أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

مـقـتـدى الـصــدر وطـالـبــان الـعــراق … عـلـى ضــوء بـيــانـي الـمـرجـعـيـن السـيـديـن السـيـسـتـانـي … والـحـائــري

مجلة تحليلات العصر الدولية - صالح الصيرفي

سؤال حيّر الكثير من المراقبين حول الاسباب الحقيقية التي دعت حليف ورجل امريكا الاول في افغانستان الرئيس أشرف عبدالغني التخلي عن مواجهة طالبان وتسليم السلطة لهم على طبق من ذهب ؟ على الرغم من امتلاك عبد الغني لكافة وسائل الدفاع من جيش وقوات امنية وحلفاء مسلحين وترسانة من الاسلحة الثقيلة والمتوسطة وسرب من طائرات الهوليكوبتر الحربية فضلا عن عدد قليل من المقاتلة التي خلفتها القوات الامريكية وقوات الناتو !
وقد حاولت الادارة الامريكية عبثاً تضليل الرأي العام في الداخل الامريكي والخارج الدولي بترديدها نفس السؤال !؟ ، واستنكارها في الوقت ذاته موقف عبد الغني وشجبها لسلوكه ” الاستسلامي ” ، ثم كررت الادارة الامريكية توسيع دائرة التضليل من خلال عقدها جلسات المسائلة تحت قبة الكابيتول للاستماع الى شهادات القادة العسكرين والامنيين حول تداعيات الانسحاب السريع من افغانستان ، وكانت محاولة مفضوحة بكل المقاييس ، فالجمهوريون اصحاب اتفاق “الدوحة الطالباني” يحاولون عبثا تحميل الرئيس بايدن والادارة الديمقراطية وزر تداعيات الانسحاب والديمقراطيون والعسكريون يتقاذفون الاتهامات ويتبادلون الادوار !؟
ومازال السؤال مطروحا ؟ والاجابة مبهمة ! .
ولا اريد ان اكرر ماكتبته عن خفايا واهداف الانسحاب الامريكي من افغانستان ( طــالـبــان والامـريــكان التـدويــر واعــادة الانـتــاج ) … 18Aug2021 .. ( الذي نشر على موقع مجلة تحليلات العصر الدولية وباقي المواقع والصحف التي اعادت نشره ) ، ولكن ما اريد قوله الان ، ان هذا السيناريو الافغاني في كامل أو بعض تفاصيله مع إضافة بعض ( الرتوش الديمقراطية والقانونية التي تناسب طبيعة الزمكان ومراعاة المصالح والاهداف ) ، تحاول الادارة الامريكية إعادة ” تمثيله ” أو ” تصديره ” الى كافة مناطق النفوذ الامريكي “الملتهبة” ، ( اليمن وسوريا وغزة ) ، أو المناطق “الرخوة” ( العراق ولبنان ) ، التي تنوي الانسحاب منها ومن الشرق الاوسط كاملة .
ففي اليمن مازالت الادارة الامريكية وحلفائها بريطانيا والناتو واسرائيل والسعودية والامارات وتركيا يماطلون بايقاف الحرب والانسحاب من اليمن أملاً في إيجاد خرق هنا أو إختراق هناك في جدار حركة انصار الله للحصول على ضمانات أو تفاهمات في حفظ المصالح الامريكية وحلفائها ، وعلى الرغم من قناعة الامريكيين وحلفائهم إستحالة تحقيق هذا الاختراق في ظل قيادة السيد عبدالملك الحوثي إلا انهم يراهنون على الخط الثاني في حركة انصار الله ، وهذا ايضا لايخلو من الصعوبة حاليا ولكنه ليس مستحيل في الزمن المنظور ، في ظل الخلافات الشخصية الحادة الخفية ببن بعض أقطاب قيادات انصار الله ، وبالتالي قرائتنا تقول ان لم تحصن قيادة انصار الله صفوفها الأولى وتعالج التورمات “الرغبوية” ، والنزعات النفسانية ، فإن الزعيم السيد عبدالملك الحوثي سيكون مشروع اغتيال واستشهاد كضرورة لترتيب أوراق اليمن وتصفية حركة انصار الله فيما بعد ، مثلما حدث في العراق عندما تم اغتيال واستشهاد قادة النصر ( الشهيدين قاسم سليماني و ابو مهدي المهندس) كـ ضرورة لتهيئة الاجواء الى وصول الصف القيادي الثاني الأكثر تفهماً (للمصالح الامريكية) الى مركز القيادة والقرار ، لترتيب اوراق العراق وتصفية الحشد الشعبي فيما بعد .
