشريعية، وفق الأستحقاق الإنتخابي كما يدعون، فتسبب هذا الأمر بكوارث عديدة للعراق مثل الفساد والفشل الاداري، وإنعدام الرقابة البرلمانية، وتعطيل الخدمات والطائفية والتبعية الخارجية، وعليه فالمحاصصة هي رأس الأفعى لكل هذه الكوارث، ولا يسلم العراق الا بقتل رأسها بتغيير الدستور الى الرئاسي وحصر السلطة التنفيذية بشخص واحد، وباقي الأحزاب يكون دورهم تشريعي ورقابي في البرلمان.
٣- قاعدة التقاسم الطائفي:
تسببت المحاصصة بأن أتجاهت الأحزاب نحو الطائفية وتشكيل تكتلات فوق الحزبية (شيعية، سنية ، كردية، تركمانية) وتقاسم السلطة على أسس طائفية، وحشد الناخبين بشعارات طائفية، بعيدة عن المصلحة الوطنية، والكفاءة في إنتخاب المسؤولين، فتسببت الطائفية بالارهاب وإراقة الدماء والحروب الداخلية مع داعش، والهجرة الداخلية والخارجية، وتدمير العديد من المدن العراقية، وآخرها الاستفتاء على انفصال كردستان، بينما المفرض أن يكون النظام رئاسي وترشح للمناصب الحكومية على أساس الكفاءة لا على أساس الطائفية.
٣- قاعدة التبعية الخارجية:
بعدما أوجد النظام البرلماني تقاسم السلطة على أسس المحاصصة والطائفية فمن الطبيعي أن تستعين الأحزاب الطائفية بدول خارجية من نفس طائفتها، للضغط على خصومها لنيل حصص أكبر في السلطة، فأصبحت جميع أحزابنا السياسية تتلقى الدعم المالي والسياسي من دول خارجية، ولا نجاة للعراق الا بتغيير الدستور الى النظام الرئاسي حيث لا يضطر فيه الرئيس للتبعية الخارجية لأن السلطة تأتيه مباشرتا من إنتخاب الشعب.
٤- قاعدة التستر على الفساد:
تسبب نظام المحاصصة بتستر الأحزاب الحاكمة على بعضهم البعض، في الأختلاسات والصفقات الوهمية، مع إنعدام الرقابة البرلمانية، وتعطيل هيئة النزاهة والمحاسبة القضائية، بينما لا نرى هذا المشهد في النظام الرئاسي لوجود الأحزاب المعارضة للرئيس في البرلمان التي تبحث عن كل صغيرة وكبيرة لإسقاطه.
٥- قاعدة الفشل في خدمة الشعب:
عندما يكون النظام فاسد والأحزاب الحاكمة قد عطلت الرقابة والقضاء، وتقاسمت السلطة فيما بينها، وتسابقت في النهب والأختلاس، وحولت الوزارات الى مقرات حزبية لرعاية مصالحها فقط، وشرعت قوانين تشرعن مميزات هائلة للسياسيين قد أفرغت ميزانية الدولة في جيوبهم، فمن الطبيعي أن تكون الخدمات فاشلة وشبه معدومة، والمشاريع وهمية للاختلاس والسرقة، ويبقى شعب محروم يعاني الفقر وإنعدام الخدمات الضرورية للحياة.
وعليه فأن الحل الوحيد لنجاة العراق هو القيام بثورة شعبية سلمية تطيح بهذه الاحزاب الفاسدة وتقدمهم للمحاكمة العادلة، وتقيم نظام سياسي رئاسي تحت سيادة الشعب.
- الآراء المطروحة تمثل رأي كاتبها ولا تمثل رأي المجلة بالضرورة.
- تستطيعون أيضاً المشاركة بأرائكم وتحليلاتكم السياسية :
خطأ: نموذج الاتصال غير موجود.