كوارث موازنة “اللادولة” تفجر صراع قوى الوطن وأحزاب السلطة في مجلس النواب !
مجلة تحليلات العصر الدولية - حسين فلسطين
لا يخفى على المتابع الكريم كم الأحداث والأخبار التي رافقت جلسات مجلس النواب المتضمنة التصويت على الموازنة العامة في ظل متغيرات طرأت على الواقع الاقتصادي والسياسي والشعبي في العراق وما تركته تلك العوامل من آثار استغلت سياسيا أبشع طرق الاستغلال من قبل أحزاب وكتل تلاقت مصالحها على حساب الشعب العراقي.
خضعت الموازنة كسابقاتها لأرادات حزبية محلية اضافة الى الإرادة الدولية التي بدأت تنتهك كل ما يتعلق بالقرار العراقي لكن هذا الخضوع هو الأول من نوعه كونه تجاوز مسألة المجاملة والأخطاء الفنية ليظهر مظهراً مريباً يزرع الخوف في قلوب اصحاب البصيرة الذين اجمعوا على أن هذه الموازنة هي جزء من سياسة مالية تذهب بالعراق نحو الهاوية فأقل العوامل السلبية وطأة تعزيزها الفتنة المجتمعية الطائفية منها والعنصرية وبالتالي مزيد من التصدع والتنافر و الانشقاق سيحدث ولكن لطريقة ناعمة هذه المرة !
وحقيقة الأمر أن موازنة العام الحالي تحمل في طياتها ما لا يسر ولا يفرح فثمة كوارث ستحدث تنتهي بتفكيك العراق جغرافياً وشعبياً نظراً لما تحمله فقراتها من ظلم مقصود يستهدف فئة من الشعب ومدن بعينها بكل ما تحتويه تلك المدن من موارد مادية وبشرية فعملية افقار المحافظات الجنوبية ورهن موردها الطبيعية واستهداف شبابها وكفائاتها سيدفعها في نهاية الأمر لانفجار لا تحمد عقباه.
وعلى الرغم من عمل الة الإعلام السياسي الفاسد ومحاولته تغيير الحقائق لصالح الكتل والأحزاب الفاسدة إلا أن الشعب بدأ يعي خطورة الموقف عندما فرق بين من يصر على تمرير الموازنة بكورثها وبين من عاد ليمثل إرادته وبدأ يفهم بشكلاٍ جيد مبررات رفض التصويت فالمواطن العراقي أصبح يدرك أن أحزاب السلطة في إقليم شمال العراق تفرض إرادتها بأتفاق مع أحزاب السلطة في بغداد من خلال منح محافظات الاقليم الثلاث ما يفوق حصة عشرة محافظات جنوبية اضافة الى بغداد وهذا الانتهاك الخطير يتجاوز التوزيع العادل لموارد الدولة بل يمثل احتقار لفئة ومكون وتمييز مكون آخر.
تتضمن “الموازنة” في فقراتها ما يشرع بيع اصول الدولة واملاكها وهذا ما لم يحدث حتى في محميات أفريقيا الوسطى فالمادة المقرفة اشبه بعملية الاتجار بالبشر فمن غير المعقول أن تباع أملاك الدولة بطريقة لا اجد لها تفسير ولا مبرر وإن كان مبرراً غير شرعي اضافة الى ذلك فأن مسألة حصة الأحزاب الكردية من الموازنة الكارثية تعبير صريح للأحتلال الاقتصادي الذي تمارسه تلك الأحزاب بالتعاون مع حلفائها في بغداد لجعل نسبة الإقليم المستقل سنة سيئة ستتكرر في كل وقت وحين .
لم تتوقف مهزلة ” الموازنة ” عند حدود النسبة الغير شرعية للاقليم بل انها ايظا تشرع لعملية سرقة النفط العراقي والموارد الأخرى بعدم تسليم الحكومة الاتحادية تلك الموارد الخاضعة لسطوة السلطة الكردية وبذلك تستمر عملية الابتزاز والسرقة بكل ما تحمله من شناعة في الوقت الذي تسلم البصرة كل ما تمتلكه من موارد إلى بغداد !
وبالرغم من ارتفاع أسعار النفط لإضعاف ما كانت عليه في موازنات الأعوام الأربعة الماضية تستمر مسرحية خفض قيمة الدينار العراقي ورفع سعر الدولار لأكثر من (١٨%) من قيمته المثبتة منذ عام ٢٠٠٩ ، وفي الوقت نفسه تستمر ضغوط الأحزاب السنية بإضافة فقرات ابتزاز أخرى تستفز ملايين العراقيين من خلال إدراج ما يسمى ” بالمغيبين ” والاتجاه نحو تعويضهم مادياً من خلال منح ذويهم رواتب خيالية بالمليارات، وهم في الأصل دواعش قتلوا الشعب وقاتلوا قوات الأمنية في حين يستثنى الحشد الشعبي وعناصره في محاولة لتحجيم هذا الكيان المقدس الذي قاد معركة وجود مع التنظيمات الإرهابية !!
هذه العوامل وما يلحقها من تقصد واضح في اهمال شرائح الشباب العاطل عن العمل اضافة لعدم وجود تخصيصات حقيقية تساعد في إكمال البنى التحتية والخدمات شكل انتفاضة سياسية لبعض الكتل التي رهنت مواقفها برضى الشعب وإرادته في موقف وطني آثار استحسان الشارع نتج عنه رفض التصويت على فقرات الموازنة ما لم يتم حذف بنودها الكارثية مما أجبر المجلس ارجاء جلسة التصويت لأكثر من مرة سعيا من الأطراف الحليفة لتحقيق تخادم انتخابي وسياسي لمرحلة الانتخابات التشريعية القادمة وما يليها على حساب قوت الشعب الذي بدأ يذوق المرّ نتيجة السياسات الخاطئة التي تتبعها أطراف التحالف الجديد بأضلاعه الثلاث المتضمنة جزء من الكتل الشيعية الحليفة لبارزاني اضافة لقوى سنية وبقيادة كردية تعمل على إقصاء معارضي سياساتها الاستفزازية القائمة على السرقة والابتزاز والتخابر مع دول معادية للعراق.