محلل لبناني بارز يتحدث عن: رواية الشهيد “مغنية” عن الدور الاستراتيجي للجنرال سليماني في حرب تموز
مجلة تحليلات العصر الدولية / الوقت
أيام معدودة تفصلنا عن الذكرى الأولى لاستشهاد الجنرال قاسم سليماني. الشخصية البارزة، التي كانت تنشط في ثوب قائد عسكري فذ، ودبلوماسية بارزة في آن واحد. كان الجنرال سليماني في الواقع شخصية يقر لها الجميع بدورها الخاص والمحوري والاستراتيجي في تشكيل فصائل المقاومة ووحدتها في جميع أنحاء المنطقة.
وفي هذا الصدد، أكد المحلل اللبناني البارز ورئيس تحرير جريدة “البناء” “ناصر قنديل”. أن أهم ما كان يشغل بال الشهيد سليماني هو دعم القضية الفلسطينية. كان قلقاً جداً بشأن مستقبل القضية الفلسطينية. لا يمكن لأي صديق أو عدو إخفاء هذه الحقيقة الواضحة.
وأضاف الخبير اللبناني، ان الحاج قاسم سليماني لم يرغب بأن يكون بعيداً عن الخطوط الأمامية للحرب في لبنان. لهذا السبب ، أصرّ على أن يكون في غرفة العمليات المركزية في مدينة بيروت ، الى جانب صديقه ورفيقه الدائم القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، وكذلك إلى جانب السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان.
وأضاف قنديل، بلا شك يمكن القول إنه لولا الحاج قاسم سليماني ودوره الاستراتيجي في ساحات القتال لما كان ممكناً تحقيق النصر النهائي على إرهاب داعش التكفيري في سوريا والعراق والمنطقة.
و فيما يلي نص الحوار مع رئيس تحرير جريدة البناء اللبنانية.
– كما تعلمون نحن حالياً على أعتاب الذكرى الأولى لاستشهاد الحاج قاسم سليماني. ما هو تقييمك للدور الذي لعبه هذا القائد العسكري في دعم المقاومة في سوريا وفلسطين؟
بداية يجب أن أقول إن الشهيد سليماني كان “قائداً بطلاً”. نعتبر الذكرى الأولى لاستشهاد الحاج قاسم سليماني مناسبة مباركة ونهنئ بها “الإمام السيد علي الخامنئي”. لقد كان الشخص الذي حول الثورة الإسلامية في إيران إلى قدوة. هو نفسه أصبح قدوة ايضاً. كان الشهيد سليماني في الواقع تجسيدًا لجميع المبادئ والقيم التي تشكلت على أساسها الثورة الإسلامية الإيرانية.
مبادئ وقيم الثورة الإسلامية ماذا كانت؟ دعم فلسطين ودعم القدس. كان الشغل الشاغل للشهيد سليماني هو دعم القضية الفلسطينية. كان قلقًا للغاية بشأن مستقبل القضية الفلسطينية. لا يمكن لأي صديق أو عدو إخفاء هذه الحقيقة الواضحة ؛ حقيقة تظهر أن الحاج قاسم سليماني كان الأقرب إلى القدس وقضية فلسطين.
نشعر اليوم بفراغ الحاج قاسم سليماني في المشهد الفلسطيني. فراغه محسوس في كل مشهد يتعلق بالقضية الفلسطينية. سيشهد التاريخ أن المقاومة تحت قيادته وبتوجيه من الإمام الخامنئي حصلت على مختلف الامكانات والمعدات العسكرية وتمكنت من تلقي التدريبات العسكرية الأكثر تقدمًا.
– خلال حرب تموز التي شنها الكيان الصهيوني ضد المقاومة في لبنان ، لعب الجنرال سليماني دورا فاعلًا ومهماً. برأيك ما مدى فاعلية دور الشهيد سليماني في إلحاق الهزيمة الكبيرة بالكيان الصهيوني في حرب تموز؟
خلال حرب تموز، استهدف الكيان الصهيوني بكل قوته البنية التحتية للمقاومة في لبنان. وفي تلك اللحظات، تدخل الحاج قاسم سليماني كقائد لفيلق القدس في الحرس الثوري وأيضًا كداعم للمقاومة ودعم المقاومة اللبنانية. في ذلك الوقت، كان يُعتقد أنه كان من الطبيعي أن يستقر الحاج قاسم سليماني في العاصمة السورية دمشق، ليكون حلقة الوصل بين المقاومة والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
أذكر أنه في ذلك الوقت، حتى الرئيس السوري بشار الأسد أصدر الأوامر اللازمة لدعم المقاومة في لبنان. اطلق يد الحاج قاسم سليماني في إرسال الأسلحة عبر القنوات السورية إلى لبنان. كما ان بشار الأسد اعلن ان سوريا لن تبخل بمحتويات مخازن أسلحتها لتسليح المقاومة في لبنان.
رغم كل ما قيل، لم يكن الحاج قاسم سليماني يريد ان يكون بعيدا عن الصفوف الأمامية للمعركة في لبنان. لهذا السبب، أصرّ على أن يكون في غرفة العمليات المركزية في مدينة بيروت ، الى جانب صديقه ورفيقه الدائم القائد الشهيد الحاج عماد مغني ، وكذلك إلى جانب السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان. طيلة حرب تموز كان الحاج قاسم دائمًا في ساحة المعركة ويتردد الى غرفة العمليات المركزية.
خلال هذه الفترة بذل قصارى جهده لتوفير كل ما يحتاجه رجال المقاومة في لبنان. أذكر أنه قبل استشهاد القائد عماد مغنية بعدة شهور، أتيحت لي الفرصة للقائه. وتحدث خلال اللقاء عن حجم دعم الحاج قاسم سليماني لرجال المقاومة في لبنان.
كما تحدث الشهيد مغنية عن حجم المساعدات التي وصلت إلى رجال المقاومة في لبنان بفضل الحاج قاسم سليماني وتوجيهات الإمام السيد علي الخامنئي. كان هذا الدعم والامداد هو الذي أعطى المقاومة اللبنانية بعد الحرب قوة أكبر بكثير مما كانت عليه قبل الحرب.
– في ديسمبر 2017 أعلن الجنرال سليماني رسميًا الهزيمة النهائية لإرهابيي داعش التكفيريين. ما هو تقييمك لدوره في هزيمة داعش، وكذلك الإجراءات التي اتخذها لحماية وحدة أراضي العراق؟
عندما نتحدث عن الدور المهم والاستراتيجي والفعال للشهيد الحاج قاسم سليماني في لبنان وسوريا وفلسطين ، وعندما نتحدث عن دوره في دعم المقاومة في حروب الكيان الصهيوني المتتالية على قطاع غزة والحرب ضد المقاومة في لبنان، ونلقي نظرة سريعة، نصل إلى نتيجة واحدة فقط ، وهي أن الحاج قاسم سليماني يعتبر “بطل النصر على داعش”.
يعلم الجميع أن تنظيم داعش التكفيري الإرهابي ظهر بهدف تأمين مصالح الكيان الصهيوني ، وتوسيع هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية في أجزاء مختلفة من المنطقة ، فضلاً عن خلق جو من الفوضى في مناطق مختلفة من المنطقة. لا شك في أنه لولا الحاج قاسم سليماني ودوره الاستراتيجي في ساحة المعركة ، لما كان ممكنا تحقيق النصر النهائي على الإرهاب التكفيري لداعش في سوريا والعراق والمنطقة.
لولا الحاج قاسم سليماني لما كان ممكنا حماية السيادة الوطنية ووحدة أراضي سوريا والعراق. لا ينبغي ببساطة تجاهل الدور الذي لعبه الحاج قاسم سليماني في العراق. بالضبط عندما انهارت جميع خطوط الدفاع العسكري في العراق كان الحاج قاسم سليماني مع الشهيد أبو مهدي المهندس في الخط الأمامي في ساحة المعركة. الشهيدان سليماني وأبو مهدي المهندس هما من قام بحماية بغداد عندما وصل داعش إلى خلف ابواب هذه المدينة.
– حصل الجنرال سليماني على مكانة خاصة بين شعوب المنطقة بسبب أنشطته في المنطقة لعدة سنوات. المكانة التي لم يفقدها اليوم حتى بعد عام على استشهاده. ما هي الأسباب والعوامل التي جعلت الشهيد سليماني يحظى بشعبية كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي؟
كل من يعرف بطريقة ما الشهيد الحاج قاسم سليماني، كل واحد يذكر له خصائص يمكن رؤيتها على النادر في الآخرين. الآن وقد استشهد الحاج قاسم سليماني فإننا لن نكرر هذا الموضوع. بل إن الحديث عن شخصيته الأخلاقية يعود إلى ما قبل استشهاده.
– في تلك الفترة التي كنا نتحدث فيها مع أصدقائنا عن شخصية الحاج قاسم سليماني ، كنا أحيانًا نتفاجأ بعض الشيء ببعض أخلاقه التي تحدثنا عنها سوية ، هل يمكن لأي شخص أن يتمتع بهذه الشخصية الجيدة؟
من السمات البارزة للشهيد سليماني أنه كان يتمتع برحابة الصدر. كان متواضعا جدا وكان لديه الكثير من الصبر لتحمل الصعاب والمشقات. كل من كان يعرف الحاج قاسم سليماني يعترف بصفاته.
– كما قلتم، إن الحاج قاسم سليماني على الرغم من كونه قائدا عسكريا، يتمتع أيضًا بصفات أخلاقية بارزة. هل لديك أي ذكريات عن الجنرال سليماني؟
لقد سمعت روايات كثيرة ممن رافقوا الحاج قاسم في ساحات القتال في سوريا عن أخلاقه وخصائصه المتميزة. وهنا سأقص بشكل مختصر إحدى الروايات التي سمعتها.
في جبهة سوريا، بعد معركة شاقة واستراتيجية ، تمكنت قوات المقاومة من السيطرة على عدد من المناطق الاستراتيجية الرئيسية في جنوب غرب حلب. بعد يوم شاق ومرهق، وصل الطعام لرجال المقاومة. عندها، اقترح البعض على أي شخص يرغب بأن يتبرع بجزء من طعامه للأسر السورية المحاصرة. كان هناك حوالي 1000 مقاتل وضابط.
بعد أن وافق المقاتلون على تقديم مساعدات غذائية للأسر المحاصرة ، فوجئوا بصعود الحاج قاسم سليماني على شاحنة ليوصل بيديه الطعام للعائلات المحاصرة. كان الحاج قاسم سليماني هكذا شخص. كيف يمكن للإنسان ألا يكون محبوبًا جدًا بهذا الشكل ولا يحبه الناس؟ بعد استشهاد الحاج قاسم ، وعندما رأى السوريون صورته وفهموا أنه نفس القائد الذي كان يسلمهم الطعام بيديه، بكوا عليه وكأنهم فقدوا أحد أفراد أسرتهم.