أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

كيف فتح الرئيس عون “الجرح القرداحي” مجددا عبر قناة “الجزيرة” على هامش زيارته للدوحة؟ ومن هو الصحافي السعودي الذي اهانه على الهواء ولم يحاكم؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - عبدالباري عطوان

عرفنا الرئيس اللبناني ميشيل عون معارضا، ولاجئا سياسيا (في باريس)، ورئيسا في قصر بعبدا، والتقيناه في جميع هذه المحطات، اختلفنا معه في بعض المواقف والقضايا، واتفقنا معه في أخرى لبنانية وعربية، خاصة في وقوفه في خندق المقاومة حليفا صلبا، ولهذا يمكن القول، وبكل وضوح، انه كان رجلا شجاعا، لا يتردد في قول الحقيقة دون لف او دوران، على عكس الكثير من السياسيين والقادة العرب في لبنان وغيرها من البلاد العربية.
العبارة التي لفتت نظرنا في هذا الحديث، ولا نستطيع القفز عنها قوله “لم اطلب من السيد قرداحي الاستقالة بسبب تصريحاته”، وضرب مثلا بتعرضه شخصيا للإهانة على الهواء مباشرة من احد الصحافيين السعوديين وقال “من الظلم تحميل الشعب اللبناني مسؤولية ما قاله مواطن واحد”.
امراء سعوديون ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، وتغول بعضهم في الهجوم على مسؤولين عرب، قالوا، او احدهم تحديدا، “ان المقارنة بين صحافيين اساءوا للرئيس عون، وبين إساءة السيد قرداحي للمملكة ليس في مكانها، لأن من اساء للمملكة مثل شربل وهبة وجورج قرداحي يحتلان مناصب وزارية في الدولة”.
نحن أيضا نقول في هذه الصحيفة ان المقارنة ليس في محلها، بين تصريحات السيد قرداحي، وبين المسؤولين السعوديين الكبار وسفارتهم الذين استدرجوا السيد سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق الى الرياض، وانهالوا عليه ضربا ولكما، واجبروه على اعلان استقالته بالصوت والصورة، ثم احتجزوه ومنعوه من العودة الى بلاده الا بعد تدخل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
السيد القرداحي ادلى بتصريحات قبل ان يتولى منصبه كوزير اعلام بشهرين، وبصفته كصحافي واعلامي، وتحدث عن حرب يعارضها معظم المواطنين السعوديين لما الحقته ببلادهم من خسائر مادية وبشرية، وتشويه صورتها في العالم بأسره، مضافا الى ذلك انه لم يتطاول على العاهل السعودي، ولا ولي عهده، ولا أي امير في الاسرة الحاكمة، مثلما فعل الصحافي السعودي مع الرئيس ميشيل عون، الرئيس المنتخب ديمقراطيا، ويعتبر رأس الدولة اللبنانية وكرامتها.
نعم هناك محطات تلفزة وصحف في لبنان تهاجم المملكة وتنتقد سياساتها ومواقفها، وبأسلوب جارح في بعض الأحيان، ولكن هذه المحطات والصحف تصدر في بلد ديمقراطي يتمتع بسقف عال من الحرية منذ عشرة عقود، وهناك صحف ومحطات لبنانية أخرى مضادة تمولها السعودية وتهاجم خصومها، اما في المملكة فإن تغريدة واحدة تتطاول على مسؤول سعودي او خليجي تؤدي بصاحبها الى غياهب السجون لأكثر من 15 عاما ان لم يكن اكثر، والامثلة كثيرة.
هذه السياسات السعودية التي تتعمد المساس بالدول والشعوب الضعيفة مثل لبنان وفلسطين واليمن، وقبلهم سورية والعراق اثناء تعرضهما لعدوان ومؤامرات لتمزيقهما، غريبة على المملكة، وارثها التوافقي التضامني الحريص على حفظ الود مع الاشقاء، والبعد عن الخصومات، كما انها أدت في الوقت نفسه الى عزلة المملكة، وتراجع دورها، ومكانتها العربية والإسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى