أحدث الأخبارالإماراتالخليج الفارسية

مِنَ البَيتِ الإِبرَاهِيمِي إِلَى الدِّينِ الإِبرَاهِيمِي

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

نتابع هذا الدَّجل المفضوح، والكذب العجيب الغريب في هذه الأيام بهذا الحديث عن الدِّين المخترع الذي يُحاولون لَصقه بأبينا إبراهيم الخليل (ع) الذي كان أصل الشجرة المباركة الطيبة التي ضربها الله مثلاً في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (إبراهيم: 25)
كما جعله قدوة وأسوة لنا في الخير والفضيلة وأكبر وأعظم فضيلة هي التوحيد فكان بحق بطل التوحيد في التاريخ، في قوله سبحانه: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (الممتحنة: 4)
هذا العَلَم الكبير، والطَّود الشَّامخ الذي يتفرع وينتسب إليه الأنبياء والمرسلين (ع) جعله هؤلاء الأشقياء حجة لتسويق الكفر والشرك بأقبح صوره في القرن الواحد وعشرين حيث الحضارة الرقمية والتطور العلمي الهائل، وراحوا يُسوِّقون هذا الدَّجل ليضحكوا به على البسطاء والسذَّج من البشر لا سيما هذه الأمة الإسلامية المرحومة..
وسبحان الله وكأن الله تعالى أنزل كل هذه الآيات التي تتحدث عن أبينا إبراهيم (ع) وكنتُ أتساءل في نفسي عنها وأقول: لماذا هذا التأكيد من الآيات الكريمة على هذه المسألة الغائرة في عمق التاريخ؟، ولماذا الحديث عن إبراهيم (ع) وجاء بعده كل هؤلاء الأنبياء والرسل والأولياء؟
واليوم جاءني الجواب عن كل ما كنتُ أسأله وأبحثُ عنه بل رأيته متجسداً في هذه الدَّعوات الشيطانية الضَّالة المضلة التي نسمعها وراح يلوكها كل إنسان وكأنها فعلاً دعوة للإصلاح، والسلام، والأمن، والتعاطف، والتآلف، والمحبة بين البشر..
وهي دعوة باطل أُريد بها باطل بمحاولة من أصحابها وموِّجيها لدفن الحق عن وجه البسيطة، لأنها دعوة للرجوع والعودة إلى خمسة آلاف من قبل، ونحن إذا تحدَّثنا لهم عن خمس سنوات إلى بعد ونقول لهم: أنه لا بدَّ من ظهور إنسان راقي جداً من نسل أرقى الخلق وأعظم الخليقة رسول الله محمد (ص) بشَّنا به، ولدينا تراث من الأحاديث والروايات تكوِّن موسوعات وتشمل أكثر من ستة آلاف رواية تتحدَّث عن ذلك المصلح العالمي والقائد الكوني الذي ادخره الله لآخر الزمان، يثوروا ويخوروا ويرموننا بكل أنواع التهم الباطلة، بل وشنُّوا علينا أشرس وابشع حرب عرفتها البشرية منذ فجرها الأول مع آدم الأول (ع)، ولا أستبعد إذا فشل هؤلاء الأشقياء – وأُأكد لكم فشلهم – أن يظهر لنا المشروع بثوب آخر باسم نبي الله نوح (ع)، ثم أبونا آدم (ع) باسم الأنسنة وهي الدعوة التي أطلقوها في نهاية القرن الماضي وكانت مقترنة مع نظريات نهاية التاريخ لفوكوياما، وصراع الحضارات لصموئيل هانتنغتون، ولا تستغربون أنهم كلهم يهود وصهاينة.
فالمسألة – يا أمتي المرحومة – ليست مسألة إبراهيم الخليل (ع) فنحن أولى الناس به، قال تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (آل عمران: 71)
وأرجوكم تأملوا في هذه الآيات الكريمة الحكيمة ألا ترد على كل هذه الدعاوي وتُبطلها من أساسها؟ ألا تُشعرنا بأنها تتحدَّث لنا لتقول بلسان طلق زلق: إبراهيم أبوكم وأنتم أولى به من كل مَنْ يدَّعي وصلاً واتصالاً به، لأنكم أبناؤه وأتباعه، لا سيما رسول الله محمد (ص) فهو حفيده ومحيي دينه الحنيف، وصاحب الدِّين الذي سمَّاه إبراهيم (الإسلام)، فعلينا مراجعة كل الآيات والسور القرآنية التي تتحدث عن إبراهيم (ع) لمعرفة كيف نُخاطب ونردُّ هؤلاء على أعقابهم خائبين خاسرين، ونُفشل دعوتهم ونُظهرها على حقيقتها من أنها دعوة سياسية لا علاقة لها بالدِّين فهي فكرة صهيونية التي نبعت من التلمود والبروتوكولات الصهيونية لضرب الدين الإسلامي بعدما ضربوا المسيحية ضربة قاضية وجعلوها يهودية مخففة، وصارت أُمة السيد المسيح خُداماً للمشروع الماسوني العالمي.
والآن جاء الدور لضرب الدِّين الإسلامي بهذه الدعوة الباطلة عقلاً ونقلاً وبكل المقاييس حيث بدأت بالبيت الإبراهيمي، ولن تنتهي بالدِّين الإبراهيمي، بل تنتهي المسألة بهذا الشكل ولن يرضوا إلا بملئ الأرض بالفساد استعداداً لظهور الماشيح (المسيح) اليهودي، فهم قتلوا المسيح كما يعتقدون بالباطل، ويُحاولون اليوم قتل الإمام المهدي (عج) الذي يؤمن بها المسلمون.
فهل يفهم المسلمون فحوى هذه الدعوى الباطلة الموجة إليهم لقتل إمامهم وقائدهم المنتظر؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى