متى يأخذ السياسيون والإعلاميون اللبنانيون العبرة من ماكرون
مجلة تحليلات العصر الدولية
عدنان علامه
بثت وسائل إعلام فرنسية يوم امس الأربعاء، مقطع فيديو للرئيس إيمانويل ماكرون، وهو يوبخ الصحفي بجريدة “لو فيغارو” جوروج مالبرونو بسبب مقال عن اجتماعه مع مسؤول تنفيذي في حزب الله في أغسطس.
وقال ماكرون للصحفي الفرنسي: “ما قمتم به هم عمل غير مسؤول في ظل حساسية الوضع وما تعرفونه عن لبنان”.
وأضاف موبخاً مالبرونو: “خطوتك تدل على عدم المسؤولية حيال مصالح فرنسا ومصالح لبنان”.
وتابع قائلا: “سمعتني أدافع عن الصحفيين.. سأفعل دائما.. لكني أتحدث إليكم بصراحة.. إن ما فعلته هو عمل غير جاد وغير مهني وتافه”.
واذا دققنا بتوبيخ ماكرون لجورج مالبرونو وبلهجة حادة فإننا نجد بأن هذه الحادثة الإستثنائية والفريدة جاءت كخطوة ضرورية للحفاظ على مصالح فرنسا ولبنان بعد تقييمه لمقال مالبورنو. فلم يعتبر ماكرَون بأن الكاتب عمل ضمن حدود حرية التعبير عن الرأي بل تجاوزها واعتبر عمله “غير جاد وغير مهني وتافه”.
بينما نجد في لبنان القنوات التلفزيونية لا تضع مصلحة لبنان فوق كل إعتبار؛ بل تضع الأجندات الخارجية فوق كل إعتبار ضاربة بعرض الحائط مصالح الوطن ومهددة السلم الأهلي والعيش المشترك.
فبعض السياسيين والإعلاميين يبنون تصريحاتهم ومقابلاتهم المشبوهة بناءاً على إيعازات خارجية. فلا نسمع من أصحاب السيادة والإستقلال أي شجب او إستنكار للإعتداءات الصهيونية وخرقه اليومي للسيادة اللبنانية. وقنوات الفتنة تبث سمومها خلال بثها المباشر. فتفتح الفضاء لأشخاص محددين ليعلمونا الديمقراطية. فتم إظهار الإعتداء على الوزارات واقتحامها وسرقة مستنداتها بأنها أعمالاً وطنية وثورية. وأعمال التخريب وسط العاصمة والإعتداء على قوى الأمن والأملاك الخاصة والعامة وقطع الطرقات تعبيراً حضارياً عن الرأي وحرية التعبير. والطامة الكبرى أن قنوات الفتنة تماهت مع إدعاءات العدو الصهيوني بأن إنفجار العنبر رقم 12 في المرفأ ناجم عن مستودع سلاح وذخائر لحزب الله. بل ان بعض القنوات أدعى زوراً بأن أطنان نترات الأمنيوم إستوردها حزب الله.
ويبدو أن بعض السياسيين اللبنانيين لم يستوعبوا جيداً ما معنى “لبنان على حافة الهاوية” حسب تعبير وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان حيث شدد على ضرورة عدم المماطلة والإسراع في إجراء إصلاحات ضرورية لحصول لبنان على دعم مالي خارجي.
وقد ثارت ثائرة هذا البعض حين قال رئيس الحكومة السابق الرئيس حسان دياب لم تحمل جديداً إلى لبنان واعتبر أن زيارة لودريان أظهرت أن “القرار الدولي حتى الآن هو عدم مساعدة لبنان”.
وهذا الأمر دفع الرئيس ماكرون إلى الحضور شخصياً لفرض الإصلاحات والقضاء على الفساد المستشري ونظام المحاصصة واستئثار بعض العائلات بالحكم. ودعا جميع الأطراف للإتفاق على عقد سياسي جديد. وأسمع أيضاً بعض النواب والسياسيين كلاماً قاسياً هو أقرب إلى التوبيخ حين طرحوا مسألتي الإنتخابات المبكرة وسلاح حزب الله. ويلدو أن لدى ماكرون تقارير استخبارية دقيقة جداً جداً جمعها عن كافة الأطراف السياسية اللبنانية.
ويبدو ان بعض السياسيين اللبنانين لم يستوعبوا دعوة رئيس الجمهورية اللبنانية باللغة العربية إلى لقاء وطني شامل. وأذعنوا مباشرة لأوامر الرئيس ماكرون بالذهاب إلى “عقد سياسي جديد”. مطبقين المثل القائل: “كل شي فرنجي برنجي”.
وإن غداً لناظره قريب