” محنة الفوز في خطاب السيد الصدر “
مجلة تحليلات العصر الدولية - ماجد الشويلي
إن النظام السياسي الحالي القائم على أساس المحاصصة المغطاة بعرف دستوري أكثر صرامة من التدوين ؛ منع تفرد أي مكون مجتمعي أوفصيل سياسي من تشكيل الحكومة . بل إنه جعل المكون الذي عصبت برأسه السلطة(الشيعة) أكثر حاجة للمكونات الأخرى منها إليه .
لا لاستحالة تمكن الشيعة من تشكيل الحكومة بمفردهم فحسب ، بل لمنع تفردهم بالسلطة .بمعنى أن الشيعة حتى لو افترضنا جدلاً أنهم تمكنوا من تشكيل الحكومة لوحدهم ، إلا أنهم ممنوعون من إدارة السلطة بمفردهم.
هذا هو العرف الراسخ في تخوم التوافقات التي سبقت سقوط النظام البائد وبني عليها النظام السياسي برمته .
وكأنهم قد قبلوا بشرط عبد الرحمن ابن عوف في الشورى التي أسسها الخليفة عمر ابن الخطاب حينما قال للإمام علي ع هل ابايعك على أن تسير بسيرة الشيخين ؟ .
لكن الامام علي ع رفض أما شيعته فقبلوا شرط الولايات المتحدة لحكم العراق على أن يسيروا بشروط المكونين (الكوردي والسني) .
إن هذا الإلزام انسحب على الشيعة أنفسهم فبات من المستحيل عليهم أن يتفرد فصيل منهم بقيادة الشيعة دون بقية القوى السياسية معه.
نفسهم الكورد والسنة يرفضون هذا الأمر وقد بدا ذلك جلياً في محاولات السيد مقتدى الصدر تشكيل الحكومة بالتحالف مع الكورد والسنة لكنهم رفضوا.
والسبب يعود الى أن بقية المكونات تريد ضمانة موقف موحد من الشيعة لايخرج عن قيد الابتزاز الذي سيملونه عليهم.
ولسان حالهم هكذا يقول أيها الشيعة لايمكنكم الذهاب لتشكيل الحكمة الا وفقاً لشروطنا ، وليس بوسع فريق منكم ان يتخلف عنها .
وحتى لايأتينا أحد منكم بعد هذا إلا وهو شريك معنا بحصولنا على الامتيازات والمكاسب السياسية والإقتصادية على حساب أبناء جلدتكم.
هذا ماجرى مع السيد مقتدى الصدر، فقد تحول الفوز لديه الى (كورة النار ) وأصبح محنته الكبرى . فلا هو قادر على تشكيل الحكومة بمفرده، ولا هو قادر على التخلي عن استحقاق الفوز الإستثنائي الذي حققه.
وأي ائتلاف حكومي مع المكونات الإخرى دون الشيعة، يعني انتحارا سياسياً بامتياز .
إذ أن ضريبة الحكم تعني تنازلات أمنية واقتصادية وسياسية كبرى ، لايقوى على حملها إلا الشيعة بأجمعهم كمكون وليس فصيل سياسي مهما بلغ حجمه.