العراق محل البحث هو البلد الثاني بعد افغانستان الذي سوف ينسحب منه “اليانكي الامريكي” وفقاً لما أعلن عن مخرجات التفاهمات العراقية الامريكية الاخيرة ، وما يمايز الانسحاب الامريكي من العراق عن افغانستان من حيث الاهداف في البعد الاستراتيجي والعقل السياسي الامريكي ، أمرين أولهما ؛ ضمان أمن اسرائيل ، وثانيهما ؛ تفكيك الحشد الشعبي وإسقاط مرجعية النجف ، بمعنى إن هناك علاقة جدلية بين ضمان أمن اسرائيل ، وإسقاط “ثنائية قوة الشيعة” في العراق !! .
اما من حيث الغايات الكبرى في البعد الاستراتيجي والعقل الصهيوني اليهودي المسيحي العالمي ؛ هو نشر الفوضى الخلاقة التي تجلت بصور متعددة ، ( بدءاً بثورات الربيع العربي ، وإسقاط الانظمة ، وافشال الدول العربية والاسلامية ، وتفكيك عناصر القوة لدى الامة الاسلامية ، ” المعرفية ، والعسكرية ، الاقتصادية ، والاجتماعية ” ، فضلا عن تقديم الاسلام المشوه والمنحرف ” اسلام الارهاب العالمي والقتل العشوائي والموت المجاني ” ، وانتهاءاً بتمكين قوى الارهاب الاسلامي من تأسيس دول ، كما حصل مع داعش سابقا ، ومايحصل الان مع امارة طالبان الافغانية .
ولكن العقل الصهيوني العالمي لايقف عند حصر الارهاب والتطرف الفكري والعقدي والسلوكي في الجانب السنّي فقط ، بل عمل على تعميم التطرف الفكري والعقدي ووصل الى الجانب الشيعي من خلال مايسمى بــ( نظرية التقابل الإصولي الاسلامي ) كما يسمونه هم ، بمعنى ان كانت هناك وهابية سلفية متطرفة ، فيجب أن يقابلها وهابية شيعية سلفية متطرفة ، كـ ( أشخاص ومؤسسات ومدارس ووسائل اعلام وصحافة ومواقع تواصل اجتماعي ) ، وقد نجحوا في ذلك فصنعوا لنا التشيع اللندني والتشيع الامريكي والتشيع الاسرائيلي والتشيع السعودي. الاماراتي ، ونجحوا ايضا في صناعة داعش شيعي – شيعي محلي .
وعندما فشلوا في صناعة داعش شيعي عالمي ، هاهم اليوم يخططون الى محاولة تأسيس دولة طالبان وهابية سلفية شيعية عراقية متطرفة ، مقابل دولة طالبان الافغانية الوهابية السلفية السنّية المتطرفة .
ولعل الجديد والمثير في هذا الامر ان هناك قوى سياسية واطراف ديماغوجية شيعية عراقية مستعدة ومتطوعة للقيام بهذه المهمة تحت ستار الدين والتشيع !! ، وهذا ما تجلى وبأوضح الصور في (فوضى تشرين ) عام 2019 حتى مايو 2020 عندما توّج الصراع الشيعي – الشيعي باحراق المدن الشيعية وتعطيل الحياة فيها رسميا مدة ثمانية اشهر ، و إسقاط حكومة الاسلامي عادل عبد المهدي وإستبداله بالمرشح الامريكي الاسرائيلي العلماني مصطفى الكاظمي ، ولم يتوقف الصراع الشيعي – الشيعي عند هذا الحد ، بل واصلوا صراعهم وتنافسهم على السلطة الى الحد الأخطر وهو ، ان تسارع بعض هذه القوى الشيعية وتتنافس على تقديم أوراق اعتمادها لدى الادارة الامريكية وبريطانيا واسرائيل ، إما مباشرة أو عبر السعودية والامارات وتركيا واستعدادها في تنفيذ أجنداتهم التي هي ( ضمان أمن اسرائيل ، وتفكيك الحشد الشعبي ، وإسقاط المرجعية ) ، مقابل السماح لهم بالاستيلاء على السلطة بالاحتيال القانوني ومهزلة االديمقراطية المزيفة .
وهذا المعنى تلمسناه بشكل واضح وجلي لايقبل الشك او التأويل في بيان المرجعين السيد علي السيستاني والسيد كاظم الحائري ، اللذان أدركا معا خطورة الموقف ، ومايخطط للعراق عموما والتشيع خصوصا ، لذلك وجدنا حرصاً غير مسبوق عن أهمية المشاركة في هذه الانتخابات المصيرية ، فوضعا الأسس والضوابط التي تكاملت مع بعضها البعض وشكلت خارطة طريق ودليل انتخابي للناخب العراقي عموما والشيعي على وجه الخصوص وبالتالي تكون الحجة قد ألقيت على عاتق الناخبين الشيعة ، الملزمون شرعا في العودة الى بياني المرجعين السيد علي السيستاني و السيد كاظم الحائري .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى