بقلم: أشرف شنيف
من خلال متابعة الكم الهائل للأخبار المتداولة بشأن فيروس كورونا المستجد “COVID-19” في وسائل الإعلام ووكالات الأنباء والتواصل الاجتماعي، وبالرجوع إلى التقارير المتخصصة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي والاتحاد العالمي للنقل الجوي والمنظمات والمؤسسات الدولية، واخضاع كل ذلك للتحليل المنطقي المتجرد مستندين للغة الأرقام للوصول إلى نتيجة نهائية لهذا المقال.
البداية نستعرض انهيار أسواق الأسهم في الأسواق العالمية كتبعات لمرض كورونا ففي منطقة العربية صار اللون الأحمر هو سمة تلك الأسواق الأمر الذي أدى إلى غلق تلك الأسواق عدة مرات كما حدث في الكويت ومؤخرا في مصر، وكانت نسبة الانخفاض تصل لحد 9% من قيمة أسهم السوق وذلك يأتي ضمن أكبر هبوط تأريخي حدث لها، وتكبدت بذلك مئات المليارات كخسائر باهظة الثمن بسبب كورونا، قامت بموجبه الأمارات والسعودية بتخصيص 40 مليار دولار لمواجه تبعات تلك الأزمة، وتخفيض لسعر الفائدة لمعظم بنوك المنطقة العربية لتحفيز الاقتصادات وتجاوبا مع تخفيض الفيدرالي لسعر الفائدة.
نأتي بعد ذلك إلى وول ستريت، السوق الأهم في العالم، نجد أنه تعرض لهزات عنيفة فاقت هزة 2008 الناجمة من الأزمة المالية، حيث واجه انخفاض حاد هو الأكبر منذ 1987 بنسبة فاقت 13% في مؤشر داوجونز، وتذبذب بعد ذلك الانخفاض نحو 8% ومن ارتفاع الى انخفاض يتأثر بتأثر الأخبار والتصريحات الصادرة من السياسة الأمريكية، والمحصلة مئات المليارات خسائر، وذلك أدى بالفيدرالي بضخ ترليون ونصف دولار، وأوصل سعر الفائدة إلى صفر بغرض انعاش الاقتصاد الأمريكي، تبع ذلك تخفيض البنوك المركزية في العالم لسعر الفائدة بغرض الانعاش الاقتصادي.
وعند استعراضنا لخسائر أسواق شرق آسيا فإن مرت أيضا بانخفاضات وتذبذبات وسقوط حر، حيث واجهت بورصة شنغهاي انخفاض فاق 7%، بينما انخفضت سوق المال في شينزن فاق 8% ليتكبد المؤشر الرئيسي في الصين خسائر بلغت 420 مليار دولار في واحد، وذلك أدى لضخ 1.2 ترليون يوان للحفاض على السيولة، وسوق نيكاي الياباني انخفض بمعدل 12% وفي المحصلة الخسائر وصلت مئات المليارات.
كما حذرت منظمة الأونكتاد التابعة للأمم المتحدة للتجارة والتنمية في مؤتمرها الذي تم عقده من خسارة تصل إلى 2 ترليون دولار للاقتصاد العالمي، والتحذيرات التي تبعتها من مركز مكافحة الأمراض الأميركي، لتتجاوز خسائر الأسواق في المجمل نحو ستة تريليونات دولار، بينما فقدت أسواق الأسهم ما يقارب ثلاثة تريليونات دولار، ترافق كل ذلك مع معالجات اقتصادية ومالية تراوحت بين الضخ وتخفيض معدل الفائدة، وتلك هي أهم أدوات البنوك المركزية للحد من الانهيارات وخطر الركود الاقتصادي وتعزيز الثقة لدى المستثمرين والمتداولين لأسواق الأسهم العالمية، والمجال لا يسعنا هنا لاستعراضها جميعا.
في المقابل نأتي لاستعراض الأخبار والتقارير الصحية بشأن كورونا، فمنظمة الصحة العالمية أكدت أن نسبة 80% من الإصابات ليست بحاجة لدواء، ونسبة 70% من الاصابات شفيت تماما، وأن 16% بحاجة لعلاج ورعاية، ومعدل الوفيات 2% من الإصابات محصورة تلك النسبة في كبار السن الذين يعانون أمراض مزمنة أو في المرضى المصابين بأمراض خطيرة، ومن خلال استعراض معدل الوفيات في بعض الدول مثل ألمانيا نجد أن نسبة الوفيات لا لتصل حتى 1% وكما ذكرت سابقا هي محصورة في كبار السن والمصابين بأمراض خطيرة بالأساس، أي أن كورونا وعامل آخر ساهما في الوفيات، كما أن عامل الرعب والذعر يسهم في رفع معدلات الوفيات، وذلك العامل لا يرفع معدل الوفيات فقط في وباء كورونا بل يدخل في كل مرض وإن كان بسيط، بل أن الذعر يكون سببا رئيسيا في الوفاة دون تدخل أي عامل آخر.
ومن خلال اسقاط كل تلك المعلومات البسيط في عملية تحليلية منطقية مجردة نستنتج ما يجب أن يكون وتحديد حقيقة المرض وفق دراسة منطقية للوضع غير مبالغ فيها ولحلول عملية أهمها ما يلي:
اولا: بحسب مبدأ “المخاطرة والعائد” الذي ينص عبى أن كلما زاد الخطر زاد العائد والعكس صحيح كلما قلت المخاطر قلت الخسائر نجد أن خطر كورونا ليس بالحاد الذي قد يسبب بخسائر فادحة تصل إلى 6 ترليون دولار، فنسبة الخطر فيه 2% كما لا يفوتنا أيضا أن نذكر بأن هناك نسبة من المرضى في بعض الدول الذين لم يتم تسجيلهم أو تقوم بتخفيض معدلات الإصابة إما لخشية الدول لإثارة الذعر أو لنقص امكانيات تلك الدول، وذلك يؤدي إلى تخفيض نسبة الوفيات إلى 1% أو أقل من ذلك.
ولهذا المبالغة في الذعر سيكون له مردود سلبي على انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الوفيات كما ذكرت سابقا.
ثانيا: يجب أن يتم التعامل مع كورونا على انه “أزمة” وليست “كارثة” من أجل النجاح مثلما قامت به الصين، فتعاملنا على أنها كارثة صحية وإنسانية سيكون نتائجها الاقتصادية والصحية كارثية بحيث يصعب إدارتها وتخرج عن السيطرة الاقتصادية، ومن حسن الإدارة هو العزل وتشديد الرقابة والتعقيم ووقف فعاليات الاختلاط والعمل والراسة عن بُعد والتوعية وذلك حتى نحد من انتشاره دون ذعر أو مبالغة للحفاظ على حياة الفئة المهددة بالخطر، فالتهويل الوباء هذا أو غيره دون الرجوع إلى الأرقام والتحليلات التي تعطي كل شيء حقه ستكون نتائجها سلبية.
ثالثا: الإجراءات الاقتصادية التي قامتا بها الدول في العالم عبر التدخل في ضخ المليارات وتخفيض نسبة الفائدة وتعويض الخسائر ومنح التخفيضات المشجعة لتخيض التكاليف مع انخفاض سعر النفط عالميا تسهم إسهام ايجابي في تخفيض تبعات كورونا الاقتصادية ولهذا الأمر سيكون لها القوة الدافعة للتعافي الاقتصادي العالمي على المدى القصير والتعافي التام على المدى المتوسط.
أخير ومما سبق يجب من جميع دول العالم تجاوز خلافاتها السياسية والاقتصادية من أجل الحد من تبعات فيروس كورونا التي ستكون كارثية، ويجب الوعي من قبل الناس إن فقاعة كورونا الاقتصادية “محدودة الأثر” كما صنفتها سابقا سيتم تجاوزها ولكن بحسن إدارة أزمة كورونا والتفاعل الايجابي بين دول العالم وتبادل الخبرات، مهما كان مصدر ذلك الوباء سواء كان من معمل أو عن طريق الصدفة، فالمرض يهدد الشرق والغرب، فلا نزيد من حجمه ولا نستنقص نسبة الوفيات، مادامت النسبة تدخل في فئة البشر.