ما تم تأويله عن لسان رئيس فرنسا وتم التلاعب به واستغلاله لتصعيد الموقف لم يكن كما تم تداوله ونشره كالنار في الهشيم.
فما قاله ماكرون هو: “هذه القوى التى نحاربها هى الإخوان المسلمين والسلفية والوهابية، ولم يقل “المسلمين”.
وقال: ملايين من مواطنينا يدينون بالإسلام لكن حربنا على الانعزاليين والانفصاليين الإسلاميين الذين يدمرون قيم الجمهورية.
فما هي إلا حرب شخصية يشنها الخليفة المزعوم وجماعته و لجانهم الإلكترونية و قنواتهم المشبوهة وتزييفهم المعتاد وبراعتهم بتحريف الكلام عن مواضعه لخدمة مصالحهم وتحقيق أهدافهم، واستغلال المشاعر الدينية القوية لدى عامة الناس والتلاعب بعواطفهم وتحريكهم من خلال أقوى وأكبر محرك ألا وهو الدين.
تبدو فرنسا على موعد مع معركة جديدة، ضد الجماعات المتطرفة، التي باتت تمثل تهديداً صريحا للأمن في العديد من الدول الأوروبية، والتي تقاعست معظمها عن اتخاذ إجراء حاسم، رغم تزايد العمليات الإرهابية، التي ضربت العديد من المدن والعواصم الأوروبية، من بينها باريس وستراسبورج، مروراً بالعاصمة البريطانية لندن، وحتى العاصمة برلين، بينما تنوعت الأساليب بين التفجيرات وإطلاق النار على الأبرياء، والطعن، وانتهاءً بالذبح على غرار ما حدث مع معلم التاريخ الفرنسي، والذى كان بمثابة القشة التي ربما تنهى الدور المشبوه الذى تلعبه تلك التنظيمات في أوروبا تحت غطاء الدين، عبر خطاباتها المتطرفة.
كان الرئيس الفرنسي أكثر دقة في تحديد “العدو” الحقيقي، للمجتمع الفرنسي بأسره، وفى القلب منه المسلمين أنفسهم، وهو ما يتجلى بوضوح في حديثه الصريح، والذى لا يقبل التأويل، حول أهمية حماية “مواطنينا” المسلمين من المتطرفين، وهو التصريح الذي ربما أخرس هواة الصيد في الماء العكر، لإجهاض حرباً تبدو ضرورية لحماية فرنسا، ربما يتسع نطاقها، قريباً في ظل تهديدات أكثر شموليةً تستهدف القارة العجوز بأكملها.
وبدلاً من توحيد الصفوف والاجتهاد في معارك البناء، اقتحم حياتنا الخطاب الخبيث الداعي إلى تفرقتنا، بين شيعي وسني وبين مسلم ومسيحي، وبين رجل وامرأة، إلى حد تدخل هؤلاء في الأزياء، كما لم يحدث في أي عصر، لدرجة أن أحدهم أفتى مؤخراً بأن وضع قميص المرأة في بنطالها، حرام! وبالتالي على الشباب تكريس جهودهم في البحث عن «المخالفات» بدلاً من العمل والبناء. على الاعلام أن يكشف زيف ادعاءات هؤلاء وفضح نواياهم التخريبية بتسليط الضوء على الواقع الذي يكذبهم.