في تناقض واضح، أصدر جيش العدو الإسرائيلي، أمس، بيانَين منفصلَين حول الصاروخ الذي تقول إسرائيل إن مصدره الأراضي السورية. في البيان الأوّل، أفاد الجيش بأن «صاروخاً مضادّاً للصواريخ أطلقه الجيش الإسرائيلي، فشل في اعتراض الصاروخ السوري من نوع إس 200»، ليعلن لاحقاً أن «تحقيقاً أولياً أظهر أنه لم يجرِ اعتراض الصاروخ السوري فعلياً»، فيما تحدَّث وزير الأمن، بيني غانتس، من جهته، عن «تحقيق في الاعتراض الذي لم ينجح». وفي هذا السياق، قال المحلّل العسكري في موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إن «مصدر الانفجارات التي سُمعت في منطقة القدس والسهل الداخلي، هو صاروخ الاعتراض. لكنّ هذا الصاروخ، الذي أطلقته منظومة الدفاع الجوي في اتجاه الصاروخ السوري المضاد للطائرات، لم يُصب هدفه». وأضاف بن يشاي أن «سلاح الجوّ بدأ تحقيقاً من أجل استخلاص العِبَر والتأكُّد من أن تكون النتيجة في المرّة المقبلة أفضل، وواضح أن هذا ليس إخفاقاً من جانب المشغّلين أو خللاً تقنيّاً في منظومة الاعتراض».
البيانان المنفصلان يقودان إلى نتيجة واضحة: فشل اعتراض الصاروخ أياً كان نوعه أو مصدره، إذ إن عدم اعتراض المنظومة الاعتراضية للصاروخ، بحسب البيان الأول، يعني فشلاً في اعتراضه سواء كان السبب فنيّاً أو بشرياً. وفي الحالة الثانية، في حال صدَق البيان الثاني حول عدم اشتغال المنظومة أساساً، فذلك يعني إخفاقاً أكبر، إذ إنه من المفترض أن تُفعَّل المنظومة بعد رصد واستنتاج الموقع الذي سيسقط فيه الصاروخ، وبعد ذلك تُطلق صفارة الإنذار في المنطقة المعيّنة وتجري عملية الاعتراض. وفي هذا الإطار، نقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن الجيش الإسرائيلي قوله إنه «بحسب النتائج الأوليّة للتحقيق بخصوص الحادث الخطير الذي وقع ليل الخميس، فإن صاروخ أرض-جو أُطلق من الأراضي السورية، ووقع في منطقة مفتوحة في صحراء النقب، بالقرب من مدينة ديمونا، ولم يجرِ اعتراض الصاروخ أساساً»، إذ «انفجر الصاروخ على ما يبدو في الجو ووقعت أجزاؤه في النقب». وبحسب القناة، فإنه «خلال ليل أمس، أطلق الجيش السوري صاروخ إس 200، كردّ على هجوم نفّذه سلاح الجو الإسرائيلي على عدد من الأهداف في محيط دمشق، قبل وقوع الحادث في النقب. ووقع الصاروخ في منطقة مفتوحة في بلدة عرعرة في البادية الفلسطينية، حيث لم يسبّب أضراراً في الممتلكات والأرواح»، على رغم أن أصوات الانفجارات سُمعت وصولاً إلى نابلس في الضفة الغربية المحتلة، فيما أكّد سكان قرية أبو قرينات البدوية الفلسطينية، القريبة من ديمونا، أنهم «سمعوا صوت انفجار هائل ارتعدت منازلهم على إثره».
في غضون ذلك، قال رئيس بلدية ديمونا، بيني بيتان، في مقابلة لراديو «إف أم 103»، إنه «بسبب المفاعل، اليوم بتنا نعرف أنه على الرغم من كلّ وسائل الحماية حوله، هناك إمكانية لوصول شيء ما. إنني أتّكل على الجيش الذي يحمي كلّ دولة إسرائيل. لقد استيقظتُ على اتصال قائد محطّة ديمونا. ولكن لم تكن هناك صفارة إنذار، وفقط في مناطق معيّنة سُمع الضجيج… أريد طمأنة سكان ديمونا، وأيضاً سكان إسرائيل، أعتقد أن ديمونا هو المكان الأكثر أمناً في العالم، أكتفي بذلك ولا أستطيع إضافة الكثير. إنني على علم بكثير من الأمور»، في إشارة إلى إجراءات الحماية حول المفاعل.
أمّا محلل الشؤون العسكرية لـ«معاريف»، طال لف رام، فعلّق على الحادثة بالقول إن ما جرى «كان مهمّاً بالفعل ورافقنا طوال الليل. (لكن الآن) أصبح وراء ظهرنا، وكلّ ما بقي هو التحقيقات الميدانية الجارية». وأضاف أنه «عند الساعة 02:38، قصف سلاح الجو الإسرائيلي أهدافاً في منطقة الجولان. وفق ما يُقال في الجيش، أُطلقت صواريخ أرض-جو في اتجاه الطائرات الحربية الإسرائيلية، أحد هذه الصواريخ تابع مساره وسقط في النقب، مُفعِّلاً إنذاراً هناك. كان واضحاً في بداية الأمر أنه لم يُطلق من قطاع غزة، ثم اتّضح الأمر أكثر عندما تبيّن أن مصدر الصاروخ هو الأراضي السورية، إضافة إلى الإنذار، جرى تفعيل منظومة القبة الحديدية التي تُفعّل عند اقتراب الصواريخ من الأرض». وأشار لف رام إلى أن رواية الجيش تفيد بأنه «لم يكن هناك نيّة لضرب ديمونا، وإنما لردع أو إصابة الطائرات. وفي خلال إطلاق الصواريخ، أحدها كما هو واضح، انحرف عن مساره. وبحسب الرواية ذاتها، استمرّ هذا الصاروخ إلى أن وصل إلى ذلك المدى. يجب أن نفهم، مع صاروخ أرض-جو، أنتَ لا تطلق النار نحو هدف أرضي من أجل خلق شيء عملي، إذ ليست لديه القدرة على الإصابة، لكن الوعي هو بالفعل شيء آخر. اللافت هنا هو مدى أو عمق السقوط. هذه هي الرواية الرسمية للجيش الإسرائيلي، وهذا لا يعني أنها لا تطرح تساؤلات». وبمناسبة التساؤلات، علّق الإسرائيلي آدم أديف، على تغريدة للمراسل العسكري لـ«القناة 13» أور هيلر، قائلاً: «أور أنت تعرف كم أقدّرك، ولكنّ أمراً ما يبدو غير صحيح بالنسبة إليّ، كل ما يجري في الأيام الأخيرة، والشعور بأنهم لا يقولون لنا الحقيقة (أتحدث عن الصاروخ الذي أُطلق نحو ديمونا، والانفجار الهائل الذي وقع في مصنع تومر لمحركات الصواريخ، في مدينة الرملة)». وفي وقتٍ سابق، نقلت «معاريف» عن رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، قوله تعليقاً على إطلاق الصاروخ من سوريا إن «قوة الردع سُحقت، ونتنياهو غفا في نوبة الحراسة لأنه مشغول بمسائله الشخصية».