أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

معالم تقصير الأونروا في مواجهة تداعيات جائحة كورونا

مجلة تحليلات العصر - عماد عفانة

في الأسبوع الأخير من آب/ أغسطس الماضي 2020، كان قطاع غزة المحاصر على موعد مع اعلان السلطات الصحية فيه عن تفشي غير معروف المصدر لإصابات بكوفيد19.
هذا الانتشار المفاجئ للعدوى التي تجنبها قطاع غزة طيلة أشهر من انتشارها عالميا، دفع لاتخاذ إجراءات متسارعة من قبل الحكومة في القطاع.
وقد مثلت الإجراءات الحكومية المتخذة إغلاقا –للقطاع المحاصر- ومنعا
للتجول على فترات، وفصل المناطق عن بعضها البعض، بجانب الإجراءات التقليدية في تتبع الحالات المرضية وحجرها و محاولة الوصول لمصادر العدوى.
وإذا كانت هذه الإجراءات قد أسعفت القطاع في بداية انتشار الوباء خلال الربيع المنصرم، فإنها لم تحظى بالكثير من النجاح في ظل تعدد بؤر التفشي داخل قطاع غزة، وهو ما قاد تدريجيا لتوجهها نحو سياسات لتخفيف القيود والتعايش مع المرض، تحت ضغط الظروف الاقتصادية والاحتياجات المعيشية للسكان الذين يقبع نحو 60% منهم تحت خط الفقر.
اونروا تطلق نداء استغاثة
في تلك الأثناء اطلقت “أونروا” نداء عاجلً بتاريخ 4 أيلول / سبتمبر 2020 تناشد فيه الدول المانحة والمجتمع الدولي، من أجل تقديم تبرعات بقيمة 94.6 مليون دولار، لزوم تلبية احتياجاتها الطارئة لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد 19على اللاجئين الفلسطينيين.
لازاريني يعد باتخاذ الإجراءات
وبهذا الخصوص قال فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا: إن “الوكالة ستواصل اتخاذ التدابير الصارمة نتيجة جائحة كوفيد-19 حتى نهاية كانون أول على أقل تقدير، إن هذه المناشدة العاجلة الجديدة ستعمل على استدامة خدماتنا الصحية والتربوية الطارئة، وبموازاة ذلك، فإننا سنعمل على رفع سوية تداخلاتنا الغذائية من أجل الاستجابة للفقر واليأس المتزايدين في أوساط لاجئي فلسطين”
وقائع مخالفة للوعود
لكن الوقائع على الأرض كانت على النقيض، وتعرض أداء إدارة عمليات “أونروا” في قطاع غزة للكثير من الانتقادات والاحتجاجات الواسعة من قبل اللاجئين والقوى الفلسطينية، حيث دعت اللجنة المشتركة للاجئين في قطاع غزة – وهي لجنة تمثل مختلف القوى والفصائل- المفوض العام لـ“أونروا“ فيليب لازاريني لزيارة القطاع من أجل الاطلاع عن كثب على أداء إدارة منظمته وحالة التردد والارتباك التي تعيشها الادارة التي يقود عملياتها ماتياس شمالي، صاحب التوجه المكشوف في تقليص الخدمات التي تقدمها أونروا للاجئين.
اللجنة المشتركة تصعد
وتوعدت اللجنة المشتركة بتصعيد احتجاجاتها ضد ”الاونروا“ ودعت لازاريني الى متابعة ما يجري في قطا ع غزة من إهمال ولا مبالاة، متسائلة عن عدم توزيع السلة الغذائية لمستحقيها بعد 17 يوما من دخول جائحة كورونا، كما حذرت من استغلال ظرف الجائحة لتقليص عدد الموظفين واستمرار المساس بذوي العقود المؤقتة، كما طالبت اللجنة بسرعة تغيير آلية توزيع الحصص الغذائية نظر لبطؤ آلية المتابعة وعدم مراعاتها لمتطلبات الوقاية الصحية للمستفيدين.
شمالي عذر اقبح من ذنب
مدير عمليات وكالة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين “ الاونروا“ بقطاع غزة ماتياس شمالي، أقر من جانبه بوجود تراجع في تقديم الخدمات من قبل وكالة الغوث بعد انتشار العدوى في قطاع غزة، حيث أشار في أيلول / سبتمبر 2020 الى أن استأنفت “أونروا” خدماتها في قطاع غزة ، لكن ليس بنفس وتيرة ما قبل تفشي الوباء حتى الان.
وتعلل شمالي بأن 29 من موظفي الاونروا اصيبوا بكورونا، منهم اثنان توفوا للأسف، لذا لم تقم أونروا بافتتاح مقرات توزيع المساعدات لأنها لا تريد انتشار المرض بين الموظفين والمستفيدين، وهذا هو سبب بطؤ خدمتنا”.
كلام شمالي يدل على عجز إداري وليس على حرص على صحة الموظفين وأو اللاجئين، نظرا لوجود بدائل كثيرة لإيصال المساعدات الى مستحقيها، مع اتخاذ التدابير الصحية اللازمة لحماية العاملين واللاجئين على حد سواء.
شمالي اعرب أيضا عن إمكانية عودة موظفي العقود المؤقتة – يلعب هؤلاء دور حيوي في منظومة توزيع المساعدات- منوطة بتوفير الحماية والدعم لهم، وهو عذر اقبح من ذنب، حيث استبدل شمالي موظفي العقود المؤقتة، بفرق من المدرسين المتطوعين لتوزيع المساعدات على مستحقيها، مع أن الخطر الذي يتعرضون له من انتشار الوباء، هو ذات الخطر الذي يمتنع شمالي لأجله من اعادة موظفي العقود المؤقتة.
وأكد شمالي أن منظمته تتعرض لازمة مالية كبرى، وأوضح انها ستكون قادرة على دفع رواتب شهر أيلول/ سبتمبر بعد استلامها لـ10 ملايين دولار أمريكي من الأمم المتحدة في نيويورك، وقال: ”بخصوص الاشهر المقبلة أكتوبر، ونوفمبر، لا تتوافر الأموال اللازمة لدفع الرواتب”
شمالي يضع أونروا كجزء من الحصار
وقال شمالي: ”أسوأ سيناريو بالنسبة لنا هو أننا لن نحصل على أية أموال، وبالتالي فإننا لن نستطيع دفع أي رواتب في مختلف مناطق العمليات لـ30 ألف موظف“.
وأضاف: ”السيناريو الاخر هو إمكانية تأمين القليل من الأموال ووقتها علينا التفكير في إمكانية دفع نصف الراتب بما هو متوفر وتأجيل دفع النصف الأخر الى حين تأمين الاموال اللازمة، ونحن بانتظار نهاية تشرين الاول / أكتوبر لاتخاذ القرار المناسب. “
وهي ذات الآلية التي تتبعها حكومتي غزة ورام الله مع موظفيها، وتدل بما لا يدع للشك على أن شمالي بات يضع أونروا كأحد أدوات اطباق الحصار على أكثر من مليون و600 الف لاجئ في القطاع، علما ان شمالي ينفرد بهذا الخيار عن بقية أقاليم الأونروا الأخرى، والتي لم نسمع من مدراء عملياتها مثل هذه المزاعم.
أونروا تستعد لحرمان 300 الف من الكابونة
ومن أكثر القرارات التي تنوي “أونروا” اتخاذها خلال أزمة انتشار الوباء اثارة للجدل هو قرار “توحيد الكوبونة الغذائية ” حيث أعلن المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عدنان أبو حسنة، صباح الأحد 11 أكتوبر/ تشرين أول أن لدى وكالة الغوث دراسة وتوجه من أجل توحيد الكابونة الغذائية لمراعاة الحالة المعيشية العامة في القطاع”
وأضاف أن هذا القرار لم يتم إقراره بعد، لكن لدينا دراسة شاملة سيتمخض عنھا قرار توحيد الكابونة ومن المتوقع تنفيذه مع بداية العام 2021، مؤكدا أن التوجه بتوحيد الكابونة هو شكل من اشكال التضامن الاجتماعي، لان معظم سكان غزة يتجھون إلى الفقر والجميع أصبح بحاجة لهذه المساعدات، ومن الصعب التمييز بين الفقير أو الأشد فقرا.”
طبعا هذه التصريحات تحاول تحميل عجز إدارة أونروا عن تحصيل مزيد من الأموال من المانحين، على ظهر اللاجئين الذي تنوء بحملهم الجبال.
كان على أونروا إعلان حالة من الاستنفار الاداري والقيادي لجهة تحميل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عواقب استمرار العجز المالي على احتمالات انفجار ملايين اللاجئين في وجه الجميع.
وكان لهذه التصريحات من الخطورة بمكان، بحيث دقت ناقوس الخطر في المخيمات التي ما زالت تنتفض في اعتصامات ووقفات احتجاجية لمنع إقرار هذا القرار في ظل الاحتياج المهول لكل ما في الكوبونة الغذائية، لا سيما مع تصريحات تقول أن هذه الكوبونة – وهي سلة مساعدات غذائية توزع على اللاجئين الفلسطينيين في القطاع – ستكون مقتصرة فقط على من ليس لديه أي مصدر دخل، بمعنى أن الموظفين –حتى وإن كانوا لا يتقاضون رواتبهم أو يتقاضون نصف راتب كل شهر- ويقار بعددهم نحو 300 ألف، سيحرمون منها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى