كيف فتحت الحكومة السودانيّة أبواب جهنم على نفسها؟
مجلة تحليلات العصر / الوقت
عقب الجريمة التي ارتكبتها الخرطوم بتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيونيّ، بالتزامن مع إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكيّة للدول الداعمة للإرهاب وقرب الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، كشف الناطق باسم حزب “البعث العربيّ الاشتراكيّ” السودانيّ، محمد وداعة، القياديّ فيما تعرف بقوى “إعلان الحريّة والتغيير” وهي الشق المدنيّ المشارك بالائتلاف الحاكم في البلاد، عن وجود اتصالات سياسيّة ومجتمعيّة لتشكيل جبهة ضد التطبيع مع تل أبيب، مؤكّداً أنّ عدة أحزاب سودانيّة حذرت الحكومة بسحب الثقة منها في حال أقدمت على التطبيع.
خطوة مرفوضة
رغم تصريحات الحكومة السودانيّة المتكررة، بأنّها لا تملك أيّ تفويض لاتخاذ القرار بشأن التطبيع مع العدو الصهيونيّ، بما يتعدى مهام استكمال عمليّة الانتقال وتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد، وصولاً للقيام بانتخابات حرة، إلا أنّها رضخت لضغوط الإدارة الأمريكيّة وارتكبت خطيئة يجمع الشعب السودانيّ على رفضها، ما خلق حالة من الغضب في الأوساط السودانيّة، باعتبار أنّ حكومتهم (باعترافها) غير مخولة لتتخذ مثل هذا الإجراء مع كيان مغتصب وعنصريّ وطائفيّ.
كذلك، لا يجد السودانيون مبرراً لحكومة ثورتهم التي قامت ضد الظلم، في أن تضع يدها في يد عدو العرب والمسلمين، بعد أن ربطت الإدارة الأمريكيّة رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بالتطبيع مع الصهاينة، وهذا باختصار إهانة كبيرة للشعب السودانيّ واعتداء سافر على سيادة بلاده.
وفي هذا الصدد، أبدى حزب “البعث السودانيّ” أسفه إزاء ربط الحكومة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ بالأوضاع الاقتصاديّة، وشدّد على أنّه ما كان للحكومة أن تتذرع بالصعوبات الاقتصاديّة لكي تبيع السودان وتاريخه، معتبراً أنّها “حكومة ثورة”، وعليها أن تستقيل وترد الأمر لأهله إن لم تستطع مواجهات الصعوبات.
علاوة على ذلك، رفض حزب المؤتمر الشعبيّ السودانيّ، التطبيع مع العدو الصهيونيّ، مؤكّداً عدم وجود أيّ سبب يدفع الخرطوم للتطبيع مع كيان معتدٍ،
واعتبر مسؤول العلاقات الخارجيّة في الحزب، محمد بدر الدين، أنّ الكيان الصهيونيّ خارج عن القانون الدوليّ، ولا سبب يجعل السودان تقيم علاقات معه، فيما أعلن انضمام حزبه إلى الجبهة السودانيّة ضد التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، كاشفاً عن اتصالات مع أحزاب أخرى بهذا الشأن.
وما ينبغي ذكره، أنّ رئيس حزب الأمّة القوميّ، الصادق المهدي، الخميس الماضي، هدد بسحب تأييده للسلطات الانتقاليّة في السودان في حال أقدمت على التطبيع مع العدو الصهيونيّ، حيث أوضح أنّ الكيان الغاصب يتحدى القرارات الدوليّة ويرفض تنفيذها، ويضم أراضي الفلسطينيين المحتلة، وأوضح أنّ العلاقات مع تل أبيب لا صلة لها بالسلام، بل سوف تدفع نحو مزيد من المواجهات، لأنّه لا سلام بلا عدالة، مشيراً إلى أنّ مؤسسات الحكم الانتقاليّة في البلاد غير مؤهلة لاتخاذ أيّ قرارات في القضايا الخلافيّة، مثل إقامة علاقات مع كيان الفصل العنصريّ الصهيونيّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ الغضب الشعبيّ والحزبيّ في السودان، جاء بعد إعلان الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، الجمعة المنصرم، أنّ السودان وافق على تطبيع العلاقات بالكامل مع كيان الاحتلال الغاشم، عقب اتصال مشترك أجراه مع رئيس ما يسمى “مجلس السيادة الانتقاليّ”، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء السودانيّ، عبد الله حمدوك، ورئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو.
غضب شعبيّ
في ليلة الإعلان المشؤوم عن إعلان اتفاق العار بين تل أبيب والخرطوم، الجمعة الماضية، خرج عشرات السودانيين في تظاهرات غاضبة وسط إحدى الشوارع الرئيسة في الخرطوم، احتجاجاً على الخيانة التي ارتكبتها حكومتهم، بتطبيع علاقاتها مع العدو الصهيونيّ.
وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، مقاطع مصورة بثها ناشطون، حيث وجّه المتظاهرون شعارات منددة منها “اسمع اسمع يا برهان، لا تطبيع مع الكيان” ، كما رددوا: “لا تفاوض ولا سلام، ولا صلح مع الكيان” ، و “لا بنستسلم ولا بنلين.. نحن واقفين مع فلسطين”.
خلاصة القول، يعارض الشعب السودانيّ بأكمله مسألة التطبيع مع العدو الغاصب ناهيك عن تشكيل جبهة ضد التطبيع من أهم وأقوى الأحزاب السياسيّة في البلاد، ما سيفتح أبواب جهنم على الحكومة السودانيّة التي عارضت النسق الفكريّ والعقائديّ لشعبها، الذي يمكن أن يقلب البلاد رأساً على عقب بعد سير حكومته على نهج الخيانة الإماراتيّة – البحرينيّة، الراضخ لضغوط واشنطن وكيانها الإجراميّ.