مفهوم الدولة واللادولة في العرف السياسي الجديد
مجلة تحليلات العصر الدولية - قاسم سلمان العبودي
دأبت بعض الجهات السياسية العراقية لصناعة أصطلاحات سياسية جديدة تناغم الوضع العراقي المعقد والمتشابك في الساحة العراقية . فقد ذهب أكثر المغردين السياسيين بهذه الأصطلاحات ، لتمرير فكرة التخندق مع الحكومة الحالية ، وبأي طريقة كانت حتى أذا كانت على حساب الثوابت .
دعاة الدولة أنطلقو بهذا المفهوم لتبيان فكرة بناء الدولة وهيبتها ، من خلال حصر السلاح بيد الدولة وعدم أعطاء فرصة لما يطلقون عليه مجازاً (( السلاح المنفلت )) . ظناً من هؤلاء أنهم بهذه التركيبة اللفظية ، يكسبون ود السفارة وأدواتها ، وتبيان موقف هذه الشخصيات السياسية مما يجري في الساحة العراقية .
على الطرف الآخر هناك من يروج لمفهوم الدولة أصطلاحاً وتطبيقاً بأمتلاك السلاح الذي يمثل ما تعجز عنه الدولة بفرضه على الواقع الأمني والسياسي ، ويكون عوناً لهذه الدولة بتحقيق المنجز السيادي وعدم المساس بهيبة الدولة التي لعبت بها الأجندات الخارجية طولاً وعرضا . الكل له مفهومه الخاص بالتعبير عن الدولة التي ينبغي أن تكون على أكبر قدر ممكن من بسط نفوذها وتمرير هذا المفهوم المرتبط بأداء تلك الدولة على الساحة العراقية .
نحن نعتقد وبعيداً عن التجاذبات السياسية ، أن مفهوم الدولة بمعناه العميق والواضح يتمثل أولاً ، بالسيادة المطلقة للدولة على جميع أراضيها ، وبالتالي على جميع قراراتها السيادية والتي تمس شرائح المجمتع العراقي بأكمله .
الدولة ، أن تتكفل بأقتصادها الذي ينعكس أيجاباً على المواطن العراقي الذي أذاقته الحكومات المتعاقبة ذل العيش والهوان منذ قيام الدولة العراقية الى يومنا هذا . لذا من يحاول التفلسف بهذا المصطلح ، عليه أن ينظر الى الأشياء بعينين أثنتين لا بعين واحدة .
الدولة يجب أن تكون مستقلة على جميع الصعد العسكرية والأمنية والأقتصادية ، وأن لاتذهب الى صندوق ( النهب ) الدولي لتكبيل أجيالها بديون تطوق عنقه الى سنوات ضوئية قادمة .
الدولة ، يجب أن تخرج المحتل الذي أستباح الأرض والعرض من خلال شحن المجتمع العراقي ببغضاء الطائفية المقيتة التي عصفت بالمكونات الأجتماعية العراقية لسنوات طوال ، وأتمتها بداعش وأخواتها .
الدولة ، يجب تتعامل مع مكونات الشعب العراقي بمكيال واحد ، لأنه من المعيب جداً أن تسمح لحكومة الشمال بما تمنعه عن الوسط والجنوب تحت مسمى اللادولة .
الدولة ، يجب أن تحترم قرار شعبها من خلال تصويت برلمانها القاضي بأخراج المحتل الأمريكي ومحاولة بناء أقتصاد عراقي متين ، قاطعة بذلك التدخل الخارجي الأقليمي لدول الخليج التي ذبحت أبناء العراق بمفخخاتها وعلى مر السنوات المنصرمة .
الدولة ، يجب تحمي أبنائها الذين أنخرطوا في أكبر ملحمة شعبية لمواجهة المجاميع البربرية الداعشية ، ولا تسمح بأي حال أن يقتل أبناءها بسلاح المحتل الأمريكي ، والصهيوني على الشريط الحدودي ، وتسوى المسألة على أنها نيران صديقة .
الدولة يجب عليها حماية مقرات حشدها الذي قوم أركانها وسيادتها ، وأعاد هيبتها الى الوجود بعد أن أصبح وجودها في مهب الريح ، وأن تكاشف أبنائها بالصدق ، ولا تصرح بعد تحقيق أجوف ، أن تماساً كهربائيا قد حصل .
يبدوا أن الدولة وفق نظرية هؤلاء ، هو التسليم ( لقضاء الله وقدره ) ، والذهاب مع ما تقرره السفارة من تطبيع مذل مع الكيان الصهيوني الغاصب للمقدسات الأسلامية ، وألا سيكون في جانب اللادولة ، وعليه أن يسلم سلاحه الذي أذل الأرهاب الداعشي ، للدولة ، وأن يخرج من خندق اللادولة ! وبذلك ينضم لقافلة ( الوطنيين ) . وأما سيكون خارج أطار الدولة ، وبالتالي هو عدوها اللدود ، وعليه فأن لعنة اللادولة ستطارده مادام حياً !
أنا أعتقد أن من يتلاعب بهذه المصطلحات الغريبة على الجسد السياسي العراقي ، أنما يريد بالعراق أن يكون تابع بأي شكل من الأشكال للمنظومة الخليجية القذرة ، وحضنها التافه ، ومن ثم السير بأتجاه تل أبيب، وعدم الذهاب الى محور المقاومة مع الجمهورية الأسلامية ، التي تنادي نهاراً جهاراً بصناعة الأنسان المقاوم لكل أشكال الذل والخضوع .
يبدوا أن البحر أصبح أكثر أستعداداً من أي وقت مضى لأستقبال الصهاينة وجوقها المطبل معها . وما النجاح والتفوق العسكري بالوصول للعمق الصهيوني ألا مرحلة من مراحل الأقتدار التي أذهلت العدو ، فضلاً عن أدواته .
بالعودة لمفهوم الدولة واللادولة ، نقول لجميع السياسيين العراقيين المروجين لهذا المصطلح ، كونو مع الأحرار من هذا الشعب ، حتى تبنى سيادة الدولة بمفهومها العام ، وألا ستكونون مع اللادولة أنتم ، ومن معكم ، ولا تحاولو رمي الكرات المثقوبه في ساحة من أرخص دمه لبناء دولته التي تتفيئيون ظلالها بمكر شيطاني خبيث . مابين الدولة واللادولة خيط عمالة رفيع ، وحب دنيا زائلة .