أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

كاسر خيبر (خيبر شكن) والمفاوضون الكبار

مجلة تحليلات العصر الدولية - حازم أحمد فضالة

أزاح حرس الثورة الإسلامية، اليوم الستار عن صاروخ (خيبر شكن) الإستراتيجي الدقيق بعيد المدى، الذي يعمل بالوقود الصلب، ولديه القدرة في مرحلة الهبوط على المناورة لاختراق الدرع الصاروخي، وتصميمه الأمثل قلل من وزنه موازنة بالنماذج المماثلة بمقدار الثلث، واخترال وقت إعداده وإطلاقه إلى السدس.

وهذا التوقيت في الكشف يتعلق بفلسفة المفاوضات التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية، ولنا هذه القراءة للإيضاح:

1- الفكرة أنهم كشفوا عنه مع وصول مفاوضات فيينا حول الملف النووي إلى نهايتها، وهذا يؤكد سياسة محور المقاومة الناجحة بالمفاوضات مع الأعداء والخصوم وهي لَيّ ذراع العدو أو الخصم، وقص مخالبه وخلع أنيابه؛ حتى يجيء خاضعًا ناعمًا، منزوعًا من أدوات الضغط وأوراق القوة التي يناور بها في المفاوضات!

2- هذه الآلية، جرب طحنون بن زايد (مستشار الأمن الوطني الإماراتي) العمل بها يوم زار الجمهورية الإسلامية بتاريخ: 6-كانون الأول-2021، والتقى المسؤولين الكبار فيها، وسلم السيد إبراهيم رئيسي دعوة لزيارة الإمارات، في أثناء ذلك عادت الإمارات لتتورط ثانية بمشاركتها بحرب اليمن، ووجهت قواتها لمواجهة أنصار الله في (مأرب وشبوة)؛ لمنعهم من تطهيرها من مرتزقة الخليج… ما الذي حدث؟
الذي حدث هو أنَّ أنصار الله وجهوا ضربة قاسية بالمُسيَّرات والصواريخ الباليستية إلى عاصمة الإمارات (أبوظبي) لأول مرة من بدء تاريخ الحرب الظالمة سنة 2015، إذ كانت هذه الضربة بعنوان (عملية إعصار اليمن الأولى) بتاريخ: 17-كانون الثاني-2022 أي بعد مرور (أكثر من شهر) على زيارة طحنون للجمهورية الإسلامية، ونتائج ذلك هي:

أولًا: الإمارات تصورت أنها ستلوي ذراع إيران بإغرائها بزيارة طحنون، والدعوة لزيارة الإمارات، وتشتري الإماراتُ بذلك صمتَ إيران عن عودة الإمارات للحرب ضد اليمن.

ثانيًا: إيران لم تشترِ ذلك العرض، وضربته عرض الجدار، وفهَّمَت الإمارات أنَّ إيران جمهورية إسلامية عقائدية أخلاقية، وليست جمهورية موز!

ثالثًا: قُلِبَت الطاولة على رأس الإمارات، ونُقِلَت من موقع المهاجم المتقدم إلى المدافع المتصدِّع، وجرَّت خسارتها في أكثر من ميدان؛ إذ خسرت في اليمن والعراق وهلُمّ جرًّا، وما زالت تُستنزف، وصارت الشروط بقبضة اليمن.

3- سبقَ أن جرَّبَت أميركا آلية ثانية: (لَيُّ الذراع ما بعد المفاوضات) مع إيران، بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول (5+1) بتاريخ: 14-تموز-2015؛ إذ إحتجزت القوة البحرية للحرس الثوري؛ زورقين أميركيين بعد أن دخلا دخولًا غير قانوني إلى المياه الإقليمية الإيرانية بالخليج الفارسي.
أوقفت القوات البحرية للحرس الثوري (10) عسكريين بينهم امراة، كانوا على متن الزورقين قرب (جزيرة فارسي) داخل المياه الإقليمية الإيرانية، لم تكتفِ إيران بذلك، بل صوَّرتهم في وضع المعتقلين الأذلاء، وبثت التصوير للعالم، وقراءتنا لذلك الحدث هي:

أولًا: حاولت أميركا الزحف على السيادة الإيرانية، ظنًّا منها أنَّ إيران تتنازل عن جزء من سيادتها بسبب (طمعها) في الاتفاق النووي.

ثانيًا: أخفقت أميركا في ذلك، واكتشفت أنَّ إيران لا تشتري هذه الصفقات، ولا تبلع الطعم، ولا تسمح لأميركا أن تخرق سيادتها؛ مستغلةً الملف النووي.

ثالثًا: كانت إيران مستعدة للذهاب إلى الحرب ضد أميركا باعتقالها الجنودَ الأميركيين، لكن أميركا غير مستعدة لذلك.

النتائج:

1- المفاوضات فنٌّ لا يجيده إلا الكبار، والتعلم من الكبار واجب لأجل نجاح المفاوضات لمصلحة الشعب والدولة.

2- الذهاب إلى المفاوضات وأنت تحسن الظن بالطرف الآخر، وتذهب بنية حسنة بريئة؛ فهذا لا يقدم لك سوى الخسارة في المفاوضات.

3- الصواب في المفاوضات، أن تذهب إليها مع الإصرار على عدم التنازل عن مبادئ شعبك، وقيمه الصالحة العليا، وسيادته، ولا تنظر إلى رغبتك الشخصية ومزاجك!

4- الذهاب إلى المفاوضات بعد امتلاك أوراق القوة والضغط وليس قبلها، وبعد تجريد خصمك من أوراق الضغط، أو إضعاف مركز قوته وليس قبلها.

5- الحفاظ على المخرجات النهائية للمفاوضات، أصعب من الموافقة عليها ولحظة التوقيع عليها، لأنك ستكون تحت ضغط الإغراءات لتقديم التنازلات.

والحمد لله ربِّ العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى