هل ترد موسكو بضربة نووية على العدوان الأوكراني ضد بريدنيستروفيه؟
ألكسندر نازاروف
العصر- إن واشنطن لترغب في ذلك حقا. بل إنه من أجل ذلك (إضافة إلى مستودعات الأسلحة السوفيتية العملاقة في قرية كولباسنا) بدأ هذا الاستفزاز، وتم نقل القوات الأوكرانية إلى حدود بريدنيستروفيه.
🔸القوات الرومانية هي الأخرى تتحرك في نفس الاتجاه. تتوقع الحسابات بأن الاستيلاء الناجح على بريدنيستروفيه سيضر بسمعة روسيا وبوتين شخصيا ضررا كبيرا، ما سيضعف معنويات القوات الروسية ويهز الاستقرار الداخلي في روسيا.
▪️علاوة على ذلك، فإن الانتقال إلى مستوى أعلى من العمليات العسكرية ذات الضربات المحتملة على أراضي مولدوفا سيعقد علاقات موسكو مع الصين والهند وغيرها من البلدان المحايدة، التي يعتمد عليها الرخاء الاقتصادي لروسيا. لا سيما ينطبق ذلك على الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية، التي سيكون ضرر استخدامها بالنسبة لروسيا أكثر من نفعه.
يفصل منطقة بريدنيستروفيه عن روسيا 230 كيلومتر من أراضي أوكرانيا، بما في ذلك عدد من الأنهار، بما في ذلك نهر دنيبر، وهي أنهار يصعب عبورها. أي أن روسيا لن تكون قادرة فورا على حماية الجمهورية من الهجوم البري الأوكراني، إلا باستخدام الأسلحة النووية أو بعض التدابير السياسية والدبلوماسية الاستثنائية.
ربما يكون الشيء الوحيد الذي لا يزال يقيّد الهجوم الأوكراني هو تقلبات مولدوفا، والتي يجب أن تسمح لأوكرانيا بإجراء عملية عسكرية ضد “الانفصاليين” من بريدنيستروفيه. خلافا لذلك، ستصبح أوكرانيا دولة معتدية، وهو ما سيكون له بالغ الضرر بصورتها على مستوى السياسة الخارجية.
🔸يترأس مولدوفا مواطنة رومانية موالية للولايات المتحدة الأمريكية هي مايا ساندو، والتي تهدف إلى توحيد مولدوفا مع رومانيا. ومع ذلك، فإنها تتمتع بأصوات ثلث الناخبين فقط، فيما يريد ثلث آخر أن يرى مولدوفا مستقلة عن رومانيا وروسيا، والثلث الثالث يريد الاقتراب من روسيا.
بمعنى أن البلاد منقسمة، شأنها شأن أوكرانيا قبل الحرب، وتحلم واشنطن بضربة روسية إلى مولدوفا، ومن الناحية النموذجية أن تكون ضربة نووية من شأنها أن تدمر سياسيا القوى الموالية لروسيا داخل مولدوفا، وتحول البلاد إلى معقل معاد لروسيا.
لكن، وفي حالة الموافقة على الاستفزاز الأوكراني من جانب ساندو، فلن يكون بإمكانها التأكد من حدوث هذا السيناريو المفضل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أي سيناريو آخر. في الوقت نفسه، تجري في مولدوفا مسيرات مناهضة للحكومة بشكل يومي تقريبا، بينما يمكن أن تخسر الجمهورية الغاز الروسي، والأهم من ذلك، فإنه وحال التورط في الحرب بأوكرانيا إلى جانب الغرب، فإن مولدوفا لن تكون بمأمن من الانضمام إلى روسيا، أو من انهيار الدولة على أقل تقدير. وفي حال انتصار روسيا، وذلك احتمال كبير للغاية، دعونا نتذكر أنه إضافة إلى بريدنيستروفيه، هناك كذلك إقليم غاغاوز ذو الحكم الذاتي، والمتعاطف أيضا مع روسيا.
شخصيا، أذهب إلى استبعاد الضربة النووية بالتأكيد. علاوة على ذلك، يبدو لي أن روسيا لن تتخذ أي تدابير استجابة خاصة على الإطلاق.
إننا نرى الآن التصعيد السريع للضغط الأمريكي على الصين، والذي يلجأ لاستخدام أي ذرائع، وإذا ما استمر الأمر على هذا النحو، فسيجبر ذلك الصين قريبا على الانتقال من نظام التهرب إلى نظام المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ينطوي على ارتفاع حاد في التفاعل مع روسيا، بما في ذلك إمداد محتمل بالأسلحة والسلع التكنولوجية.
ولا يتعين على روسيا أن تعرقل هذا المسار، فيما يمكن أن يلحق “العدوان” ضد مولدوفا الضرر بوضع موسكو في هذا الشأن.
تجدر الإشارة هنا إلى أن تكتل مدينة خيرسون، وهي أراض روسية رسميا، يبلغ عدد سكانه أكثر من سكان بريدنيستروفيه، غير المدرجة ضمن روسيا، على الرغم من أن حوالي 220 مواطن روسي يقطنون الجمهورية. وقد غادرت القوات الروسية خيرسون في الخريف الماضي، ويبدو أن القيادة الروسية تتعامل مع هذا كحدث محلي على المستوى التكتيكي، مفضلة إنقاذ حياة الجنود، والتخلي عن الإقليم مؤقتا. وسوف يتم استعادة خيرسون لاحقا، وهو المصير الذي أظنه ينتظر بريدنيستروفيه.
من المحتمل أن تتركز جهود موسكو على التدابير السياسية والدبلوماسية لشرح العواقب المحتملة لمولدوفا حال الموافقة على الاستفزاز الأوكراني.
بشكل عام، وفي رأيي المتواضع، أعتقد أن روسيا حتى خريف عام 2023 ستكون في وضع الدفاع الاستراتيجي. أما في الخريف، أتوقع تدهورا حادا في الوضع الاقتصادي في الغرب، بما في ذلك استئناف نمو التضخم. إضافة إلى ذلك، سيبدأ الصراع الانتخابي في الولايات المتحدة، ما سيؤدي إلى تفاقم الشأن الصيني، كما يمكن أن يطيح الفشل الأوكراني بجو بايدن. ويعلم الله بأي درجة من السلمية سيمر الصراع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة ومواجهة الولايات المتحدة والصين، لكني أعتقد أن قضية أوكرانيا ستتراجع عن كونها أولوية للولايات المتحدة في عام 2024.
🔸✨. بطريقة أو بأخرى، أقترح التعامل مع جميع الأحداث بهدوء، بما في ذلك ما يحدث حول بريدنيستروفيه، وباستثناء ما يحدث على جبهة زابوروجيه. فإذا تمكن الجيش الأوكراني من اختراق تلك الجبهة، والوصول إلى بحر آزوف، حينها سأبدأ القلق قليلا، ولكني أعتقد أن ذلك لن يحدث، ولدينا الآن رفاهية تحمل الانتظار.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى العكس، عليها بالإسراع لأن لديها ستة أشهر بحد أقصى للانتصار على روسيا، ومن هنا تأتي الزيادة في الإمداد بالأسلحة الغربية وجميع محاولات إجبار كييف على القيام بهجوم. وإذا لم تبدأ أوكرانيا في الانتصار، فستريد واشنطن في الخريف تجميد الصراع، على الأقل حتى نهاية الانتخابات. ومع ذلك، لسبب ما يبدو لي أنه عندئذ ستبدأ أحداث أكثر إثارة للاهتمام.