من هي “ام القرى”؟ .. ولماذا؟ .. وما هي دعوات التقسيم الشيعي؟
بقلم: محمد الياسري
العصر-ورد لفظ “ام القرى” في القرأن الكريم وفي الاحاديث الشريفة بكثرة والتصور العام يذهب الى مكة المكرمة كمكان مقدس فيما الرؤية الدقيقة لدى بعض المختصين والمفسرين تشير الى ان “ام القرى” هو الحكومة الاسلامية والتي تطبق الشريعة الاسلامية بشكل دقيق .
ومن هذا المقدمة يتبين ان “ام القرى” ليست مكانا محددا بل يدور حيث مدار النظام الاسلامي وتطبيق روح الاسلام العملية وليس شعارات ترفع .. واليوم نلاحظ بأن الدولة الوحيدة التي لديها نظام اسلامي وتعمل بقانون اسلامي وعلى رأس النظام فقيه جامع للشرائط .. وبالتالي استحقت ايران لقب “ام القرى” كدولة ونظام وقانون ومجتمع اسلامي اغلبيته العظمى متلزمة بمبادئ الاسلام.
دستور الجمهورية الاسلامية تشكل من روح الاسلام الاصولي المعتدل وكتب بشكل قانوني وخضع للاستفتاء الشعبي وبالتالي حقق شروط اقامة الدولة الاسلامية .. ففي المادة الاولى حدد نتيجة الاستفتاء الشعبي وفي المادة الثانية ركز على اصول الدين الاسلامي .. فيما جاءت المادة الثالثة لتحديد اصول المواجهة مع الاستكبار العالمي والتشديد على عدم الخضوع للكفار وهذا أحد أهم المباني الاسلامية .. أما المادة الرابعة أرجعت جميع القرارات الى مصادقة الفقهاء في مجلس صيانة الدستور .. والمادة الخامسة وهي الاهم (فـي زمن غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة 107) وهذه تمثل روح الاسلام وشموليته وامكانية تطبيقه في كل العصور والازمنة باعتباره خاتم الاديان .
اما من الناحية العملية .. فقد طبقت ايران الاسلام مبادئ الشريعة منذ انطلاق الثورة الاسلامية وحتى بعد تأسيس النظام الاسلامي ومنها مواجهة اميركا والكيان الصهيوني والغرب وهذا منهج المعصومين عليهم السلام وكذلك مساعدة المستضعفين سواء في لبنان وافغانستان وشيعة العراق وهي بنفس الوقت تواجه حرب مفروضة عليها من النظام البعثي وتعاني من الحصار المشدد ولكن ذلك لم يمنعها من مساعدة لبنان وافغانستان وحتى ان الاتحاد السوفيتي سابقا أراد مقايضة الجمهورية الاسلامية عندما كان محتلا لافغانستان وطلب من ايران ايقاف تزويد المجاهدين بالاسلحة مقابل وقف امداد الاسلحة للعراق ولكنها رفضت وكذلك في لبنان أصرت على دعم المقاومة اللبنانية رغم الحرب المفروضة .. هذا في الايام الاولى .. واليوم وقف الجميع ضد سوريا ولكنها وقفت بجانبها وساعدتها رغم مرارة الحصار الجائر وكذلك اليمن المظلوم بل ذهبت ابعد من ذلك لمساعدة فنزويلا التي تواجه حصارا غربيا قاسيا .
وفي فلسطين المحتلة نجد ايران تقدم كل ماتملك لاجل الفصائل الفلسطينية التي هي سنية وليست شيعية لاجل مواجهة الكيان الصهيوني وقدمت افضل أسلحتها وتقدم المساعدات المالية بشكل متواصل رغم الحصار الغربي بل ان أهم اسباب الحصار هو الدعم الايراني للفلسطينيين .. وهذا يؤكد اهتمام ايران بالعالم الاسلامي وبالمسلمين مما يجعلها ان تكون “ام القرى” بشكل حقيقي .
اما دعوات تقسيم للشيعة فقد رأينا في الاونة الاخيرة خطاب للسيد عمار الحكيم تضمن ما يسمى بـ “الوطنية الشيعية” فنقول ياسيدنا الجليل ان خطابكم فيه الكثير من الابهام .. فأن دعوتكم للشيعة للانخراط في دولهم وعدم الاستيراد من الاخرين فيه ظلم واجحاف كبير بحق ايران اولا وبحق الشيعة .. فعلى سبيل المثال كان في العراق نظام ديكتاتوريا منع الشيعة من ممارسة ابسط حقوقهم الدينية وليس السياسية فحسب وهذا ما دعا الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر لمواجهة النظام البعثي ودفع عمكم الشهيد السيد محمد باقر الحكيم ووالدكم الراحل السيد عبد العزيز الحكيم بمغادرة العراق والذهاب الى ايران لمواجهة النظام المقبور ورغم تطبيع العلاقات بين البلدين بعد الحرب المفروضة على ايران .. لم تمنعهم طهران من مواصلة الجهاد بل استمرت في دعمهم وحمايتهم .. اما في البحرين فقد اعتقل النظام الخليفي اغلب قيادات الشيعية وأودعهم في السجون وشرد الالاف منهم الى خارج البلاد .. فهل عليهم ان يعودوا للنظام ليقتلهم او يزجهم بالسجون؟ .. اما النظام السعودي ورغم اتفاق ملك السعودية الاسبق “فهد” مع المعارضة الشيعية في تسعينيات القرن الماضي لكن كما ترى اليوم قد تهدمت حتى منازلهم في العوامية لانهم يطالبون بأبسط الخدمات فكيف يمكنهم الانخراط في صفوف النظام الذي يكفر الشيعة ويهدم مراقد أئمتهم في البقيع .. سيدنا الجليل دعوتكم للانخراط في الدولة هذه تكون في الانظمة الديمقراطية التي تعتمد الانتخابات مثل النظام السياسي العراقي اليوم وليس أنظمة الخليج التي لم تعرف معنى الانتخابات ..
وفيما يتعلق بولاية الفقيه فقد كان عمكم شهيد المحراب من أهم الداعين لولاية الفقيه في العراق بل وصف الامام الخميني “قدس” والامام الخامنئي “حفظه الله” بانهما نائبي الامام المهدي “عليه السلام” وكذلك في كتبه وخصوصا “الجماعة الصالحة” و “الحكم الاسلامي بين النظرية والتطبيق” و “المنهاج الثقافي” اكد بشكل واضح على ان العمل الاسلامي بدون وجود فقيه جامع للشرائط يعتبر حرام شرعا .. وبحسب معرفتي انكم تتبنون منهج عمكم ووالدكم “قدس الله سرهما” ورؤيتكم هذه تخالف منهجهما قولا وفعلا.