أحدث الأخبارلبنان

لبنان؛البطريرك الراعي يقرع طبول الحرب

بقلم علي خيرالله شريف

العصر-قبل أن يصبح بطركاً، عقد المطران بشارة الراعي مؤتمراً صحافياً بالتنسيق مع المرحوم البطريرك صفير، ليثير ضجة عنيفة ضد عرض فيلم في لبنان عن السيد المسيح(ع)، من إنتاج إيراني. وتحدثت وسائل الإعلام يومها أنه أثار الضجة دون أن يشاهد الفيلم، بل رفض حتى مشاهدته. أثار الضجة فقط لأن الفيلم صادر عن جهة غير مسيحية. وكان يتحدث في مؤتمره الصحافي وكأنه هو الممثل الحصري للسيد المسيح(ع)، ولا يحق لأحد غيره أن يتكلم عنه.
وبعد أن تم تعيينه بطركاً للكنيسة المارونية الكريمة، قام بزيارة للجنوب وبعض المناطق اللبنانية غير المسيحية، ورفع شعار “محبة وشراكة”(أو شركة). وبصراحة لم أكن يوماً من المصدقين لخطابه لأني كنت من المتابعين لأدائه الطائفي قبل أن يصبح بطركاً، ولم أنسَ الهيئة العدائية التي ظهر فيها أثناء مؤتمره الصحافي لرفض عرض الفيلم. وبالفعل ما ظهر منه في الفترة الأخيرة، يؤكد أني لم أكن مخطئاً بعدم تصديق شعاراته التي تكلم بها بعد تعيينه. والغريب في مواقفه، أنه لا ينطلق من حقائق ولا من نقاط الالتقاء مع الآخر، بل ينطلق من النقاط الخلافية ومن شعارات طائفية بحتة، يتحالف فيها مع جهات متورطة بألف جريمة وجريمة، بحق اللبنانيين والسوريين والعرب، وجريمة الجرائم تاريخ تلك الجهات المليئ بالتعامل مع العدو الصهيوني.



لا يترك البطرك عِظَةَ أحد ولا مناسبة، إلا ويُطلِق هجمات مِنبرية شعواء ضد الجهة اللبنانية التي لا تحتاج إلى تكرار ذكر فضائلها على لبنان والمنطقة وشعوبها، وعلى المساجد والأديرة والكنائس فيها. وهذه الجهة هي الجهة الوحيدة الـمُستَهدَفة من العدو الصهيوني ومن الولايات المتحدة الأميركية وأذنابها في المنطقة.
واليوم يُجَدِّدُ غبطتُه هجومه العشوائي الحاقد من حادثة بلدة العاقبية. وكما عادته في إطلاق التهم والتهجمات دون بَيِّنة ولا دليل ولا “عَد للعشرة”، أطلق البطرك رشقاته من منبر عِظَةِ الأحد، وبنفس التوقيت والتنسيق مع المملكة التي حشرت أنفها ودعت دون وجه حق، إلى تحقيق فوري بالحادثة، وخرج علينا بنفس حزمة الشتائم والحقد والكراهية والأضاليل. لقد صار لديه لازمة يرددها على الدوام وهي لازمة “الحياد الناشط” والإيجابي. وصار معروفاً للجميع أن هذا الحياد هو طرحٌ فاقدٌ للمنطق والموضوعية، لأنه لا حياد للبلد الـمُعتدى عليه تجاه العدو المعتدي. ولا تفسير لحياد البطرك إلا الدعوة إلى انحيازِ قسمٍ من الشعب اللبناني إلى جانب العدو ضد قسمٍ من ذلك الشعب. ثم يُطرِبنا بالحديث عن العيش المشترك.
البطرك يلاقي دائماً مملكة السعوديين على نفس الموجة، وسنسمع أبواقاً أخرى تعزف على نفس الوتر، من لبنان ومن السفارات ومن الخارج… ولا نستغرب أن البعض بدأ مساعي عقوبات ومجلس أمن وإجراءات انتقامية على خلفية قميص الجندي الإيرلندي. وآخر ابتكارات غبطة البطرك اتهامه لصمام أمان الوطن أنهم قوى الأمر الواقع، وهم الذين لم يوجهوا ضربة كف واحدة بعد التحرير لأحد من العملاء الذين يعشقهم غبطتُه. ثم يدعو إلى تحقيقٍ أممي بحادثة العاقبية، ويُجدد دعوتَه إلى مؤتمرٍ دولي بخصوص لبنان، ثم يُعَرِّجُ على نكئ خلافاتٍ بين بلدة رميش المسيحية وقرى الجوار الشيعي.. هو يُرَدِّدُ نفس الأغنية التي عَوَّدَنا عليها، غيرُ عابئٍ برأي غيره ولا يسعى إلى معرفة الحقيقة، بل هو لا يعبأُ إلا بأحلامه المشبوهة التي يضمرها للبنان.
أن يصل الأمر بقيادي ديني لطائفة كبيرة محترمة إلى هذا المستوى من االتَسَرُّعِ والضغينة، وتكرار المواقف الفتنوية، وبناء علاقات مشبوهة مع بعض السفارات، وأن يُرسِلَ مَبعوثاً له إلى تل أبيب ليحمل إليه منها أموالاً طائلة، فهذا يجب أن تكون نتيجته أحد أمرين؛ إما أن تقوم طائفته بعزله بالتعاون مع الدولة اللبنانية، وإما أن تبدأ باقي الطوائف اللبنانية بالاستعداد للحرب التي يسعى إليها غبطة البطرك. فلا فائدة من الكلام مع غبطته لتذكيره بالعيش المشترك أو بأي شيء آخر، لأنه قد أقفل أذنيه عن سماع شيء، إلا طبول الطائفية والحرب الأهلية. وهو مصمم على السير في خطة تخريب لبنان التي وُضِعت خارج لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى