من أجل عراق فيدرالي مقومات إقامة اقليم الوسط والجنوب في ظل فدرلة الاقتصاد العراقي الاقتصاد العراقي
مجلة تحليلات العصر الدولية
صالح الصريفي
إستكمالا لما بيناه في الدراسة السابقة حول المبررات السياسية والاجتماعية والنفسية والدستورية والقانونية لإقامة أقليم الوسط والجنوب ، لابد من التذكير مجددا بالأسباب الرئيسية لقيام الإقليم ألا وهي ؛
•إنسداد أفاق نجاح العملية السياسية في العراق
•والانقسام المجتمعي
•والاحتقان القومي
•والصراع الطائفي
وبالتالي فشل المكونات العراقية في ارساء وتثبيت اسس التعايش السلمي والسير باتجاه تقاسم السلطة والعيش المشترك في الوطن الواحد ، فكان ولابد من الرجوع الى الدستور وتطبيق قانون إقامة الاقاليم في ظل عراق فيدرالي ٠
وقد بينا اهم المقترحات لتعديل الدستور لإقامة حكم نموذجي لامركزي ، وتقاسم السلطة والثروات بين الاقاليم وكذلك فصّلنا بايجاز الهيكل التنظيمي السياسي والاداري لأقليم الوسط والجنوب ، واليوم ايضا نبين بايجاز اهم مقومات إقامة أقليم الوسط والجنوب في ظل (فيدرالية إقتصادية) ٠
الــمــقــومــات
التاريخ والجغرافيا
تأسست الدولة العراقية من ثلاثة ولايات هي ( البصرة – بغداد – الموصل ) ، وفقا للتقسيم الاداري العثماني ، وبعد تأسيس الدولة العراقية 1921 حددت الدولة الجديدة التقسيم الاداري للدولة العراقي و الذي يتكون من ( 14 ) لواء ، فكان ( إقليم الوسط والجنوب ) يتكون من ( 9 ) ألوية وهي بالتوالي ؛ بغداد ، ديالى ، الحلة ، الكوت ، كربلاء ، الديوانية ، العمارة د المنتفگ ، البصرة ، وتحديدا هذه المنطقة تشمل في وقتنا الحالي من تكريت الى صفوان و عرعر ، بمعنى المنطقة الممتدة من تكريت -الفلوجة شمال وشمال غربي الى صفوان جنوب شرق ، وعرعر جنوب غرب – و الشلامچة جنوبا ومن المنذرية – مندلي شرقا ، الى H3 الاردن – والنخيب – سوريا غربا ، ويسكن هذه المنطقة الجغرافية غالبية عربية شيعية وأقليات عربية سنية ومسيحية وصابئة واكراد ، والتي ضمت (9) تسعة الوية في ذلك الوقت ، و (11) أحد عشر محافظة في وقتنا الحالي ٠
مــوارد الأقــلـيــم
يحظى أقليم الوسط والجنوب بموقع جيوسياسي و جيواقتصادي وجيواستراتيجي مهم جدا على مستوى المنطقة والعالم فهو يعتبر ثاني اغنى نقطة في العالم من حيث وجود النفط ، وهو رئة العراق ومتنفسه الوحيد نحو العالم من خلال اطلالته على الخليج الفارسي ، وملتقى نهري دجلة والفرات ، وأرض طاهرة مطهرة بوجود أضرحة ستة أئمة ، من أئمةاهل البيت ابناء رسول الله محمد( ص) من ولدي علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد( ص ) ٠
1- النفط والغاز
وفقا لمركز البيان والتخطيط رقم (16) مستقبل النفط العراقي – روبن ميلز )
تبلغ احتياطيات النفط الرسمية للعراق حالياً 153 مليار برميل66، أي ما يعادل 94 عاماً من الإنتاج بالمعدلات الحالية، ويعد هذا الاحتياطي العراقي ثالث أكبر احتياطي تقليدي في العالم، وهو متأخر قليلاً عن إيران (158.4 مليار برميل). وبما أن احتياطيات إيران ربما تكون مبالغ فيها إلى حد ما، فإن العراق على الأرجح يحتل المركز الثاني خلف السعودية التي يبلغ احتياطيها 266.5 مليار برميل.
وتبلغ احتياطيات الغاز 130.5 تريليون قدم مكعب (حوالي 22.5 مليار برميل من النفط
المكافئ)، أي أكثر من 300 سنة عند مستويات الإنتاج الحالية68. ومن شأن ذلك أن يضع العراق في المرتبة الثانية عشرة في العالم .
وتبلغ قدرة المصافي (مليون برميل يومياً) ويبلغ هدر حرق الغاز (مليار قدم مكعب يومياً)
ويبلغ الغاز المسوق محلياً (مليار قدم مكعب يومياً)
وتبلغ قدرة الطاقة (27جيجا واط)
ويبلغ إنتاج الإسمنت (مليون طن سنويا)
وتبلغ قدرة اليوريا (مليون طن سنوياً)
2- الزراعة والموارد المائية
المياه الجوفية
يعاني العراق اليوم من نقص في الموارد المائية حيث تقل حصة المياه المتجددة (السطحية والجوفية) لتغطية احتياجات الري والصناعة والاستخدام الشخصي عن (1700 م3/ سنة)
وان زياد الفجوة بين الاحتياجات المائية والموارد المائية المتاحة يحتم على حكومة الأقليم وضع استراتيجيات وسياسات مائية بهدف الوصول الى الاستخدام الامثل للمياه وتوفير احتياجات الانشطة الاقتصادية والسكان ومحاولة التغلب على احتمالات العجز المائي مستقبلاً .
