أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

كيف تعامل العراق مع النظام العالمي الجديد بصفته جزءًا من محور المقاومة

العصر-المقدّمة :
بالنظر إلى أنّ الاستراتيجية الامريكية واوربا تتجه إلى التركيز على منطقة غرب آسيا؛ كونها غنيةً بكلِّ الثروات التي تحتاجها أيّة دولة للنهوض، ممّا شكّل لدى الأمريكان اهتماماً خاصّاً بتلك المنطقة؛ لأنّهم يدركون أهمّيتها بما تمتلكه من الطاقة والمنافذ والثروات والمعادن والمواقع الجيوبوليتيكية ووقوع أغلب حركة التجارة العالمية ضمن منافذها وبحارها وغيره من الخصائص، فضلا عن عقيدة الظهور المهدويّ فإنّ الغرب قد أولى تلك المنطقة اهتماماً خاصّاً .
العراق – بحكم موقعه، والعديد من الخصائص الجغرافية والاقتصادية – يعد أحد محاور النهوض المقاوم لمواجهة التحديات الغربية التي تريد بناء النظام العالمي الجديد انطلاقاً من استغلال واحتلال المنطقة هذه ( غرب اسيا ) ، وتاتي اهمية موقع العراق الجيبوليتيكة والاقتصادية والجغرافية فضلا عن دور المقاومة في خضم الصراع الدولي ومشروع امريكا للاسيلاء على العالم الجديد .
أوّلاً: الاحتلال الأمريكيّ للعراق عام 2003:
إنّ التحرّك الأمريكيّ العسكري والاقتصادي والثقافي بعد الحرب الباردة وبمختلف الاساليب بما فيها تطوير السلاح والانقلابات العسكرية وغير ذلك وبمختلف الآليات كلّه لأجل السيطرة على مراكز القوّة في العالم الذي يكمن في هذه المنطقة، وخصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 زمن ريغان بعد أنْ فتح الرئيس الروسي الباب للتفكك الاتحاد ( كورا تشوف ) عبر سياسته (بروسترويكا)، و وبعد ان تمكنت امريكا من تفيكيك الاتحاد السوفيتي عمد الغرب وأمريكا إلى التحرّك نحو أُوربا الشرقية، وبطبيعة الحال أوقعت- امريكا – العديد من الدول الواقعة في غرب آسيا ضمن خيمتها لتكون أحد الأذرع لها تمهيدا لفرض القوّة وبسط الهيمنة فكان احتلال العديد من الدول سياسيا وعسكريا، وبعد اتمام احتلال أفغانستان تمّ التحرّك على منطقة الجزيرة والهلال الخصيب، فكان نصيب العراق من المخطط الأمريكيّ هو الاحتلال العسكريّ المتعدد في آلياته من هيمنةٍ اقتصاديةٍ ومحاولةٍ لبسط النفوذ الفكريّ والثقافيّ والاقتصاديّ، ومنع التنمية، واستغلال الثروات، وتأسيس القواعد العسكرية والامنية ، ومحاولة الإشراف على العملية السياسية، والتدخّل في الأمن، وفتح باب التحديات الأمنية: من القاعدة، إلى داعش، إلى غيرها من المؤامرات لتركيع الشعب العراقيّ، والدفع به إلى تقبـّل الاحتلال .



