لم يكن ينقص العالم المرتبك منذ أكثر من عام من فيروس “كوفيد 19” سوى الحديث عن سلالة جديدة لكورونا من بوابة بريطانيا. هواجس ومخاوف كثيرة أبدتها الدول التي لا تزال حتى الساعة تجهل “هيكلية” “الكوفيد 19” الكاملة حتى تُفاجأ بتسلل سلالة جديدة الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول المتغير الطارئ وخصائصه وسط الحديث عن أنّه قد يكون أكثر قابلية للانتقال بنسبة 70 بالمئة. كما أثيرت المخاوف من فعالية اللقاح على السلالة الجديدة ما وسّع دائرة القلق والهلع. فماذا يعني ظهور سلالة جديدة من “كورونا”؟.
البزري: الفيروسات تتغير دائمًا
عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس “كورونا” الدكتور عبد الرحمن البزري يؤكّد في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ الفيروسات خاصة الـ”RNA” متغيرة وعليها أن تتغير دائماً، واذا لم تتغيّر فهي تتصرف بشكل استثنائي؛ بمعنى أنّ التصرف الطبيعي للفيروس يحتّم عليه التغير. وفق البرزي، فإنّ فيروس الـ”RNA” يستعمل خميرة معينة في عملية التكاثر التي يتعرّض خلالها لإحداث أخطاء أو متغيرات. هذه المتغيرات الجديدة أو النسخات يُترجم قسم كبير منها كنسخة غير موفقة وغير ناجحة، فيما تكون النسخة في قسم معين منها موفقة وناجحة وحتى أفضل من النسخة الأصلية. لذلك، -يقول البزري- لاحظنا أنّ السلالة الجديدة التي أعلن عنها مؤخراً ليست أول متغيّر في الفيروس. منذ بداية انتشار “الكوفيد 19” وحتى الآن حصلت الكثير من المتغيرات على الفيروس. على سبيل المثال، اذا قارنا الفيروس الذي أبصر النور في ووهان الصينية بالفيروسات الموجودة حالياً نلاحظ أن هناك الكثير من المتغيرات.
يرجح أن يكون أسرع انتشارًا..
لكن المتغير الذي ظهر في بريطانيا يتميّز عن غيره -وفق البزري- بعنصرين؛ أولاً، يجمع بين خصائص عدد من المتغيرات، وثانياً يرجح أن يكون أسرع انتشارا نتيجة المكان الذي يدخل فيه الفيروس على الجسم حيث يوجد متغير يسمى n501 . هذه النظرية بناها البريطانيون وفقاً لملاحظتهم وجود الفيروس في الأماكن التي فيها نسبة تكاثر عالية للفيروس فربطوا بينها وبين قدرة الفيروس على التكاثر. لذلك، أنذر البريطانيون منظمة الصحة العالمية ولفتوا انتباهها الى وجود هذا الفيروس الجديد الذي يبدو -بحسب البزري- أنه ظهر في بريطانيا ولم يدخل اليها من دولة أخرى، مع الإشارة الى أنه وجد في بعض الدول الأوروبية وصولاً الى استراليا وجنوب أفريقيا.
ماذا يعني ظهور هذا المتغير الجديد؟
يؤكّد البزري أنّه من المبكر جداً الحديث عن هذا الأمر لكن هذا التطور يتطلب مراقبة الفيروس من الناحية “الميكروبيولوجية” الجزيئية، فهذا الأمر مهم والبريطانيون لديهم مركز مهم للمراقبة ما مكنهم من الانتباه للمتغير الجديد. وعليه، يشدد البزري على أنّ الفيروس الجديد ليس نوعا جديدا من الفيروسات، بل هو ذاته الفيروس “كوفيد 19” مع متغيرات جديدة؛ بمعنى نحن لا نتحدث هنا عن جنس جديد من الفيروس وهناك قناعة لدى بعض العلماء بأنه ليس قاتلاً أكثر من الفيروس الحالي، ورغم عدم وجود دراسة كاملة الا أن العلماء لا يعتقدون بأنه سوف يؤثر في فعالية اللقاح.
أما فيما يخص لبنان، فيشير البزري الى أن اللجنة العلمية رفعت توصية بتعليق الرحلات من بريطانيا لبعض الوقت ومراقبة الوافدين ووضعهم في الحجر، والطلب اليهم إجراء فحصي “pcr” بانتظار معلومات أوضح عن الفيروس من دول أوروبا ومنظمة الصحة العالمية”.
وفي الختام، يطمئن البزري المواطنين بأن الفيروسات تتغير وهذا التصرف طبيعي، لكن هذا لا يمنع الحذر خاصة في موسم الأعياد ما يحتم علينا ضرورة الالتزام بالإجراءات وتطبيق التباعد الاجتماعي.