وتعد المياه الجوفية مصدرا استراتيجيا هاما حيث بينت الدراسات الجيولوجية انتشار الطبقات الحاملة للمياه الجوفية في صخور رملية وكلسية ضمن خزانات مائية عديدة، خصوصاً في منطقة السهل الرسوبي الجنوبي حيث قامت اقدم المستوطنات الزراعية منذ اقدم العصور، وان العديد من هذه الخزانات مشتركة بين الاقليم وبين دول الجوار الجغرافي، ايران والكويت والسعودية ، وتقدر المياه الجوفية المتاحة للاستعمال في العراق بنحو (2 مليار م3) في السنة وتشكل (2,7%) من حجم الموارد المائية العراقية، وان ما يستهلك اليوم من المياه الجوفية سنوياً يقدر بـ (1%) ذلك للاعتماد على الموارد المائية السطحية بشكل اساس، اي نهري دجلة والفرات .
وبالعودة الى استغلال المياه الجوفية في الزراعة يملك الأقليم تجربتين رائدتين وهما مزارع صحراء قضاء الزبير ، ومزارع الامام الحسين والساقي للعتبة الحسينية في صحراء كربلاء ، واذا ماتوفر التخطيط السليم والادارة الناجحة يمكن ان تشكل المياه الجوفية خزين استراتيجي في استثمار مساحات شاسعة للزراعة وصولا للاكتفاء الذاتي في توفير القمح والشعير والخضروات والاعلاف وحتى النخيل وبعض انواع الفاكهة .
3- تحلية مياه البحر
يطل أقليم الوسط والجنوب على الخليج في مناطق الفاو وام قصر وخور الزبير بساحل طوله 58 كم ، وهذا الساحل يمثل بوابة العراق والمنفذ البحري الوحيد على العالم ، ويمكن للأقليم الاستفادة من من تحلية مياه البحر كمخزون احتياطي ومورد مائي آخر لسد احتياجات السكان والصناعة كما هو معمول به في دول الخليج منذ عشرات السنين .
4- مياه الامطار والمجاري
من الحلول الاستراتيجية ايضا المعتمدة في بعض الدول الاوربية هو الاستفادة من تدوير مياه الامطار والمجاري والاستفادة منها للاغراض الزراعية والري
5- السدود
اذا مابقيت مياه دجلة والفرات يتدفقان ولو بنسب قليلة يمكن اقامة سد الفاو – شط العرب وهي المنطقة التي يلتقي بها مياه شط العرب الحلوة مع مياه البحر المالحة ، وعزلها عن البحر وحصرها في شط العرب والانهار المتفرعة منه في مناطق ابي الخصيب والسيبة والتنومة جنوب البصرة ، كذلك يمكن اقامة السدود على مجاري السيول المطرية في صحاري الأقليم والاستفادة منها في الري والزراعة
6- المنافذ البحرية والبرية والجوية
تضم البصرة ثلاثة موانئ أخرى الى جانب ميناء ام قصر وهما موانئ الفاو والمعقل وابو فلوس، ففي عام 1965 تم إنشاء ميناء أم قصر. وشهد عام 1989 إنجاز مشروع بناء ميناء خور الزبير الذي يحتوي على أرصفة صناعية ومخازن لخامات الحديد والفوسفات وسماد اليوريا، وفي عام 1976 تم إنشاء ميناء أبو فلوس على الضفة الغربية لشط العرب ضمن قضاء أبي الخصيب، ويعد حالياً من أنشط الموانئ التجارية على الرغم من صغر مساحته وعدم قدرته على استيعاب البواخر الكبيرة.
آخر الموانئ، التي بدأ العمل بإنشائها هو ميناء الفاو الكبير، الذي يعتبر من أكبر الموانئ في شمال الخليج العربي. وقد تم وضع حجر الأساس له في شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة في أبريل/نيسان 2010. ويقع الميناء في منطقة رأس البيشة في محافظة البصرة على الخليج العربي ومن المتوقع أن يغير من خارطة النقل البحري العالمية، لأنه سينقل البضائع من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق وبالعكس بدلا عن قناة السويس، وذلك عن طريق القناة الجافة (خطوط السكك الحديدية). حسبما يقول خبراء بحريون عراقيون .
أما ايرادات هذه الموانئ ، لاتوجد ارقام دقيقة بسبب الفساد وتواطىء وزارتي النقل والمالية ، ولكن بعض الخبراء في وازرة النقل يقدرونها بحدود ( 2 مليار ) دولار سنويا .
