معركة الكرامة دايان لقيادته: الجيش الأردني وضع أنفه
مجلة تحليلات العصر الدولية - أسعد العزّوني
نعيش هذه الأيام ذكرى عزيزة وغالية على قلوبنا جميعا في الأردن وفلسطين،ومن قبل الوقوف معنا قناعة بصحة موقفنا ،هذه المعركة الخالدة التي وقعت فجر 21/3/ 1968 ،وتتطلب عاما كاملا من ورشات العمل لإعطائها بعض حقها في التحليل ،وهي معركة الكرامة ،التي رسخت أخوّة الدم الأردنية –الفلسطينية،في حين أن البعض يعايرنا بأنه يمنحنا بضعة ملايين من الدولارات ،مع أنه في صفقة واحدة يسفه لمن يحلبه بمئات المليارات من الدولارات،بحجة عقد صفقات أسلحة لحماية نفسه،رغم أن الجيش المصطفوي في الأردن ،هو الذي يتكفل بحماية مؤخراتهم وبقائهم في قصورهم إبان أزماتهم التي لا تنتهي.
هذه المعركة كانت ثلاثية الأهداف ،بمعنى أن الأعور موشيه دايان أراد من “غزوته” القضاء على القوة الفدائية الفلسطينية في طور التشكيل،وإحتلال جبال السلط إحتلالا أبديا تحميه من هجمات الشرق المتوقعة ،والوصول إلى العاصمة عمّان لتغيير نظام الحكم في الأردن،ولذلك دعا قبل الغزو بيوم واحد وسائل الإعلام إلى فندق الملك داوود في القدس المحتلة،ووجه لهم الدعوة لمرافقته “غدا”لتناول كوب من الشاي في عمّان،وعندما سأله أحد الصحفيين عن كيفية وصوله إلى عمّان بوجود المقاومة المسلحة الفلسطينية في الأغوار،أجابه بصلف عزّ نظيره :”إن المقاومة في يدي كالبيضة أكسرها متى أشاء؟؟؟!
لم يكن الغازي دايان وشركاؤه على علم بالتنسيق الأردني الفلسطيني قبل معركة الكرامة،وكيف نمت تلك الشراكة إلى موقف واحد موحد،طبّق الوحدة العربية على أرض الواقع،إذ شارك الجيش الأردني بقيادة المرحوم مشهور حديثة الجازي ،الذي قلب العادة العربية عند المواجهة مع إسرائيل،والتي ترتكز على الإنسحاب بدون اطلاق النار وتمكين إسرائيل من احتلال ما تريد،بل توحد الأردني والفلسطيني بندقية واحدة في مواجهة الغزاة ،زد على ذلك مشاركة الراحل الحسين في المعركة وقوله على ظهر إحدى الدبابات “:كلنا فدائيون وأنا الفدائي الأول”.؟!!!
وجد الأعور دايان وشركاؤه أنفسهم في “حيص بيص”،ولذلك طلب دعما عسكريا من قيادته عبر برقية قال فيها”:لقد وضع الجيش الأردني”أنفه”؟؟!!أي أنه تدخل في المعركة إلى جانب الفلسطينيين وهذا ما لم يكن في الحسبان،والذي لا يحب الغزاة سماعه أو قراءته أن غالبية سائقي قوات الدعم الإسرائيلية ،كانوا يهربون بدباباتهم وآلياتهم إلى الأودية قبل دخول الأردن ،كي لا يموتوا في المعركة ،لكنهم كانوا يموتون حرقا في آلياتهم ،والحقيقة المرة بالنسبة لهم هي أننا كنا نكتشف أنهم مقيدون بأيديهم وأرجلهم في آلياتهم كي لا يهربوا منها؟؟؟؟؟؟!!!
لا أزال أذكر كيف أن الشهيد ربحي المسكاوي العزوني وحسب ما قرأت وسمعت،فجّر نفسه بحزام ناسف هو الوحيد الذي كانت تمتلكه حركة فتح آنذاك،في دبابة إسرائيلية تشكل نقطة المنتصف لذلك الرتل الذي دخل في الطريق الضسق،وبحسب الخطة المرسومة فقد تمت مهاجمة المقدمة والمؤخرة ،وتم إيقاع الخسائر الكبيرة في صفوف الغزاة،وجرى نقل آلياتهم المعطوبة والتي تركوها على أرض المعركة عجزا منهم عن اخلائها مع قتلاهم ، وعرضها في شوارع جبال عمّان ،لإشاعة الفرحة والسرور مع الحبور بأن الملك ميشع ما يزال بيننا،وما تزال بعض آلياتهم المعطوبة شاهدة في موقع المعركة بالأغوار.
بعد نجاته ومن تبقى من جيشه الغازي،عقد الأعور دايان مؤتمرا صحفيا في فندق الملك داوود بالقدس المحتلة، لإعطاء الصفيين ووسائل الإعلام إيجازا لما جرى في معركة الكرامة،وعندما سأله ذات الصحفي عن عدم قدرته على إلحاق الهزيمة بالمقاومة الفلسطينية كما وعد ،لأنها في يده كالبيضة يكسرها متى شاء ،حسب تصريحه لهم قبيل العملية،أجابه دايان منكسرا:”حمار من لا يغيّر رأيه وأنا غيّرت رأيي”.
بقي القول أن الوحدة الأردنية –الفلسطينية هي الضامن والكفيل للحفاظ على الأردن وفلسطين،وأن الجيش الأردني مثار فخر يستحق التكريم بتزويده بالقرار السياسي ،وتذكرني نهاية معركة الكرامة بإجابة السفاح شارون على سؤال لأحد الصحفيين إبان حصاره لبيروت خريف العام 1982،عندما أجابه :”لا أدري من يحاصر من ..هل شارون هو الذي يحاصر عرفات ،أم أن عرفات هو الذي يحاصر شارون”.
وأختم أن الله تعهد بحماية الأردن من العبرانيين ،وتبينت صحة ذلك عندما حقق الملك ميشع نصرا مؤزرا عليهم ،والثانية عندما تحالف الأردن والمقاومة لصد غزوة دايان ،ذلك أن القضية الفلسطينية لا تهم الفلسطيني وحده ،بل هي قضية ربانية ،وقد قرر الله عند بدء التكوين أن تكون الأرض الأردنية هي أرض الحشد لنصرة فلسطين أرض الرباط……..؟؟؟!!وهذه رسالة لمن يحاول العبث في العلاقة الأردنية –الفلسطينية ،وأجبر الراحل الحسين على خوض أحداث أيلول 1970،وتهديده في رسالة رسمية موثقة عام 1969أنه في حال عدم قيامه بذلك، فإنهم سيشعلون ثورة في الأردن ينهون النظام والمقاومة معا،لأنهم لن يصمدوا أمام ثورتين ضدهم في الشمال والجنوب”اليمن والأردن”.