ثانيا: أهمّية العراق في المخطط الأمريكيّ لاحتلال غرب آسيا :
إنّ العراق يمتلك موقعا جفراغيا مهما في خريطة غرب اسيا كونه يربط الخليج بالشرق والبحر المتوسط وتركيا، ويربط آسيا بأُوربا جغرافيا واقتصاديا وهو المنفذ لخط الحرير , وومعلوم ان العراق يمتلك المنافذ البرية والبحرية، ويزخر بالثروات: من النفط والغاز، وتزاد أهمّيته من وجهة نظر الاستراتيجية المقاومة كونه يقع حلقة رابطة واصلة بين إيران وسورية ولبنان نحو الكيان الغاصب ( إسرائيل ).هذا بالاضافة ً الى القدرات الكبيرة لدى العراق: من الأراضي الصالحة للزراعة، والعمق البشريّ، والخزين الثقافيّ الثوريّ، والتاريخ الجهاديّ، ووجود العتبات، والمرجعية، والحوزة، وهو – ايضا – الموقع الجغرافي لنهضة الرسالة الواعدة بظهور الإمام المهدي ( عج ). كونه عمقا طبيعي للمنهج الثوري الذي اختطه الامام الخميني في المنطقة .
ومن هنا ترى الولايات المتحدة الأمريكيّة أنّ العراق يشكّل الجزء الحيويّ في حركتها نحو المنطقة في جناحي الهلال الخصيب والجزيرة نحو آسيا وأُوربا . ولما ذكرناه من أسباب، ولأسباب عديدة أخرى لا تقلّ أهمّية كان الاحتلال الأمريكيّ إلى العراق عام 2003 والذي يحمل بعداً عميقاًَ في المخطط الأمريكيّ في رسم خريطة العالم الجديد .
ثالثاً: دور وظروف المقاومة في العراق

لم يقفِ الشعبُ العراقيّ مكتوف الأيدي لمواجهة التحديات والمخططات الغربية، بل كان رائداً وقائداً وسانداً لحركة المقاومة المحلّية والعالمية التي أسسها الشهيد سليمانيّ برعاية الإمام الخامنئي، والمستمدة منهجها من تعاليم الإمام الراحل الخميني الكبير .
الكلام هنا في مقامين:
(الأوّل) : ظروف ومقومات المقاومة في العراق:
1. تمتلك المقاومة في العراق رصيداً كبيراً، وهو تاريخ الشعب العراقي المجاهد، عبر التاريخ وفي الوقت المعاصر ومنذ عام 1914 إلى الآن، كان الشعب العراقي يقف على القمّة في مسرح الاحداث لمواجهة الغزو بكل أنواعه منذ الاحتلال البريطانيّ، ثمّ الاحتلال الأمريكيّ .
2. تمتلك المقاومة أفضل الظروف في تطوير أدوات المقاومة؛ لأنّ الشعب العراقيّ ينتمي إلى الحركة الجهادية الثورية التي أسسها الإمام الخميني والشهيد الصدر الأوّل , وهذا الخزين التاريخي يتجدد في مسيرة الاجيال كامة قادرة على المواجهة ولان تجاربها تمنحها القوة وان امة العراق هي الامة الشيعية الوحيدة التي تمتاز على سائر الشعوب بالقوة وليس ادل ان ما عانته امة العراق عبر قرن واكثر لم تتعرض له أي امة وشعب , ومن يراجع تاريخ الشعب العراقي يجده بحق له ميزة الجهاد والصبر والثبات بنحو يفوق الجميع .
3. تمتلك المقاومة في العراق جمهوراً من القيادات الواعية عسكرياً وثقافياً، ورصيداً كبيراً من الشباب المؤمن من جمهور الحشد الشعبي والفصائل , والذي تكون سريعا واعطي والثمار بنحو اسرع في تحقيق الانتصارات .
4. تمتلك المقاومة في العراق الانتماء لخطِّ ولاية الفقيه كرصيد أيديولوجيّ محرّك نحو الانتصار والثبات .
5. تمتلك المقاومة في العراق رصيداً كبيراً من المعنويات والخبرة والسلاح التي تمكّنت بها حسم المعركة ضدّ الأمريكان، وضد القاعدة وداعش، وما زالت بكُلّ طاقاتها المعنوية , وتلك الانتصارات اضافت زخما معنويا وعمليا للمقاومة .
6. تمتلك المقاومة في العراق الرصيد الكبير الدافع نحو المقاومة والاستعداد الكبير من خلال فتوى الجهاد الكفائي للمرجع الكبير السيّد السيستاني, وهو غطاء شرعي له اهميته في حسابات الاستراتيجيات .