منفذ سفوان الحدودي
ويربط بين الكويت والبصرة ويعتبر من المنافذ التجارية والسياحية الهامة وتبلغ ايراداته حسب بعض الخبرلء ايضا سنويا بحدود 500 مليون دولار سنويا
منافذ المنذرية و مندلي سولار و الزرباطية و الشيب و الشلامچة
وجميع هذه المنافذ تربط أقليم الوسط والجنوب مع الجمهورية الاسلامية في ايران وهي منافذ تجارية وسياحية مهمة وتقدر مواردها سنويا جميعا حسب بعض الخبراء بملغ لايقل عن ( 1 مليار ) دولار سنويا
منفذ عرعر
ويربط الاقليم عن طريق كربلاء مع المملكة العربية السعودية
منفذ النخيب
ويربط الاقليم مع الجمهورية العربية السورية عن طريق كربلاء
منفذ H3
ويربط الاقليم مع المملكة الاردنية الهاشمية عن طريق كربلاء
مطار البصرة الدولي
مطار النجف الدولي
مطار كربلاء الدولي
وتعد هذه المنافذ الجوية والبرية والبحرية المهمة بوابة العراق والأقليم الى العالم الخارجي وتوفر للأقليم ايرادات مالية كبيرة جدا ، وبسبب الفساد لاتتوفر لدينا أرقام دقيقة ، ولكن وفقا للتقديرات لاتقل عن ( 5 مليار ) دولار سنويا
7- الطاقة المتجددة
يتمتع أقليم الوسط والجنوب بمساحات شاسعة من الصحاري والبراري ذات درجات الحرارة العالية بمعدل ( 50 درجة ) صيفا والمعتدلة شتاءا ، يمكن استثمارها في انتاج الطاقة الكهربائية عن طريق المراوح الهوائية أو الالواح الشمسية ، علما كل ( 4800 لوح شمسي ، لدائرة مساحة قطرها 100 متر مربع ) من الالواح الشمسية الإستشعارية المتحركة ( حسب حركة الشمس ) تنتج سنويا ( 2 مليون ) كيلواط / ساعة ، وهو مايعادل استخدام الكهرباء لـ ( 300 ) إسرة في السنة ، ويمكن استخدام الفائض السكاني من الطاقة المتجددة للاغراض الصناعية و التصدير .
8- المعادن الاخرى
الكبريت : مثلما يوجد بكميات كبيرة في محافظات الرمادي والموصل وتكريت كذلك يوجد في كربلاء وكذلك يعتبر أقليم الوسط والجنوب من المناطق الغنية في المعادن ( التي لم تكتشف ولم تستثمر أي انها تشكل فرص استثمارية واعدة في المستقبل ) مثل الحديد ، والذهب ، والفضة ، والفوسفات د والرصاص ، والنحاس ، واليورانيوم
9- الصناعة
يمكن لأقليم الوسط والجنوب ان يكون مركزا صناعيا مهما في العراق والمنطقة نظرا لتمتعه بالامن والاستقرار النسبين ، واطلالته على البحر وفضاء جيوجغرافي من 5 دول إقليمية ، فاذا ما توفرت الارادة المخلصة والسياسات التخطيطية في خلق الفرص الاستثمارية لإعادة بناء بنيته التحية الصناعية المتعددة وعلى رأسها صناعات النفط والغاز والبتروكيمياويات والحديد والصلب وتجميع السيارات والجرارات الثقيلة وصناعات التجزئة وغيرها من الصناعات المحلية الاخرى
الـفـيـدرالـيـة الاقـتـصـاديـة
الفيدرالية بالمفهوم السياسي هي شكل من اشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة بين حكومة اتحادية وأقاليم وفي المقابل لايوجد شيء اسمه الفيدرالية الاقتصادية كـ “إصطلاح ” في القاموس السياسي أو الاقتصادي ولكن هذ الاصطلاح مبتدع تولّد من رحم الحاجة في فض النزاع وانهاء الصراع في العراق المكوناتي بسبب إنعدام العدالة في تقاسم الثروة والسلطة ، وبالتالي يمكننا تلخيص الفيدرالية الاقتصادية عمليا بعيدا عن التنظير بما يلي :
1- تقسم الميزانية الاتحادية بين الحكومة الاتحادية والاقليم على أساس النسبة السكانية
2- منح الاقليم حصة وازنة من انتاج وتصدير النفط والغاز والمعادن من باطن أرضه
3- منح الاقليم حصة وازنة أخرى من عائدات المنافذ الحدودية
4- منح الاقليم حصة وازنة من ضرائب الدخل والعقار وشركات الانترنيت والشركات الاستثمارية العاملة داخل الأقليم
5- منح الاقليم الحرية والاستقلالية المطلقة في الاستثمار الصناعي والزراعي والسياحي والتجاري والمالي والتعليم والصحة داخل الاقليم
هذا الموجز الملخص من التقاسم في الثروات والاستثمار والضرائب بين الحكومة الاتحادية والأقليم وتبادل المنفعة مع الأقاليم الاخرى يمكننا أن نطلق عليه تسمية ” الفيدرالية الاقتصادية ” .