لطالما أن هناك إتفاقاً وُقِّعَ بين دولتين فلا بُد من تنازلات متبادلة بينهما
كَتَبَ إسماعيل النجار
العصر-لطالما أن هناك إتفاقاً وُقِّعَ بين دولتين فلا بُد من تنازلات متبادلة بينهما، بعد توقيعهما عليه في الصين وقضىَ بإعادة كامل العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين الطرفين خلال شهرين، فإن نَفَّذَت السعودية بنود الإتفاق مع إيران فستكون رابح رابح، وإن نقضتهُ هيَ خاسر خاسر،
بدورها الجمهورية الإسلامية بعد توقيع هذا الإتفاق هِيَ رابح رابح وفي حال نقضتهُ الرياض هيَ أيضاً رابح رابح لأنها الدولة الوحيدة المحاصرة منذ ثلاثة وأربعين عام وليسَ لديها ما تخسرهُ،
*ماذا تريد المملكة من إيران بالضبط؟
*ما هُوَ الثَمَن الذي ستدفعه لها؟ وماذا ستقدم إيران للرياض مقابل ذلك؟
* بدايَةً بين البلدين جبل من الملفات المُكَدَّسة في ربع بِقاع الأرض، أهمها منطقة غرب آسيا، التي من المفروض أن النقاش والعمل سيكون عليها من أجل حلحلتها ومسح آثارها،
ملفاتٌ كبيرة جداً وخطيرة ومتشعِبَة في كثير من الأحيان، منها الأمني ومنها الإقتصادي والسياسي وغير ذلك،
لن يقف الأمر عند حَد الإعلان عن توقيع إتفاق إطار يقضي بإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين وفتح السفارات في عواصمهم وحَسب،
لأن الإتفاق الذي وُقِّعَ في بكين برعاية صينية فَتَحَت فيه الرياض دَرفَة واحدة من الباب المقفل على النقاش منذ سنوات لحسابات لها علاقة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية،
ولم تفتح الجهة الأخرىَ من الباب قبل أن يتم نقاش مستفيض حول مسائل حساسة ودقيقة تعني المملكة أهمها الحرب على اليمن، أرادت السعودية بتقديرنا إختبار نوايا إيران الحقيقية إتجاه هذه المسألة بالذات للتوجه بعدها لإستكمال النقاشات في الكثير من الملفات الأخرىَ العالقه،
الرئيس الصيني كانَ حريصاً على توقيع إتفاق يجمع البلدين في إطار خطة عمل ورسم خارطة طريق طويلة نسبياً يفترض العمل عليها بهدوء وثقه لحلحلة كافة المشاكل الباقية العالقة وتقديم العون من كل جهة الى الأخرىَ والمساعدة في إنهاء جميع الأزمات التي هي موضع خلاف او إعتراض أو إشتباك بينهما،
الأمر دونه عقبات كثيرة قبل أن ندخل بتفاصيل المطالب المتبادلة بين الطرفين، التي لا تخلو من مطبات كبيرة يتربص داخلها الشيطان الأميركي الذي لن يدَع الوفاق يتم أو يَمُر، دون عرقلتهِ،
*أولى هذه المطبات كما أسلفنا الذكر أعلاه واشنطن التي تتربص بالتفاصيل بين البلدين والتي لا يمكن أن تسمح للإتفاق أن يُبصر النور أو أن يكون قابلاً للحياة وخصوصاً أن الراعي هيَ الصين والمستهدف أولاً هوَ نفوذها في المنطقة،
عناوين النقاش الإيراني السعودي في المفاوضات ستَترَكَّز على مطالب مشتركة،
1/ وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين البلدين نهائياً وفوراً،
2/ وقف دعم أو تمويل القنوات الفتنوية التي تبث من السعودية او خارجها والمُوَجَهَة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية،
3/ وقف دعم أو تسليح أو تمويل الجماعات الإرهابية كافَة التي تعمل ضد إيران من داخلها وخارجها،
4/ تسليم الجمهورية الإسلامية لوائح إسمية بجميع العملاء التابعين للمنظمات الإرهابية الذين كانوا ولا زالوا على إتصال بجهاز المخابرات السعودي وعناوين إقاماتهم وأرقام هواتفهم وعدم إيوائهم،
5/ التعهُد بعدم العودة إلى العمل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحفاظ على أمنها القومي،
6/ التعهد بعدم السماح لإسرائيل القيام بأي عمل عدواني عليها إنطلاقاً من المملكة أو إستخدام أجوائها أو أراضيها لهذا الغرض،
7/ عدم المساس بالأماكن التاريخية والآثار الإسلامية كجبل أُحُد أو البقيع أو إقتراب اليهود منها،
بدورها تريد السعودية من إيران…
1/ مساعدتها بتقديم حل للصراع الدائر مع اليمن يحفظ ماء وجه المملكة بشروطها هيَ وإعطائها دور دائم في الحكم والموافقة على شريط عازل على طول الحدود بين البلدين! سيقابل هذا كله تسوية لقضية شعب البحرين،
2/ وقف الحملات الإعلامية على ولي العهد محمد بن سلمان،
3/ عدم دعم حركات التمرد الداخلية أو إيواء نشطاء يعملون ضد المملكة على الأراضي الإيرانية،
المساعدة تهدئة النفوس في مناطق الشيعه السعودية وتحديداً القطيف في المنطقة الشرقية وحثهم على الهدوء،
في المقابل ستتعاون الرياض في مسألة عودة سوريا الى الجامعه العربية، ووفي معلومات تم تسريبها غير مؤكدة إعطاء مصر دور في لبنان لرعاية اي اتفاق بين اللبنانيين يعيد للبلاد وهجها الإقتصادي وأمنها الإجتماعي،
*لكن…. هل تقبل أميركا بأن يتم تنفيذ كل هذه المطالب وهي تتفرج من دون أن يكون هناك أي دور لها؟، ويتم تقارب الى حَد التطبيع بين الرياض وطهران؟
هل ستقبل واشنطن برفع حزب الله عن لوائح الارهاب السعودية؟
هل ستقبل بإفشال قيام حلف اسرائيلي عربي مع مَن اسماهم نتانياهو بدوَل الإعتدال السني،
يجب أن نُنَوِّه إيضاً بأن هذا الإتفاق بعد توقيع الإطار العريض له في الصين يدُل على فشل الدبلوماسية الإسرائيلية في اقناع السعودية السير بمشروعها ضد ايران والتخلي عن التفاهمات معها،
أيضاً يَدُل على عدم ثقة الرياض بالأميركيين والإسرائيليين لأن الإعتماد على الدور الصيني يشير الى أن قناعة تكرست لدى بن سلمان أن الدور الصيني كبير جداً في السنوات المقبلة ولا بُد من تلقُف الظرف المناسب لحجز مقعد في قطار خط الحرير قبل أن يملئه خصوم المملكة ويفوتهم اللحاق بهم،
في التقييم النهائي للإتفاق وما يحتويه من ملفات خطيرة وضخمة وصعبة كثيرة جداً،
فإن الإفراط في التفاؤل بالوصول الى خواتيم سعيدة نتمناها جميعاً صعب للغاية، فالمسألة معقدَة جداً وأكبر من قدرة السعودية مجابهة واشنطن واسرائيل،
لذلك يجب أن لا نستعجل في القراءة السياسية للنتائج قبل أن نرى ونشاهد بأم أعيننا كيف ستدافع المملكة عن الإتفاق؟ وإلى أي حَد هي مستعدة للمواجهة دفاعاِ عنه؟ دعونا نصبر لنرى كل شيء على أرض الواقع لأن إسرائيل وأميركا موجودتان ولديهما القدرة على تعطيل كل شيء.
فلننتظر ونراقب وسنرى النهاية كيف ستكون.