7. تنتمي المقاومة إلى القطب الاسلامي المقاوم الذي يشكّل أبرز وأهمّ جغرافيا سياسية مقاومة في المنطقة، تنطلق من قلب إيران وصولاً إلى سورية ولبنان واليمن والعراق حلقة رابطة، وهذا القطب يمتلك المنافذ المهمّة للتجارة إذا اضفنا فلسطين واليمن .
8. الشيعة في العراق يشكّلون مع الشيعة في حوض الخليج النسبةَ السكانية الكبرى التي تصل تقريبا إلى 6% من الحوض الخليجيّ فضلا عن قوّتها الذاتية .
(الثاني) : مواقف المقاومة في العراق :
حققت المقاومة في العراق منذ عام 2003 إلى الآن الكثير، ويمكن إجماله بما يلي :
1. تأسيس الفصائل المقاومة التي لعبت دوراً في منع المخطط الأمريكيّ من النجاح، ممّا اضطرته إلى الانسحاب قهراً عام 2011 بعد أنْ أُرغم على توقيع الاتفاقية الأمنية ( سافا )، و ( صوفا ) , ويعود الفضل الي عوامل عديدة في نشاة المقاومة سريعا وبهذه الفاعلية منها : كما قلنا حزينه التاريخي الجهادي , ومنها الدور المشرف للشهيد سليماني .
2. تأسيس الحشد الشعبي : وهو يشكّلُ قاعدةً متينةً ومهمّة مضادّة للمشروع الأمريكيّ، والوقوف ضدّ المخططات الصهيونية .
3. تأسيس جمهور الحشد الشعبيّ والخط المقاوم الثوري : فإنّ الحشد والفصائل لا يكفيان في العمل المضادّ للمشروع الأمريكيّ ما لم تكن هناك أمّة تؤمن بالوقوف ضدّ المخطط الأمريكيّ – وبفضل الله – الآن يمتلك العراق أمّةً كبيرةً واعيةً مستعدّةً للمواجهة .
4. طوّرت أدوات حركتها العسكرية من خلال امتلاك السلاح والتدريب، وأكسبتها التجاربُ العمليةُ الخبرةَ الكبيرةَ لخوض الدور المهمّ في تحقيق وفرض وجود القوّة الاسلامية الواعدة في غرب آسيا في أهمّ جزء منها، وبطبيعة الحال فإنّ هذا التطوّر وتلك الخبرات لها الأثر الايجابيّ في مستقبل العراق والمقاومة عموماً، ممّا يجعل أمريكا محاطةً ومحاصرةً من الشعوب المقاوِمة، وسوف ينهض العراق اقتصادياً وفكريا، لكنّ هذا الامر بحاجة إلى مزيدٍ من الوعي والجدية والنزاهة والإخلاص .
5. طوّرت أداء نهضتها الواعية من خلال التثقيف والدورات وتجنيد الإعلام بنحوٍ يخدم في معركة المواجهة للمشروع الأمريكيّ .
6. حققتِ المقاومةُ الانتصارات الكبيرة على الاحتلال الأمريكيّ عسكرياً وفكرياً .
7. حققتِ المقاومةُ بناء العملية السياسية في العراق، وتمكّنت من حمايتها والدفاع عنها ورفدها بالطاقات والدماء الجديدة نوعاً مّا .
8. حققت المقاومة الانتصارات في العراق ضدّ القاعدة وداعش، وأفشلت الحروب بالوكالة التي تتخذها أمريكا آلةً لتمرير مخططاتها .
9. حققت المقاومة النجاح الكبير في جعل الحشد الشعبي هويةً وطنيةً مكّنته أنْ يمتدّ على كُلّ مساحات العراق الشيعية والغربية لربط خطِّ التواصل للمقاومة .
10. انطلقتِ المقاومةُ في العراق من الفتوى المقدّسة لمرجعيّة النجف الأشرف التي على رأسها السيّد السيستانيّ لتعميق وجودها، ومنح حركتها العقيدة.
11. وظّفتِ المقاومةُ كُلّ أدوات العقيدة الشيعية لصالح المواجهة مع المشروع الأمريكيّ من خلال مناصرة الشعب الفلسطيني والانتماء إلى الحركة العالمية للمقاومة، وقد وجدت في النهضة الحسينية والزيارة الأربعينية فرصةً كبيرةً لتلاقي الشعوب وترسيخ الوحدة اللازمة لمواجهة المشروع الأمريكيّ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى