أحدث الأخبارشؤون امريكية

هذه واشنطن أو معسكر؟

مجلة تحليلات العصر - الحسين أحمد كريمو

في هذه الأيام التي اقترب فيها تحويل السلطة في البيت الأسود من ترامب الجمهوري، إلى جوزيف بايدن الديمقراطي، وكلاهما وجهان لسياسة واحدة تمثل أبشع صور الطغيان والإجرام والإرهاب العالمي، والفرق واحد فقط هو أن وقاحة الإدارة الماضية ليست معهودة وطغيان ترامب غير معقول، وحبه للنفط، وعبادته للمال، مما جعله يعيش نوعاً من جنون العظمة هو أبشعها لأنها اقترنت بسلطة عالمية، وقوة نووية هائلة..
وفي ظل هذه الظروف القلقة لأمريكا عامة والعاصمة واشنطن خاصة والإجراءات الأمنية والاستنفار الكبير والصَّبات الإسمنتية، والسيطرات الثابتة، والتفتيش الدقيق كل ذلك ليس معهوداً في عاصمة إمبراطورية الشر العالمي والشيطان الأكبر.
وهذه المناظر ذكَّرتني في بداية القرن الحالي وبعد سقوط طاغية بغداد القبور كان لي شرف الزيارة الأولى إلى العراق فوصلنا ليلاً إلى الحلة (بابل)، حيث كان من المقرر أن ننام فيها ثم ننطلق صباحاً منها إلى كربلاء، فكان ما لَفَتَ نظري كثرة الحواجز والسيطرات، والانتشار العسكري في كل مكان فقلتُ للأخ الذي نزلنا عنده: الله يساعدكم كيف عايشين في مثل هذه الحالة؟ فضحك وقال لي: جاييكم السَّرى أي الدَّور..
فقلتُ: مستحيل عندنا يصير ذلك، ولكن بعد سنوات قليلة رأينا دمشق والشام كما قال ذاك الأخ، وصارت السيطرات في كل شارع، والصَّبات الإسمنتية في كل مكان.. بسبب قطعان الظلم والظلام الصهيووهابية المجرمة التي صنعوها، ودربوها، وسلحوها، وجابوها مع عناصر (بلاك ووتر) إلينا لتعيث في الأرض فساداً وإفساداً وتقتل العباد، وتُدمِّر البلاد بأمرهم ومشورتهم..
واليوم نرى عاصمة الإرهاب العالمي واشنطن بنفس الحالة والوضع الذي جعلونا فيه حيث حوَّلوا الحياة في المدن إلى ثكنات عسكرية، فكنا ندعو ونسمع الداعين يقولون: اللهم افعل بهم كما فعلوا بنا، وأحيهم كحياتنا، وأرهم سوء فعلتهم ببلادهم وشعوبهم كما فعلوا بنا..
سبحان الله وأقسم ما كنتُ أنا ولا أحد في العالم يُصدِّق أنْ يرى تلك المناظر في قلب واشنطن، وفي قلعتها، ورمزها (الكابتول)، ولكن جاء اليوم الذي تكون فيه واشنطن مثل كابل، وبغداد، ودمشق، وبيروت، وسيأتي اليوم التي تتحول تلك العواصم التي تَرسم الشَّر وتُرسله إلى عواصم ومدن العالم لتدمرها وقتل شعبها، فسيأتيها الخراب والدمار على أيدي أبنائها بلا شك ولا ريب لأن الله سبحانه عادل، ويمدُّ للظالمين ففي الحديث القدسي: (الظالم سيفي انتقم به ثم أنتقم منه)، وتلك هي سنن الله في الخلق وصدق ربنا حيث يقول: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 140)
هذه دروس يجب أن يعيها الجميع لا سيما رُعاة البِعران من صبيان العوائل المتسلطة والمتحكمة على هذه الشعوب الفقيرة المغلوبة، وليتذكروا أنهم لا أحد يستطيع أن يحميهم عندما ينهض شعوبهم ليقتلعهم ويرمي بهم في مزابل التاريخ، والشعوب كالتاريخ لا ترحم الخونة والجناة عليها بل ستفضحهم وتنال منهم مهما تطاول الليل والظلام فلا بدَّ من بزوغ الفجر وطلوع شمس الحقيقة ونهار الشعوب المظلومة وعندها لن يبقَ خائن جبان، ولا حاكم ظلوم جهول يُلقي بنفسه تحت أقدام أعدائه من الصهاينة ليحموه من شعبه وأهله الذين يستضعفهم ويُذلهم ويكون أذل من جُرذ وأخسأ من فأر أمام الصهاينة والمتصهينين الجدد من حثالات العالم وسقاطاتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى