أحدث الأخبارفلسطين

منظمة التحرير ومؤتمر فلسطينيي الخارج … فهم ملتبس وممكنات التوافق

كتب: عماد توفيق عفانة
مدير مركز دراسات اللاجئين

العصر-طبقا للقاعدة التي تقول ان الطبيعة تأبى الفراغ، وأن كل فراغ او فضاء او غياب لأي كائن أو كيان، سيملأه بالضرورة كيان أو كائن آخر.

وهذا ما ينطبق بالضرورة على منظمةُ التحرير الفلسطينية، التي غيبت نفسها كحقيقة، جامعة، متجدّدة، فتركت الباب واسعا أمام ملتقيات فلسطينية تملأ الفراغ بروح وطنية جامعة وغير ملونة، مثل ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني في بيروت، او المؤتمرات الشعبية للفلسطينيين في الخارج.

غياب منظمة التحرير يفرض على الكل الفلسطيني المتضرر من غياب المنظمة، والمتشبثين بأطروحة التمثيل والشرعية، لجهة إطلاق مزيداً من المبادرات للقاء والحوار والنقاش والاتفاق والاختلاف، على طريق التوصل الى قناعة بالشروع في إصلاحها وإعادة بنائها، لتضم وتحتوي وتمثل الكل الفلسطيني بشكل حقيقي.



أو ترك المجال عوضا عن ذلك لصناعة كيان فلسطيني وطني جامع غير مسيس، يفرض نفسه بشكل عملي، على طريق رعاية الشأن الفلسطيني افراداً وجماعات، على كافة المستويات، دون الدخول في معارك حول الشرعية مع محتكري المنظمة، وتركها تذوي وتذوب وتتلاشى مع الزمن.
إلا ان سوء النية يبدو أنه كان حاضراً لدى محتكري المنظمة في رام الله، فهم قاموا بشن حملات استباقية لمهاجمة المؤتمر.

ولو حسنت النوايا، لكان بإمكانهم المشاركة في المؤتمر، وأن يقولوا ما يشاءون، وأن يسمعوا المشاركين في المؤتمر رأيهم في وثيقة المؤتمر (الرؤية الاستراتيجية)، تماما كغيرهم من الذين أبدوا اجتهاداتٍ متباينة، بل وناقدة للوثيقة مثل الكاتب هاني المصري.

الطبيعة تأبى الفراغ، إلا أن محتكري المنظمة يمتنعون وبشكل عجيب عن مد جسور التواصلٍ مع العموم الفلسطيني، ولا يحترفون سوى تعطيل كل مبادرةٍ لجمع الشتات الفلسطيني.

بل ويضعون كل لقاء فلسطيني في خانة المنافسة على الشرعية، شرعيتهم التي انتهت تاريخيا وعمليا منذ زمن إلا أنهم يأبون الاعتراف.

ولا يترك جماعة رام الله مناسبة إلا ويتغنون فيها بالمشروع الوطني الفلسطيني، في وقت لم يعد أحد يعرف فيه ما هو حقيقة مشروعهم الوطني، وهل هناك اتفاق فلسطيني على هذا المشروع.

مؤتمر فلسطيني أوروبا عقد في ملبورن بالسويد قبل أيام، وقد ركزت مداولاته وكلماته -وخلافا لاعتقاد جماعة رام الله-على التمسّك بالمنظمة، وعلى سبل تفعيلها وإعادة بنائها على أسسٍ ديمقراطية، “كمرجعية وإطار وطني جامع للشعب الفلسطيني”، كما عرض المؤتمر “الرؤية الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على الثوابت الفلسطينية”.

وقد خيب المؤتمر آمال جماعة رام الله، فلم ينتقد المجتمعون طرفاً دون آخر بشأن الانقسام، كما لم ينقل أحد أن المؤتمر كان منبراً خطابياً للهجوم على سلطة رام الله أو رئيسها، وعوضا عن ذلك ركز المؤتمرون على مشتركاتٍ عامة، ولم يدعوا الاختلاف في وجهات النظر يفسد للود قضية.



وبما أن المؤتمر مؤتمر فلسطيني أوروبا أثبت أنه ليس في وارد الدخول في او فتح معركة حول شرعية المنظمة.

وبما انهم لم يطرحوا أنفسهم بديلا عن أحد، ولم تثبت كلمات او برامج المؤتمر أن همهم مزاحمة أرباب المنظمة على القيادة.

فانه يقع على عاتق جماعة المنظمة في رام الله التوقف للمراجعة، والتقدم خطوة إيجابية الى الامام، لجهة فتح حوار ونقاش مع الكل الفلسطيني، لناحية استعادة المنظمة لدورها كمظلة وطنية جامعة.

وان يأخذ المتحاورون في الاعتبار أنهم في هذا الحوار قد يتفقون أو يختلفون، لأن الاختلاف تنوع، لكن عليهم ان يبقوا كافة الجهود منصبة على تحقيق المصالح العليا للشعب الفلسطيني، في هذا المنعطف التاريخي الصعب، بعيدا عن المصالح الشخصية أو الفئوية الضيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى